10 ملايين كلب في شوارع المحروسة.. والقمامة السبب الرئيسي الوادي الجديد وأسوان في الصدارة بسبب الظهير الصحراوي الحكومة تستورد ب 800 ألف جنيه سم سنويًا والكيلو ب4 آلاف جنيه 300 جنيه تكلفة "إخصاء" الكلب الواحد تعاني مصر ظاهرة انتشار كلاب الشوارع في كافة المحافظات، الأمر الذي يهدد حياة المواطنين خاصة مرض السعار المميت، وتسعى الحكومة خلال العقود الثلاثة الماضية للقضاء على تلك الظاهرة، لكن دون جدوى. وتقف الحكومة عاجزة عن التعامل مع مشكلة كلاب الشوارع، في ظل تخصيص ميزانيات ضعيفة للقضاء على تلك الظاهرة بشكل علمي، لا يلقى اعتراضًا من قبل منظمات حقوق الحيوان التي ترفض قتل كلاب الشوارع نهائيًا. يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد محافظات مصر انتشار واسع لكلاب الشوارع، لاسيما وأن غالبيتها يطل على ظهير صحراوي، وهو ما ينذر بخطورة أكبر لاختلاط الكلاب بحيوانات برية أكثر شراسة، الأمر الذي يُمثل تهديدًا كبيرًا لسكان تلك المحافظات. ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية أو تقريبية حول كلاب الشوارع المنتشرة في محافظات الجمهورية، إلا أنها أصبحت ظاهرة تفرض نفسها في محيط تجمعات القمامة سواء في الريف أو المدن، وهو ما يفرض على الحكومة إيجاد حلول جذرية للتعامل مع تلك المشكلة، وبطرق غير تقليدية. "ماحدش يعرف عدد الكلاب الضالة ولا بشكل تقريبي".. يقول الدكتور حسن شفيق، رئيس الإدارة المركزية للمجازر والأمراض المشتركة السابق، إن مصر كانت تتعامل مع هذه الظاهرة مثل كافة دول العالم خلال السنوات الماضية، لكن تزايد أعدادها جعل مواجهتها ليس بالأمر السهل. وعن أسباب تزايد أعداد الكلاب الضالة، يضيف "شفيق"، أنه يرجع في المقام الأول إلى توافر الطعام لهم عن طريق القمامة، ووجود أماكن مهجورة وسيارات متروكة في الشوارع. وعن طرق المقاومة، يُشير: "كانت من خلال المواد السامة أو طلقات الخرطوش، وتلك الوسائل كانت تستخدم في جميع دول العالم، وحينما نجحت تلك الدول في مواجهة هذه الظاهرة، توقفوا عن القتل، والبدء في عمليات التعقيم الجراحي". ويوضح رئيس الإدارة المركزية للمجازر والأمراض المشتركة السابق، أن التعقيم الجراحي عبارة عن إزالة الأجهزة التناسلية للكلاب -الذكور والإناث- لمنع تكاثرهم، لافتًا إلى أن تكلفتها باهظة، وتتراوح بين 200 - 300 جنيه للكلب الواحد؛ لأن الكلب يحتاج إلى خياطة جراحية بتقنية عالية الدقة. ويؤكد الدكتور حسن شفيق، أن تكلفة السم وطلقة الخرطوش أقل بكثير من التعقيم الجراحي، خاصة في ظل انخفاض الميزانية، منوهًا بأن الطب البيطري لديه أولويات، خاصة وأنه المسؤول الوحيد عن ملف الكلاب الضالة، مؤكدًا أنه يجب أن يكون هناك دورًا لوزارتي الداخلية والصحة. ويقول "شفيق"، إن ميزانية الطب البيطري للمواد السامة تبلغ 800 ألف جنيه سنويًا، وتكلفة كيلو السم 4 آلاف جنيه، ويتم استيراد 200 كجم سنويًا، حيث يوضع السم على مخلفات المجازر، وبمجرد أكل الكلب للسم، يموت خلال 4 دقائق ، ثم تأتي المحليات لرفع الكلاب النافقة، ودفنها في مدافن صحية. ويُشير رئيس الإدارة المركزية للمجازر والأمراض المشتركة السابق، إلى أن مصر تنفق ملايين الجنيهات على علاج مرضى السعار، موضحًا أن الكلاب تنقل العديد من الأمراض، مطالبًا جمعيات الرفق بالحيوان بعدم مطالبة الحكومة بوقف الطرق القديمة، وأن عليهم تقديم حلول ومساعدة حقيقية بجانب إقامة حملة قومية على مستوى الجمهورية؛ لمكافحة ظاهرة الكلاب الضالة. من جانبه، يؤكد الدكتور هاني أبو بكر، مسؤول وحدة الرفق بالحيوان بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، أنهم حاولوا منذ عشر سنوات بمساعدة فريق أجنبي تقصي عدد الكلاب الضالة، لكن دون نتيجة؛ لوجود مناطق كثيرة في مصر لها ظهير صحراوي، موضحًا أن الأرقام التقريبية تشير إلى وجود بين 6 - 10 ملايين كلب ضال على مستوى الجمهورية. ويقول "أبوبكر"، إن الكلاب المملوكة لمواطنين ومحصنة ومسجلة بالطب البيطري، تبلغ 26 ألف كلب، وهناك آلاف الكلاب لدى أصحابها ولكنها غير مسجلة، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن أبرز الأمراض التي تنقل من الكلاب هي "السعار" وهو مرض مميت لمن يصاب به، حال لم يأخذ جرعات اللقاح. ويوضح مسؤول وحدة الرفق بالحيوان بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، أن هناك 20 مرضًا تنتقل بين الكلاب والإنسان منها الطفيلية، وتتسبب في مشاكل كبيرة للأطفال، وتحديدًا في القرى، حيث يتعايش الأطفال مع كلاب الشوارع بشكل عادي، وأمراض أخرى بكتيرية وفيروسية. وحول العلاج من مرض السعار، يُشير الدكتور هاني أبو بكر، إلى أنه يكون على 3 أسابيع من خلال مصل متواجد بالمستشفيات المركزية التابعة لوزارة الصحة بالمجان. وكشف "أبوبكر"، عن أن مصر شهدت 250 ألف عقر "عضة " من كلب خلال عام 2014، بالإضافة لمئات الاستغاثات من المدارس والمناطق السكنيه شهريًا من الكلاب الضالة، لافتًا إلى أن محافظتي الوادي الجديد وأسوان من أكثر المحافظات التي تعاني من انتشار الكلاب الضالة؛ بسبب الظهير الصحراوي. ويؤكد الدكتور هاني أبو بكر، أن "السلعوة" مسمى أطلقه المصريون، لكنه حيوان ناتج من تجاوب جنسي بين الكلاب مع الديابه والثعالب والحيوانات البرية)، وغالبًا ما تكون أكثر شراسة، وتهاجم الإنسان والثروة الحيوانية. من جهته، يرى اللواء دكتور أسامة سليم، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية السابق، أن مصر تواجه هجومًا عنيفًا من منظمات حقوق الحيوان التي تمارس ضغوطًا على الحكومات الأوربية، موضحًا أنه سابقًا كان يستخدم (سم الاستركنين) للقضاء على الكلاب، وهي الوسيلة الوحيدة بعد اختفاء الوسيلة القديمة التي كانت تتم عبر تطويق الكلاب وإعدامها في غرف الغاز، وكانت تقوم بذلك قوات شرطة الخيالة أو القتل بالخرطوش دون تغذيب. ويضيف "سليم"، أن عمليات التعقيم وتطعيم الكلاب الضالة ضد السعار، ثبت عدم جدواها؛ لأن الكلاب تعود مرة أخرى وتنتشر وتتكاثر، مؤكدًا على ضرورة منع انتشار القمامة بالشوارع، والحفاظ على نظافة البيئة. من جانبها، تقول منى خليل، رئيس إحدى جمعيات حقوق الحيوان، إن مشكلة الكلاب الضالة موجودة منذ أكثر من 70 عامًا، تتعامل خلالها الحكومة مع النتيجة تاركة الأسباب، مؤكدة أن السبب الرئيسي هو القمامة. وتضيف "خليل"، أن المصريين ليس لديهم أدنى ثقافة للتعامل مع الحيوانات، حتى أن سيدة أمريكية مهتمة بحقوق الحيوان، قدمت إلى مصر، واصطحبت كلب معها، وقامت بتحليل DNA له في أمريكا، واكتشفت أنه عبارة عن 7 أنواع مجنسة. ووجهت رئيس إحدى جمعيات حقوق الحيوان، اللوم لبعض المواطنين الذين يفتقدون لتحمل مسؤولية التربية وتكالفها، ما يضطرهم إلى إلقاء الحيوانات في الشارع. وانتقدت منى خليل، حلول الحكومة مثل الضرب بالنار والقتل بالسم، مستنكرة أن يكون من يقتل الكلاب هو الدكتور البيطري الذي من المفترض أن يعالجهم وفقًا لتعليمه الجامعي، متسائلة هل يجوز قتل أطفال الشوارع رغم الجرائم التي تنتج عنهم من سرقة وبلطجة وزنا؟. وتؤكد "خليل"، أن المشكلة في تزايد مستمر بسبب القمامة، منوهة بأن الخنازير التي كانت تتغذى عليها تم "دفنها في الجبال واترمى عليهم جير حي واتولع فيهم"، فأصبح جامع القمامة لا يذهب للمنازل سوى للحصول على المواد التي تصلح عملية إعادة تدويرها. وعن طرق المواجهة، شددت رئيس إحدى جمعيات حقوق الحيوان، على أن التعقيم هو الأفضل، وأن كافة دول العالم بما فيها الهند التي يزيد تعداد سكانها عن مليار و300 مليون نسمة، استخدمت تلط الطريقة، موضحة: "الحكومة في مصر ماعندهمش مقدرة عليه". واقترحت منى خليل، أن يقوم طلاب كلية الطب البيطري في سنوات التخرج، بعمل مشاريع التخرج عن عمليات تعقيم الكلاب، مشيرة إلى أن عشرات المنظمات عرضت المساعدة على مصر، وقدموا معدات وأدوات للتعقيم، لكن دون جدوى. واختتمت "خليل حديثها: "أصبحت سمعة مصر في الخارج في مجال حقوق الحيوان سيئة، فضلاً عن أن مصر مصنفة عالميًا كدولة فيها سعار".