على مدى سنوات، تُسال دماء كثيرة تسال على أرض الوطن، الجناة فيها عناصر إرهابية، اعتادوا على استهداف قوات الأمن "شرطتها وجيشها" على بؤر معينة، توجد فيها هذه العناصر، إلى أنَّ "مساء الأحد" شهد إسالة دماء من نوع آخر. الدماء سالت هذه المرة من عظام السياحة، حيث أعلنت وزارة الداخلية، أنَّ قوةً من الشرطة والجيش قتلت 12 مصريًّا ومكسيكيين وأصابت عشرة آخرين عندما فتحت النار بطريق الخطأ على قافلة سياحية مكسيكية أثناء شن عملية ضد عناصر إرهابية في منطقة الواحات بالصحراء الغربية، حيث أوضحت الوزارة أنَّ القافلة ذهبت إلى منطقة عمليات محظورة. في الواحات، لم يعد إشراق الشمس يعني ذلك الأمل الذي كان يستيقظ عليه "ياسر صالح" كل يوم، فرحًا ونشيطًا مستبشرًا لبدء عمله "كدليل سفاري" بالصحراء الغربية، المهنة التي ورثها من أبيه الذي كان حلمه قديمًا أن يكبر ابنه ليرثها منه، لم تعد اليوم كذلك، فالصباح لم يعد يحمل له أخبار الأفواج السياحية المتلاحقة، ولا الرزق الوفير كما كان منذ سنوات، إلا أنَّه قطعًا سيتبدل الحال بعد هذا الحادث. "سيد الصحراء".. هكذا تسميه شركات السياحة التي اعتادت التعامل معه في تنظيم رحلات السفاري داخل الواحات البحرية والصحراء البيضاء وجبل الكريستال، فهو يعلم جيدًا دروب الصحراء، المعلوم منها والمجهول وأحيانًا "المحظور". يحكي "ياسر" عن حادث الواحات قائلاً: "الحادث غير مبرر على الإطلاق، سيارات الفوج السياحي كانت تسير في منظقة صحراوية موازية لطريق الواحات، ولم تمر بأي منطقة يحظر السير فيها، إحنا دايما بنمشي في الطريق ده توفيرًا للوقت ولم تعترضنا أي جهات أمنية قبل ذلك، والصحراء كلها متاحة للسفاري لكن بشرط عدم المبيت والتخييم الليلي خاصة في أماكن الصحراء البيضاء وسيوة وجبل الكريستال". وأضاف ل"التحرير": "المخابرات والبطاقة الشخصية للدليل ورقم الهاتف وضمان جودة الشبكة هي الاشتراطات التي يتطلبها الإذن الأمني في رحلات السفاري، والأفواج السياحية الأجنبية دائمًا ما يرافقها أمين شرطة أو ضابط جيش للتأمين وتذليل العقبات أمام الوفد السياحي لكن أنا مش متأكد من إن المكسيكيين كان معاهم مرافق أمني". محمد سامي رمضان، مدير أحد شركات السياحة العاملة في رحلات السفاري بالواحات البحرية أكد أنَّه كشركة منظمة لهذه النوعية من الرحلات لم توجه له من قبل وزارة الداخلية أو القوات المسلحة أي إخطارات بأماكن محظور السير فيها في الواحات البحرية، وأنَّ كان التنبيه العام للجميع هو عدم المبيت وبخاصة في الأماكن الحدودية القريبة من ليبيا بعد حوادث التهريب وحوادث الإرهاب. وأكد أنَّ الحادث سيؤثر على السياحة العلاجية وسياحة التأمل التي تمتاز بهما هذه المنطقة، لافتًا إلى أنَّ عددًا كبيرًا من الأجانب اشتروا منازلاً في هذه المنطقة للتمتع بها.