في الوقت الذي يتجه أنظار العالم إلى اتفاقية التجارة العالمية عبر المحيط الهادي، والتي تعد من أكبر الاتفاقيات الاستثمارية في العالم، طالبت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، بسرعة إبرام اتفاق بشأن منطقة التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة قبل نهاية ولاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما نهاية العام المقبل. وأوضحت "ميركل"، أننا بحاجة لتسريع المحادثات بشأن منطقة التجارة الحرة عبر الأطلسي، وأنه لا يزال هدفنا اتخاذ هذا القرار السياسي خلال فترة رئاسة أوباما". وتعود تفاصيل الاتفاقية إلى موافقة واشنطن و11 دولة أخرى مطلة على المحيط الهادي، حول اتفاقية بشأن تحرير التجارة عبر الهادي. وتعد تلك الاتفاقية هي آلة لتدبير العلاقات التجارية والاستثمارية بين الدول المتفاوضة، ومن المتعارف عليه أنه بناءً على القضايا الرئيسية التي شكلت عقبة أمام المتفاوضين، فإن الشراكة عبر الهادي لا تتعلق بتحرير التجارة. فقد هددت نيوزيلندا بالانسحاب من الاتفاقية بسبب الطريقة التي تدير بها كنداوالولاياتالمتحدة تجارة منتجات الألبان، وأستراليا ليست راضية عن الكيفية التي تدير بها الولاياتالمتحدة والمكسيك تجارة السكر، وواشنطن ليست سعيدة بالطريقة التي تدير بها اليابان تجارة الأرز. لعنة التجارة الحرة وتشمل الاتفاقية بعض الصناعات المدعومة بكتل تصويتية كبيرة من بعض الدول التي تدافع بها الشراكة عبر الهادي عن أجندة تتعارض مع التجارة الحرة. إضافة إلى ذلك شملت الاتفاقية على "تمديد حقوق الملكية الفكرية لفائدة كبريات شركات الأدوية حسب ما كشفته التسريبات المتعلقة بالنصوص التي جرى التفاوض بشأنها". وقد أظهرت دراسة اقتصادية بشكل واضح كيف أن حقوق الملكية الفكرية المتفاوض بشأنها تشجع إنجاز بحوث ضعيفة في أفضل الحالات، بل هناك من الأدلة ما يشير إلى العكس، فعندما أبطلت المحكمة العليا في أمريكا عددًا لا حصر له من براءات الاختراع المرتبطة بجين "بي آر سي أي" أدى ذلك إلى موجة من الإبداع أسفرت عن ابتكار فحوصات أفضل وبتكاليف أقل. ولكن حقيقة الأمر أن بنود اتفقية الشراكة عبر الهادي، من الممكن أن تؤدي إلى تقييد المنافسة المفتوحة، وتزيد الأسعار على المستهلكين في أمريكا وفي مختلف أنحاء العالم. والواقع أن الفقرات الواردة في اتفاق الشراكة عبر الهادي قد تؤدي إلى تقييد المنافسة المفتوحة، وتزيد الأسعار على المستهلكين في أميركا وفي مختلف أنحاء العالم. إنها لعنة التجارة الحرة. وبمقتضى اتفاقية الشراكة عبر الهادي فإن تجارة المستحضرات الصيدلانية ستدار عبر مجموعة متنوعة من القواعد التي تم تغييرها في سرية، وتشمل قضايا من قبيل "ربط براءات الاختراع" و"حصرية البيانات"، و"المواد البيولوجية" وستتضمن الاتفاقية أيضًا على السماح لشركات الأدوية بتوسيع احتكاراتها للأدوية الحاصلة على براءات اختراع، وهو ما سيبقي الأدوية الرخيصة الثمن بعيدًا عن متناول المستهلكين. كما ستمنع هذه الاتفاقية الأدوية البيولوجية لعدة سنوات من دخول سباق المنافسة عبر طرح أدوية جديدة، وهذه هي الكيفية التي ستدير بها الشراكة عبر الهادي تجارة الأدوية إذا نجحت الولاياتالمتحدة في فرض إرادتها. وبموجب أنظمة تسوية المنازعات المتبعة في دول المستثمر الأجنبي تكتسب الشركات المستثمرة في دول ما حقوقا جديدة لمقاضاة الحكومات المحلية عن طريق تحكيم خاص ملزم لقيود تنظيمية ترى تلك الشركات بأنها تقلص الربحية المتوقعة لاستثماراتها.