جيهان كمال زوجة محب الرافعي قدّمت فكرة "مدارس بلا عنف" المنسوبة الآن لموجهة تربية نفسية انتشرت في الآونة الأخيرة داخل أروقة وزارة التربية والتعليم، خطة استراتيجية الأمن الفكري وإنشاء نوادي داخل المدارس المعروفة ب "مدارس بلا عنف"، لمواجهة العنف والتطرف داخل المدارس، دون نسبها إلى الدكتورة جيهان كمال مديرة المركز القومي للبحوث التربوية التابع لوزارة التربية والتعليم، وزوجة وزير التعليم السابق الدكتور محب الرافعي. وتداولت الخطة داخل الوزارة منسوبة لموجه تربية نفسية في إحدى مديريات وزارة التربية والتعليم، وهو ما يدحض حق الدكتورة جيهان التي أعدّت الخطة منذ فترة الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم الأسبق، والتي اعتمدها كخطة قصيرة الأجل مدتها ثلاثة سنوات في الميدان. ووافق الوزير الأسبق حينها على تضمين مكونات الأمن الفكري ضمن المناهج الدراسية، وبناء مقرر دراسي بعنوان "الأمن الفكري والأخلاقي"، بالإضافة الى إعداد برامج توعية للمعلمين والموجهين خاصة بقضايا الأمن الفكري، وتبني برنامج وطني بين وزارات التربية والتعليم والثقافة والتعليم العالي حول الأمن الفكري للطلاب كمدخل للاستقرار الاجتماعي.
ووفقًا لما أكدته مديرة المركز القومي للبحوث التربوية، فأن الخطة بدأت من العام الدراسي 2015/2014 وسوف تنتهي في 2017/2016، حيث يتم توزيعها كالتالي وفقًا للأنشطة والإجراءات "المرحلة الأولى، في العام الدراسي 2015/2014، يتم إعداد الأدوات واختيار عينة من المدارس داخل المحافظات، والبدء بنشر ثقافة الأمن الفكري داخل المدارس وتدريب المعلمين والموجهين والقيادات التربوية والتعليمية وأولياء الأمور، كمل يتم إنشاء "نادي الأمن الفكري والمعلوماتي" داخل المدارس، وتدريب معلمي الأنشطة للقيام بأعباء تنمية مكونات الأمن الفكري. أما في المرحلة الثانية، في العام الدراسي 2016/2015، سيتم البدء في معالجة مكونات الأمن الفكري والمعلوماتي مع الطلاب من خلال حصة واحدة أسبوعيًا، أو بالتناوب مع حصة المكتبة، بالإضافة الى تفعيل أندية الأمن الفكري. وفي العام الدراسي 2017/2016 يتم متابعة التجربة، وإعداد دورات تدريبية لعلاج الصعوبات ضمانًا لإرساء الفكرة داخل الميدان، و دراسة إمكانية تعميمها على جميع المدارس ودمجها في الخطة الإستراتيجية للتعليم قبل الجامعي حتى عام 2030.
وقالت جيهان كمال، إنّ العنف المدرسي له عدة أنماط وفقًا لمستوى الضرر، العنف النفسي، الإيحائي، اللفظي، والجسدي، ولفتت إلى أنّ الإستراتيجية حدّدت الأسباب النفسية للعنف المدرسي في الضغوط النفسية الناتجة عن البيئة الأسرية أو البيئة المدرسية أو الثقافة الاجتماعية ومنها على سبيل المثال، نظام الامتحانات القائم على الحفظ والاستذكار، طموحات الأسرة وتوقعاتها للطالب، طرق التدريس التقليدية، نظم الامتحانات، إهمال الأنشطة المدرسية، كثرة الواجبات المنزلية والإدارة المدرسية التسلطية، بالإضافة الى فقدان التواصل بين المعلم والطالب وسيطرة بعض جماعات الرفاق على الطلاب.
وكشفت كمال، عن بعض مظاهر سلوكيات عنف الطلاب في التعليم قبل الجامعي، من أبرزها، التدافع عند الخروج من المدرسة، ورفع الصوت أثناء تحدث الآخرين، وعدم تقدير أفكارهم، وإهمال تعليمات وقواعد المدرسة، والسخرية من المعلم بالإشارات، ونشر الشائعات داخل المدرسة، واستخدام الأيدي أثناء المزاح، والكتابة على أثاث المدرسة وعلى الحوائط والسوار، وتمزيق الكتب المدرسية وتخريب أثاث المدرسة.
وطرحت مديرة المركز القومي للبحوث التربوية، في الإستراتيجية ثلاثة سيناريوهات لدمج مفهوم الأمن الفكري تتمثل في، بناء مقرر دراسي بعنوان الأمن الفكري والأخلاقي، وتضمين وحدات دراسية بعنوان "الأمن الفكري" ببعض المقررات الدراسية الأدبية، وتضمين قضايا الأمن الفكري في مقررات المواد العلمية.
وأوضحت أنّ الاستراتيجية تتحقق من خلال عدة آليات أهمها، تفعيل دور مجالس الأمناء والآباء والمعلمين في نشر ثقافة الأمن الفكري وتنمية مهارات الأخصائيين الاجتماعي والنفسي في قياس ورصد ظواهر العنف وتحليلها وتحديد أسبابها، وتفعيل دور الإعلام التربوي في تأهيل الميدان لتطبيق تجربة الأمن الفكري، ودعوة رجال الدين والفكر بالدولة للمشاركة في وضع مقررات الأمن الفكري.
وأشارت مدير المركز القومى للبحوث التربوية، إلى وجود عدة متطلبات لتنمية الأمن الفكري أهمها، تضمينه كأحد البرامج الملحة في الخطة الإستراتيجية للتعليم قبل الجامعي، مراعاة مخططي المناهج الدراسية لمكوناته، إعداد برامج توعية من قبل الوزارة للمعلمين والموجهين بقضايا الأمن الفكري، وإنشاء أندية الأمن الفكري بمدارس التعليم قبل الجامعي، وتبني برنامج وطني بين وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والثقافة حول الأمن الفكري للطلاب، باعتبار ذلك مدخلا للاستقرار الاجتماعي .
وقالت كمال، إن ركائز الخطة الإستراتيجية تتمثل في ركيزتين أساسيتين، الإتاحة والجودة، فالإتاحة تعني ربط الأمن الفكري بالخطة الإستراتيجية للتعليم، والمنوط بها إتاحة فرص تعليمية للجميع من خلال مباني آمنة، يتم دعمها بأدوات البحث وبناء المعرفة للطلاب، والثانية هي الجودة وتتمثل في تصميم كتيب أنشطة بعنوان الأمن الفكري والمعلوماتي تكون مفرداته التحصين الفكري وقيم الوسطية والاعتدال والتسامح وثقافة الحوار والاختلاف وتقدير الآخر ونبذ العنف والتطرف الفكري. وفي شهر أغسطس الماضي، ترأس اللواء حسام أبو المجد رئيس الإدارة المركزية لمكتب وزير التربية والتعليم اجتماعًا بالوزارة، لمديري ووكلاء المديريات التعليمية عبر شبكة الفيديو-كونفراس، أكد خلاله أنّ استراتيجية الأمن الفكري موضوع هام يلمس الأمن القومي لمصر وأن مبادرة وزارة التربية والتعليم في توصيل الاستراتيجية ومحاورها في صورة سهلة مبسطة لكافة المنظومة التعليمية بدءً من القيادات وانتهاء بالطالب في مدرسته فهو أفضل الطرق للحصول علي فكر واع مستنير مبني علي حب الوطن والانتماء الحقيقي. وأضاف خلال رئاسته اجتماع مديري المديريات التعليمية لمناقشة تطبيق استراتيجية الأمن الفكري أنّ تناول خطة استراتيجية الأمن الفكري ضرورة ملحة تفرضها علينا الظروف الراهنة وذلك للعمل علي حماية أولادنا وصيانة فكرهم من كافة أنواع الغزو الثقافي الهدام الذي قد يتعرضون له من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أنها تسير على خطة تدريجية تبدأ بنشر ثقافة الأمن الفكري في المدارس ومرورًا بممارسة أنشطة من خلال نوادي للأمن الفكري تدعم ذلك المشروع انتهاء بتضمين ذلك في المناهج في مرحلة لاحقة بصورة عامة دعمًا للمواطنة والانتماء واحترام القانون وحق الاختلاف في جو من التفاهم المشترك. وأشار الدكتور ناصر السيد عبد الحميد أستاذ المناهج وطرق التدريس بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية الاستراتيجية، حيث قدم إطار مفاهيمي حول الأمن الفكري متضمنًا مفهومه وأهميته ومبرراته.
وقبل أيام قليلة من تولي الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الجديد، المنصب الوزاري، وقبيل بدء العام الدراسي الحالي، عقدت وزارة التربية والتعليم اجتماعًا لبحث آليات تنفيذ أنشطة استراتيجية الأمن الفكري للعام الدراسي الجديد، وحضر الاجتماع الدكتورة راندة شاهين رئيس الإدارة المركزية للتعليم الأساسي بديوان عام وزارة التربية والدكتور أحمد حشيش رئيس الإدارة المركزية لإعداد القيادات التربوية، وعدد من مديرى عموم تنمية المواد الدراسية بديوان وزارة التربية والتعليم وموجهي المواد الدراسية بالمديريات التعليمية، ومجموعة من خبراء المركز القومي للبحوث التربوية وتطوير المناهج. وناقش الاجتماع مفهوم الأمن الفكري باعتباره مطلبًا مهمًا لبناء المواطنة وهو بناءً مجموعة من المقومات الشخصية تحمي معتقدات الطالب وأفكاره وتدعم الطمأنينة والأمن النفسي لديه وما يرتبط بهما من استقرار اجتماعي وخفض ظاهرة العنف المدرسي بهدف تحصين الطلاب فكريًا واجتماعيًا بمجموعة من المفاهيم والمهارات والاتجاهات والقيم المتضمنة في عناصر المناهج الدراسية من خلال تنمية مهارات تفكيره بصورة علمية تجعله قادرًا على تنويع مصادر جمع المعلومات ودراسة مصداقيتها وتوظيفها في مواجهة المشكلات العلمية وترشيد استخدام أدوات التواصل الرقمية.
كما ناقشت الدكتورة راندة شاهين المبررات التربوية لاستراتيجية الأمن الفكري، وهي مواجهة ظاهرة انتشار بعض الأفكار المتناقضة مع قيم وعادات المجتمع، بناء الوعي الثقافي والتخصصي، مواجهة قضايا المخدرات والإدمان، مواجهة السلوك العنيف تجاه البيئة ومواردها، مواجهة الأمية ومواجهة ظاهرة العنف المدرسي، استخدام أدوات التواصل الرقمي دون مرجعية لدى البعض، والقلق من اتخاذ العنف سبيلًا في الحياة وعدم تقدير دولة القانون.
كما قامت بعرض محاور الاستراتيجية وهي الولاء والإنتماء للوطن، التحصين الفكري والأخلاقي للطالب، وتأكيد قيم التسامح والاعتدال والوسطية، ونشر ثقافة الحوار والاختلاف، ونبذ أشكال العنف والتطرف الفكري، وتقدير العقل وتهذيب النفس، ومعالجة الشائعات عبر وسائط المعلومات والتواصل، وتقدير رجال الدين والفكر والدولة، وتقدير رجال الأمن فى الحفاظ على الوطن والمؤسسات والأفراد.