يبدو السؤال السابق غير واقعي الآن بعد 14 عامًا من تفجير برجي التجارة العالمية في هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، بالولاياتالمتحدةالأمريكية، إلا أن الإجابة على هذا السؤال تكشف بشكل أو بأخر عن التغيرات التي حدثت في العالم نتيجة هذا الحادث الإرهابي، أهمها على الإطلاق ما كان ملايين البشر سيقتلون في حروب لم تكن تحث لو لم يقع هذا الحادث. الحرب على أفغانستان وباكستان تذهب بعض التقارير الإستخبارتية إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية خططت للحرب في أفغانستان قبل تنفيذ هجمات 11 سبتمبر، وكانت الخطة تقول أن الولاياتالمتحدة تبدأ مفاوضات دبلوماسية مع حكومة طالبان، الحاكمة في أفغانستان وقتها، لتسليم قادة تنظيم القاعدة، وإن فشلت المفاوضات تبدأ الحرب. غير أن الهجمات كانت سببًا واضحًا لاستعجال الحرب، فالحرب الأمريكية على أفغانستان بدأت في 7 أكتوبر 2001 أي بعد أقل من شهر من الهجمات على برجي التجارة العالمية، والأهداف المعلنة من الحرب، كانت اعتقال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وغير من القادة الكبار في التنظيم وترحيلهم إلى الولاياتالمتحدة لمحاكمتهم، والسعي نحو تدمير تنظيم القاعدة كليا، وكذلك إقصاء نظام طالبان الذي كان يُدعِم تنظيم القاعدة، ويمنحهم إقامة آمنة في أفغانستان. وكان للرئيس جورج بوش تصريح مهم وقتها بأن الحرب لن تفرق بين المنظمات الإرهابية والدول أو الحكومات التي تؤوي أو تدعم هذه المنظمات. الحرب انتهت رسميًا في 2014، وشارك فيها الجيشان الأمريكي، والبريطاني، وانسحبت القوات من الدولة، بينما تشير دراسة أجراها معهد "واتسون" للدراسات الدولية في جامعة براون الأمريكية مؤخرًا إلى أن هناك 150 ألف شخص لقوا مصرعهم منذ الإطاحة بنظام طالبان بأفغانستان منذ بداية الحرب على طالبان في أفغانستان، وتؤكد أستاذة العلوم السياسية بجامعة بوسطن نيتا كروفورد التي أعدت الدراسة "إن الدراسات حول الحروب منذ التسعينيات تشير إلى "قاعدة متعارف عليها" أنه مقابل كل شخص يموت بسبب مباشر من الحرب هناك ثلاثة إلى 15 شخصًا يموتون بشكل غير مباشر. بينما نقلت تقارير إخبارية محلية في أفغانستان أن الحرب دمرت كل مظاهر الحياة، وأنهت على مظاهر الحياة هناك.
الحرب على العراق مثل أفغانستان أيضًا، كانت الخطط موجودة بالفعل لمحاربة العراق وإسقاط نظام صدام حسين، من قبل هجمات 11 سبتمبر، إلا أن الهجمات عجلت من الحرب، قبل 11 سبتمبر كانت الاتهامات الموجهة إلى العراق بأنه يمتلك ترسانة أسلحة محظورة، وبالتالي طُبِقت عقوبات أممية قاسية على العراق، أما مع بداية 2002 أضيف إلى تلك الاتهامات أن نظام صدام يدعم الجماعات الإرهابية ويقدم لها العون والتمويل المالي، وبدأت الإجراءات الأمريكية للحرب على العراق، وأعلن جورج بوش في 28 يناير 2003 إن بلاده مستعدة لمهاجمة العراق حتى دون تفويض أممي. وبدأت الحرب فعليًا على العراق بقيادة الولاياتالمتحدة، وبريطانيا في 20 مارس 2003 وانتهت رسميًا في 15 ديسمبر 2011، مُخلِفة بلد مُفكك، بينما تذهب بعض التقديرات الأممية إلى أن ضحايا الحرب تجاوز المليون ونصف قتيل، وقرابة 6 مليون لاجئ عراقي، فضلًا عن انعدام الأمن في العراق، وتدمير البنية التحتية.
الحرب على اليمن الخسائر التي تكبدتها القوات الأمريكية في حربيها على العراقوأفغانستان، في ظل رئاسة جورج بوش، دفعت إدارة بارك أوباما، لتغير إستراتيجية الحرب على الإرهاب، إذ استخدم أوباما إستراتيجية الضربات الجوية لمواقع الجماعات الإرهابية، بالاستناد على تقارير استخبارتية، ويكون غالبيتها بواسطة طائرات بدون طيار، ونفذت هذه الإستراتيجية في اليمن. وبحسب تقرير نشرته مؤسسة نيو أمريكا، في 2011، أن الطيران الأمريكي نفذ أكثر من 110 ضربة جوية في اليمن منذ 2009، غالبيتها بواسطة طائرات من دون طيار، مشيرة إلى أن الضربات نجحت في القضاء على الإمام الأمريكي اليمني أنور العولقي المسؤول عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي نشأ من دمج فرعي التنظيم في السعودية واليمن. وأوقفت سيطرة الحوثيين على السلطة في اليمن التنسيق بين الحكومة اليمنية الموالية لأمريكا، إلا أن الرئيس الأمريكي أوباما، قال "إن الولاياتالمتحدة لم تعلق عملياتها لمكافحة الارهاب في اليمن"، مشددًا على أنهم مستمرون "في ملاحقة الأهداف المهمة للغاية داخل اليمن وسنستمر في ممارسة الضغط الذي نحتاج إليه حفاظًا على أمن الشعب الأمريكي." أخيرًا، وتحت مسمى ضرب أماكن لجماعات إرهابية أصبحت منطقة الشرق الأوسط كلها، مجالًا مفتوحًا أمام الولاياتالمتحدة وحلفائها، ولم يعد غريبًا أن تسمع خبرًا عن استهداف موقع ما في بلد ما بالطائرات الأمريكية، ويكون التبرير دائما، أن الموقع تابع لجماعة كذا الإرهابية، وكل هذا بسبب 11 سبتمبر التي منحت الولاياتالمتحدة كل المبررات لتنفيذ عملياتها.