"سيطرة الأيزيديين على منطقة سنجار، غرب الموصل العراقية، واستعادته من قبضة تنظيم داعش"، ليس حدثًا عاديًا يمر عبر وسائل الإعلام ويلقى في طي النسيان، بل هو نهاية لرحلة من العذاب والتهجير والآلام عاشها الأيزيديون، الذين يسترجعون وطنهم بالقوة كما أخذ بها". جرائم حرب وعمليات تطهير عرقي ارتكبها التنظيم الإرهابي ضد الإيزيديين، من ضمن ما اقترفه بحق قطاعات أخرى في العراق مثل (التركمان والصابئة المندائيين والكاكائية)، الأممالمتحدة نقلت صورة مرعبة للمشهد وفي بيان لها في مارس الماضي، قالت: إن "داعش ارتكب إبادة جماعية في سعيه للقضاء على الأقلية الإيزيدية، وحثت مجلس الأمن الدولي على إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية للنظر فيها". نصف مليون إنسان إيزيدي، يعتبرهم داعش ويراهم كفارًا، 500 ألف شخص شردوا في مخيمات بإقليم كردستان العراق بسبب الحملة الدموية التي مارسها التنظيم المتطرف ضدهم، والتي تضمنت اغتيال واختطاف واغتصاب وأسر المئات منهم رجالًا ونساءًا، والأرقام لا تتوقف عن سرد كوارث داعش، ووفقًا لصادق الشمري - مدير العلاقات والإعلام لتحالف نينوي الوطني، فقد "اغتصبت عصابات داعش في الموصل المئات من الفتيات البكر من الطائفة الإيزيدية، كما تتوالي الشهادات بشكل مستمر من قبل نساء أيزيديات هربن من أسر داعش عما تعرضن له من اغتصاب وتعذيب". ونقل موقع"يورو نيوز" الأوروبي عن واحدة منهم قولها: "كل أمراة إيزيدية تنقلت بين عشرة رجال من داعش، تم بيعنا بعشرة أو اثني عشر دولارًا". ووفقًا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، فقد شن داعش جرائم حرب ممنهجة ضد الفتيات والنساء الإيزيديات عبر اغتصابهن وبيعهن كسبايا، وفيما بينت أن هذه الجرائم ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية، أكدت أن الناجيات منهن يعانين حالات "الكآبة الحادة" وأقدم بعضهن على الانتحار ويحتجن إلى رعاية طبية كاملة، وبعد مقابلات أجرتها مع 20 امرأة وفتاة من اللواتي هربن من داعش، قالت "ما تزال هناك الكثيرات من النساء والفتيات في عداد المفقودين، ولكن الناجيات الموجودات الآن في كردستان بحاجة إلى رعاية نفسية وإنسانية وجوانب أخرى من المساعدة". الآن يعود الإيزيديون ليستردوا بأذرعهم وطلقات بنادقهم ودمائهم "سنجار" التي طردوا منها، هذه المدينة التي تتركز أهميتها الاستراتيجية في كونها واصلة بين حدود سوريا ومدينة الموصل العراقية، التي احتلها داعش الإرهابي، أي أن من يسيطر عليها يصل إلى الموصل بعد ذلك، كما يقطع طريق إمدادات السلاح والعتاد والرجال على داعش. والإيزيديون طائفة دينية تنتمي عرقيًا للأصول الكردية، ويتركزون بالعراقوسوريا، ويعيش أغلبهم قرب الموصل وسنجار، كما تتواجد مجموعات أصغر منهم في تركيا وألمانيا وجورجيا وأرمينيا، ويختلف الباحثون في سبب تسميتهم، فهناك من يقول أن الإيزيديون تعني (عباد الله) والبعض يقول إنها ترجع في تسميتها للخليفة الأموي الثاني يزيد بن معاوية، رغم ضعف هذه الفرضية، والطريف في أساطيرهم الشعبية زعمهم أنهم أبناء آدم فقط. ولهذه الطائفة تاريخها مع الإبادات الجماعية، ويرى بعض المؤرخين أنهم تعرضوا ل72 عملية إبادة عبر التاريخ، وقبل حملة داعش عليها، كان آخر هذه العمليات عام 2007، عندما اغتيل المئات منهم في تفجيرات ضربت شمالي العراق.