قبل عامٍ ونصف العام، كان مصرّحًا للسائحين الأجانب والمصريين، بالمكوث في الصحراء لعدة أيام متتالية للتخييم والاستمتاع بجمال الكثبان الرملية وكنوزها، لكن بعد تدهور الأوضاع في ليبيا وتفاقم مشكلات الهجرة غير الشرعية، أصبحت الصحراء مكانًا مفتوحًا بشروط، أولها الالتزام بحظر التجوال الذي فرضته الجهات الأمنية على كل محبي رحلات السفاري بدءً من منظميها حتى السائحين الذين قد يقطعوا آلاف الاميال من أجل ليلة واحدة في الصحراء الغربية. "كنا بنخيم في الصحراء لمدة 12 يوم، وكان بيجيلنا أفواج سياحية كتير بس علشان يعيشوا المغامرة دي، من سنة ونص واحنا بنعاني من ضعف الإقبال السياحي، لغاية ما حصلت حادثة الفوج المكسيكي عشان يكمل علينا"، بصوت حاد وغاضب، حاول عثمان علي أحد منظمي رحلات السفاري في واحة سيوة تلخيص أهم المشكلات التي يعاني منها حاليًا العاملين في قطاع السياحة الصحراوية، والتي وفقًا له تتفاقم باستمرار حتى باتت تلك السياحة مهدّدة بالزوال. بعد حادثة "السائحين المكسيكيين" بدأت عمليات إلغاء رحلات الأفواج الأجنبية إلى المناطق الصحراوية وتحديدًا "سيوة" وهي التي تبعد عن الواحات البحرية مسافة تزيد عن 200 كيلو مترًا، ويقول عثمان: "جدول عملي اتلغى منه 6 رحلات، متبقي فقط رحلة واحدة في عيد الأضحى أتمنى ألّا يتم إلغائها أيضَا". السياحة الصحراوية حسبما أكد عثمان منظم رحلات السفاري والتخييم في "سيوة" جزء أساسي من حياة أهالي المناطق الصحراوية، ومن أجل استمرار تلك السياحة لا يجرؤ أي مرشد سياحي أو قائد سيارة سفاري على تخطي التعليمات الأمنية مهما تعارضت مع خططهم أو رغبات السائحين. وفقًا لعثمان، الذي تربطه علاقة صداقة بعدد كبير من منظمي رحلات السفاري في الواحات البحرية، وفقد صديق له من المنصورة في حادث مقتل الفوج السياحي المكسيكي، فانحصار مدة رحلات السفاري بين الشروق والغروب أضعف السياحة الصحراوية بشكل كبير، خاصة أنّ المبيت في الصحراء كان طقسًا مفضلُا للعديد من السائحين، ويضيف: "أصبحت رحلات السفاري عبارة عن سياحة يوم واحد، فيفقد السائح متعة التعرف على كل كنوز الصحراء، لكننا ملتزمين بالتعليمات الأمنية ونحاول ترتيب رحلاتنا بحيث لا نتواجد في الصحراء بعد السابعة مساءً". للخروج في رحلات سفاري، يتم استخرج تصاريح أمنية من المخابرات العامة وحرس الحدود والمباحث، وتبلغ قيمة تلك التصريح حسبما أكد عثمان 25 جنيهًا للسائح المصري و140 جنيهًا للسائح الأجنبي، مشيرًا إلى أنّ استخراج التصاريح يتم خلال يوم واحد في كثير من الأحيان، ولا يخرج أي قائد سيارة سفاري إلّا بعد إعطاء جميع بيانات السائحين الذين يصاحبهم للجهات الأمنية وتحديد الإحداثيات التي سيتواجد فيها خلال رحلته. "من سنة ونص واحنا فاقدين مورد دخل كبير بسبب منع رحلات السفاري الطويلة، فمحدش هيخالف القوانين ويطلع من غير تصاريح"، يؤكد عثمان الذي شدّد على دماثة خلق صديقه وائل عبد العزيز الذي فقد حياته في حادثة الواحات البحرية، وقال ردًا على التصريحات الحكومية التي توضح أسباب تلك الحادثة وتضع اللوم على منظمي الرحلة لعدم التزامهم بالتعليمات الأمنية وخروجهم عن المسار الخاص بها: "وائل كان ملتزم جدًا وعمره ما يخرج في رحلة إلّا وهو متأكد إنه ملتزم بكل الشروط". عثمان الذي يخشى أن يُبلغ زوجته حتى اللحظة بتلك الحادثة، اعتبر أنّ ما حدث "كارثة" تهدد مستقبل السياحة الصحراوية في مصر وحياة العالمين فيها، ويوضح: "احنا كعاملين في السياحة الصحراوية بنلتزم بكل شروط الأمن عشان نحافظ على مصدر رزقنا، كارثة يجوا يقتلونا بالغلط".