أطلق عليه اليهود "كوماندوز".. وأسماه الإنجليز ب"شزام".. شارك في دحر عدوان ثلاثة حروب.. تلك هي ملخص السيرة الذاتية لبطل الإسماعيلية محمد محمد محمود خليفة، أحد أبناء القوات المسلحة الذي شارك في جميع حروبها من العام 1956 إلى 1973، لتنتهي سيرته بوفاته صباح اليوم الثلاثاء. بدأ خليفة كفاحه مبكرًا في ال16 من عمره مع المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإنجليزي بمدن القناة، عندما وجد عدد من الجنود يعتدون على إحدى الفلاحات، ويضربون زوجها، فانتفض مدافعًا عنهما مستخدمًا حجرًا وتمكن من قتلهما بمساعدة زوجة الفلاحة، وكانت تلك الواقعة مدخلا له للمشاركة مع الفدائيين في المقاومة الشعبية.
وتعود قصة تسمية الإنجليز له ب"شزام"، لتخصصه في كتائب الفدائيين بعمل أكمنة لقوات الإنجليز، حيث كان يستتر فوق أشجار لدى مرور أي قافلة لجنود الإنجليز، ثم يقفز على القافلة لاستيقاف عرباتها، ليتمكن زملائه من إطلاق النار عليها، وتصفية من فيها، والاستيلاء على سلاحها، وفي إحدى عمليات المقاومة التي نفذت بالطريقة سالفة الذكر أشار إليه قائد إنجليزي لإحدى القوافل العسكرية، عندما رآه مختبأً أعلى شجرة، فصاح "انظروا شزام" ليصبح اسما له بعد ذلك، و"شزام" هو اسم لأحد الأبطال الخارقين في الستينات عند الإنجليز، وهو اسم لطائر أسطوري قوي الانقضاض وسريع التحرك كالأشباح على غرار العنقاء. شكّل خليفة مجموعات للمقاومة المنظمة بمنطقة القنال، بمساعده الضباط سامى حافظ، وكمال رفعت، وسعد عفرة، وعمر لطفي، وغيرهم، كما شارك أيضا في خطف مورا هاوس، ومحاولة اغتيال إكسهام، قائد القوات البرطانية في المنطقة بقنبله وضعتها في "ساندوتش"، وتفجير كوبري سالا الشهير بعربة البرتقال، وخطف الجنود الإنجليز، الأمر الذى أدى بعد ذلك لمعركه الخامس والعشرين من يناير، كما شارك مع زملائه الفدائيين لصد العدوان الثلاثي في بورسعيد حتى تحقق الجلاء. وشارك بطل القوات المسلحة في حرب فلسطين، وحكى أنه ذهب مع مجموعة قنالية إلى غزة وتمكن مع زملائه في الهجوم على مواقع إسرائلية، وتمكنوا من أسر عدد كبير من جنود العصابات اليهودية. وانضم إلى القوات المسلحة مرة أخرى ليشارك في حرب الاستنزاف بعد نكسة 1967، وبدأ في مهمة إعادة ترتيب وتدريب وتكوين الجيش المصرى. وعبر "شزام" ثلاث مرات مع الفرق "33" و"39" قتال للقيام بعمليات خلف خطوط العدو، وأسر عدة جنود، وقال إن أهم من أن قام بأسره "طيار رأيت طائرته تتهاوى، فقمت بتتبعه إلى عمق سيناء وأسره"، وحكى أنه لا يزال يحتفظ بمسدسه حتى الآن، كما شارك في عملية نسف الموقع 6 انتقاما لاستشاد عبد المنعم رياض. وكان عبور 1973 هو لحظه تتويج مسيرتة، حيث كان المدنى الوحيد الذى عبر مع القوات المسلحة سنه 73، وقام بأسر 3 جنود دفعة واحدة، حيث قام بتكتيفهم وربطهم إليه بحبل، وأجبرهم على العوم أمامه في القنال عودة حتى مقر القيادة وتسليمهم، كما شارك في عمليات "نسف موقع الفردان، واقتحام جبل المر والاستيلاء على نقطته الحصينة". ورغم كل هذه البطولات، إلا أن البطل محمد خليفة لم يحظ بتكريم لائق، فقط حصل على عدة أنواط ونياشين، إلا أنه كان يعيش في منزل صغير داخل محافظة الإسماعيليه، وكان يشعر بإهانة تجاهله وتجاهل تاريخه، لكنه كان دائمًا ما يعرب عن اعتزازه بحصوله على وسام "نجمة سيناء"، ووسام "صقر قريش" وهما من أرفع أوسمة القوات المسلحة. وحتى وفاته اليوم كان "شزام" أو "الكوماندوز" محتفظًا بزيه العسكري حتى هذا الوقت، منتظرا معركه "تحرير فلسطين".. إلى أن وافته المنية.