المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة طالبت مجلس الشورى بعدم اعتماد مشروع القانون الخاص بمنظمات المجتمع المدنى فى شكله الحالى، نظرا لتضمنه عيوبا خطيرة ولتعارضه مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان ومع حرية تكوين الجمعيات الأهلية، وما قد يترتب عليه من منع منظمات حقوق الإنسان من القيام بدورها. وقد صرح المقررون التابعون للأمم المتحدة والمعنيون بحرية التجمع السلمى وتكوين الجمعيات والمدافعون عن حقوق الإنسان وحرية الرأى والتعبير، خلال بيان صادر عنهم أنه «من المؤسف للغاية أن تتمكن الحكومة التى تشكلت كرد فعل للنشاط الاجتماعى السلمى من وضع مثل هذه القيود على حق الإنسان فى حرية تكوين الجمعيات»، مضيفين أنه «ينبغى لجميع الجهات الفاعلة أن تلعب دورا فى إدارة الشؤون العامة». خبراء حقوق الإنسان أعربوا عن أسفهم لعدم أخذ التوصيات القيمة التى قدمتها فاعليات المجتمع المدنى المصرية بعين الاعتبار، مضيفين أننا «نشعر بقلق بالغ حيال استخدام العديد من الأحكام الواردة فى مسودة القانون لعرقلة العمل المشروع لمنظمات المجتمع المدنى، وخصوصا تلك الداعمة منها لحقوق الإنسان»، كما رحب الخبراء بمبادرة السلطات المصرية إلى مراجعة القانون 84/2002 نظرا لافتقاره للامتثال للمعايير الدولية، محذرين من أن «مشروع القانون الذى يجرى النظر فيه حاليا من قبل مجلس الشورى يحتوى على عدد من العيوب الخطيرة». ووفقا لمشروع قانون منظمات المجتمع المدنى، سينظر إلى أموال الجمعيات كأموال عامة، كما أنه يحظر على الجمعيات الحصول على أموال من الخارج دون إذن مسبق. السيد ماينا كياى المقرر الخاص المعنى بالحق فى حرية التجمع السلمى وتكوين الجمعيات، حذر من كون كل ذى مصلحة الاعتراض على أى قرار يتخذ من الجمعية أو أى من أنشطتها، وأن هذا ينتقص من دور منظمات المجتمع المدنى المستقلة، مؤكدا أن هذا الدور أمر ضرورى لا سيما فى أوقات الانتقال السياسى. مضيفا أن تعريض ممثلى الجمعيات لعقوبة السجن والغرامات المبالغة إذا ما تلقت المنظمة تمويلا أجنبيا دون إذن، يسهم فى تحديد السلطات للمجتمع المدنى بشأن طلب التمويل بما يؤدى إلى تقييد جزء حيوى لا يتجزأ من الحق فى حرية تكوين الجمعيات. وأكدت المقررة الخاصة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان السيدة مارغريت سيكاغيا أن «حرية واستقلالية عمل المدافعين عن حقوق الإنسان التى تعمل على تقييم حالة حقوق الإنسان هى أحد الجوانب الأساسية لتمكينها من دورها بغض النظر عن وضع جمعياتهم الرسمى»، مضيفة أن «مشروع القانون يعطى القوة المفرطة للسلطات وقد يؤدى هذا فى نهاية المطاف إلى إعاقة الجمعيات بشكل حاسم من الوفاء بمهامها فى تعزيز وحماية حقوق الإنسان». السيد فرانك لارو المقرر الخاص المعنى بحرية الرأى والتعبير، قال إن مشروع القانون يحظر تسجيل المنظمات غير الحكومية الأجنبية التى تتلقى أموالا حكومية مباشرة أو غير مباشرة وتنفذ الأنشطة التى تعزز وجهات نظر أو سياسات حزب سياسى فى بلد المنشأ أو تنتهك السيادة الوطنية، مشيرا إلى أن هذه المصطلحات غامضة، ويمكن أن تفسر بشكل اعتباطى وبالتالى بشكل قسرى، مما قد يؤدى إلى مزيد من القيود على الحق فى حرية التعبير. وأشاد الخبراء المستقلون الثلاثة للأمم المتحدة بتبنى مصر للقرار الهام بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان الصادر عن مجلس حقوق الإنسان فى 21 مارس 2013. وأضافوا «أننا نرحب بالموقف الذى اتخذته الحكومة المصرية فى مجلس حقوق الإنسان من خلال التوقيع على القرار المتعلق بالمدافعين عن حقوق الإنسان الأسبوع الماضى، ونحث السلطات على وجوب الاتساق مع التعهدات الخاصة بها على الصعيد الدولى». وخلص المقررون إلى القول «أننا على استعداد لتقديم أى دعم تقنى والمساعدة لضمان أن مشروع القانون يتماشى مع المعايير الدولية، بما فى ذلك عن طريق إجراء زيارات قطرية رسمية». وكان مجلس الشورى المصرى قد وافق منذ عدة أيام من حيث المبدأ على قانون الجمعيات الأهلية، وسط اعتراض من قبل المنظمات الأهلية والمجتمع المدنى.