مشهد تتداخل فيه بيوت قديمة متراصة ودكاكين في حارات وأزقة ضيقة، مشربيات، ومبان أثرية شاهدة على التاريخ.. إنه «درب قرمز»، داخل ذلك المكان الذى اتخذه نجيب محفوظ منبعًا لحكاياته وشخصياته، يجلس الرجل الثمانيني «محمود صبيح» فى أحد دكاكينه، كأنه أحد شخصيات روايات الأديب الكبير، ليصبح هو أيضًا شاهدًا على تاريخ المكان. خمسون عامًا قضاها عم محمود فى دكانه، يعمل فى النقش على المعادن، ليخرج قطعا فنية بديعة، تسافر إلى أرجاء العالم، فزبائن محمود من الأجانب أكثر من غيرهم، حيث يقول «الزباين الأجانب بيشوفوا شغلى فى خان الخليلى، فييجوا يسألوا على ورشتى عشان أعملهم حاجة مخصوص». يسترجع عم محمود حكايته عندما كان طفلًا، حين قاده حب الاستطلاع لمتابعة نقاشى المعادن فى منطقته، فبدأ بتعلم الصنعة وإتقانها، «ماحدش قعد وعلمنى الصنعة، كنت ببص لفلان وفلان ولقطتها من النظر، المكافحة هى اللى علمتنى». ذاكرة محمود تحمل الكثير من الحكايات عن المكان، فيروي بشوق ذكريات طفولته وشبابه، وعن نجيب محفوظ الذى كان يراه دائمًا، وكيف تغير الحال عن الماضى، «كل حاجة زمان كان ليها معنى حتى الأغانى، والناس كانت كويسة، والخير موجود». «فى ناس كتير سابوا المهنة عشان مابقتش تجيب همها، بس أنا هافضل متمسك بيها، لأن كان ليها أكبر فضل عليا» هكذا يتحدث محمود عن عمله الذى قضى به أغلب عمره. ويتمنى محمود رجوع السياحة لنشاطها مرة أخرى، «زمان كان السياح بييجوا من حيث لا تدرى، إنما دلوقتى نادرا لما تلاقى حد، بس ربنا يصلح حال البلد وترجع أحسن من الأول». * * * *