أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا رسميا نَعتْ فيه رئيسة الطائفة اليهودية بمصر، السيدة كارمن، التى رحلت عن عمر يناهز الخامسة والثمانين. أشاد البيان بدور السيدة كارمن وما قامت به كيهودية مصرية ظلت تعيش فى وطنها، وهو بيان إنسانى يشير إلى تقدير مؤسسة الرئاسة لكل أطياف المجتمع المصرى، ولا يفرق بين مصرى وآخر نتيجة الدين، أو الطائفة أو الجنس، فالرجل نعى سيدة يهودية. ولكن الملاحظ أن البيان صدر باللغة الإنجليزية وأُرسل إلى الصحف الأمريكية التى نشرت مقتطفات منه، هذا بينما لم يصدر البيان باللغة العربية ولا تم إرساله إلى وسائل الإعلام المصرية. السؤال هنا لماذا أصدرت رئاسة الجمهورية بيانها الرسمى الذى ينعى مواطنة مصرية باللغة الإنجليزية فقط؟ ولماذا لم يصدر بالعربية إلى جانب الإنجليزية؟ الإجابة ببساطة لأن رئاسة الجمهورية غير معنية بمخاطبة المصريين من الأساس، ما يهمها هو مخاطبة الدول الغربية وتحديدا الولاياتالمتحدةالأمريكية، ما تصبو إليه هو توصيل رسالة إلى الإدارة الأمريكية ينشرها الإعلام الأمريكى والغربى عموما، تستخدم فى التأكيد على اعتدال الجماعة وممثلها فى قصر الرئاسة صاحب المشاعر الرقيقة التى دفعته لنعى سيدة مصرية يهودية. ما قامت به رئاسة الجمهورية فى هذه المناسبة هو استكمال لمسلسل مخاطبة الغرب، لا الشعب المصرى، نفس الأمر ينطبق على ما قام به مساعد رئيس الجمهورية لشؤون العلاقات الخارجية، عصام الحداد، عندما أصدر بيانا باللغة الإنجليزية، يتهم فيه أقباط الخصوص بالمسؤولية عن اندلاع أعمال العنف الطائفى، وأيضا عن أحداث الكاتدرائية، أصدر بيانه باللغة الإنجليزية وأرسله إلى الدبلوماسيين الغربيين ووسائل الإعلام الغربية، تسبب البيان فى «تويتر» الأجواء فى مصر، غضب البابا، واعتكف، غضب المجلس الملى وأصدر بيانا شديد اللهجة، سارعت رئاسة الجمهورية لتقول إن الحداد أصدر البيان بصفة شخصية، عبّر فيه عن نفسه، لا عن رئاسة الجمهورية، ثم عادت الرئاسة لتقول إن الحداد اعتمد على معلومات أولية، أى أن الرجل استبق التحقيقات، استعجل توجيه الاتهام للأقباط، فى نفس الوقت بعثت الرئاسة بوفد إلى الكاتدرائية تحدث باللغة العربية، فقال المشكلة الحقيقية، هى أن الأقباط يكرهون الدكتور مرسى ولا يريدونه رئيسا! عندما نتأمل بيانات الرئاسة ومراسلاتها باللغة الإنجليزية نجد أنها تحرص على مخاطبة الغرب بخطاب محشو بالأكاذيب، خطاب لا تقدر على كتابته باللغة العربية أو تتحمل ثمن قراءة الرأى العام المصرى له. سبق للدكتور مرسى أن بعث بخطابات إلى نظيره الإسرائيلى تصفه بالصديق العزيز وتتمنى تطوير علاقات البلدين، كما ترك مستشاره للعلاقات الخارجية يمطر الدبلوماسيين ووسائل الإعلام الغربيين بخطابات محشوة بالأكاذيب والغش، أيضا وجدت رئاسة الجمهورية فى اللغة الإنجليزية مَهرَبًا للقيام بكل ما لا تجرؤ على إبلاغ الشعب به. المؤكد أن الجماعة وممثلها فى القصر الجمهورى بنوا رؤيتهم للاستمرار فى السلطة على الحصول على رضاء الولاياتالمتحدة، ومن ثم دعمها، قدموا لواشنطن كل ما تريد، اقرّوا بمعاهدة السلام مع إسرائيل، وتبادلوا الرسائل الحميمة مع رئيسها واستقبلوا مبعوثيها، وافقوا لها على ما سبق ورفضه مبارك عشرات المرات، وهو تركيب «حساسات» على الحدود، تمكن إسرائيل من مراقبة أراضينا من داخل أراضيها، تأملوا خطة جيورا إيلاند مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلى للأمن القومى التى ترى أن حل القضية الفلسطينية يكون عبر منح مصر قرابة الألف كيلو متر مربع من أراضى سيناء لتوسيع حدود غزة، مقابل خطة شاملة لمبادلة الأراضى مع إسرائيل والأردن، وقد بدأت البروفة مع السودان بقصة حلايب وشلاتين، لتكون السابقة التى يجرى تكرارها مع إسرائيل والمقابل دعم أمريكى مطلق للجماعة وتمكينها من بناء مشروعها الأممى فى المنطقة، مع جائزة مالية قدرها جيورا إيلاند بسبعين مليار دولار تقدم لمصر - الجماعة، لتمويل مشروع النهضة. من أجل تحقيق ذلك تقوم الجماعة بمخاطبة الغرب والإدارة الأمريكية باللغة الإنجليزية، متصورة أن ما تقوم بإرساله من رسائل سيظل طىَّ الكتمان، وأن استخدام اللغة الإنجليزية سيحول دون وصول المعنى إلى الشعب المصرى، وهو تصور ساذج لعالم اليوم، وينطوى على إهانة للشعب المصرى.