حذرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية من مغبة تجاهل الفراغ السلطوى فى سوريا فى مرحلة ما بعد سقوط الرئيس بشار الأسد، الأمر الذى يمهد الطريق أمام صعود الإرهابيين فى بلد دمرتها الحرب الأهلية. وأضافت الصحيفة الأمريكية - فى مقال تحليلى أوردته على موقعها الإلكترونى - أن الإدارة الأمريكية والمعارضة السورية بدأتا فى معالجة جدية للمشكلة الأساسية فى سوريا، وهى كيفية الإطاحة بالأسد دون خلق فراغ سياسى يمكن من خلاله أن يصعد الإرهابيون وأمراء الحرب وأنصار نظام الأسد. ونقلت الصحيفة عن مسئول كبير فى البيت الأبيض تحذيره من ضرورة تجنب إصدار النسخة السورية من «مشكلة بريمر»، والتى تعنى الفوضى فى العراق التى أعقبت قرار الولاياتالمتحدة فى عام 2003 بحل الجيش العراقى واجتثاث جذور المؤسسات الحكومية، إلا أنه من الظلم أن نلقى بهذه الفوضى على عاتق بول بريمر الذى كان يقود المرحلة الانتقالية فى العراق، ومع ذلك، يبدو أن البيت الأبيض محق فى قلقه من الفوضى التى يمكن أن تعقب تغيير النظام فى سوريا. وأضاف «أن الإدارة الأمريكية كانت واضحة مع المعارضة بشأن أن اجتثاث البعث السورى ليس هو الحل، كما أن حل الجيش ليس هو الحل أيضا»، مؤكدا على ضرورة وجود عملية انتقالية من شأنها الإبقاء على عناصر مصالحة من الجيش السورى والخدمة المدنية فاعلة. ومع ذلك، أوضحت الصحيفة أن الحديث عن فكرة الانتقال المستقر أسهل من الممارسة الفعلية، لاسيما وأن سوريا قد انقسمت جراء الحرب الأهلية الدائرة على مدار العامين الماضيين، ولكن المعارضة وحلفاءها اتخذت خطوات حقيقية أخيرا لتعزيز الأمن والحكم بعد الإطاحة بالأسد. وأبرزت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تلك الخطوات والتى تتمثل فى إنشاء حكومة مؤقتة، ويرغب بعض أعضاء ائتلاف المعارضة السورية فى اتخاذ هذه الخطوة والمطالبة بسرعة تفعيل مقعد سوريا فى الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامى والجمعية العامة للأمم المتحدة. وتابعت «لكن الشيخ أحمد معاذ الخطيب رئيس التحالف، انسحب من الاجتماع المقرر هذا الأسبوع لتسمية رئيس وزراء مؤقت ومجلس الوزراء، وقال إن هذه الخطوة المفاجئة يمكنها تفتيت المعارضة وزيادة الفوضى الداخلية». ولفتت الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة تتحرك أخيرا لمساعدة المعارضة لبناء سوريا جديدة فى المناطق المحررة حديثا، مثل أجزاء من محافظات إدلب وحلب ودير الزور، حيث وافق وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى على تقديم 60 مليون دولار لمشاريع الحكم المحلى، بما فى ذلك تدريب الشرطة، وإدارة المجالس المحلية، وتنقية مياه الشرب وإصلاح البنية التحتية المدمرة. كما تدرس الولاياتالمتحدة بحذر سبل توفير الأمن ضد هجمات قوات الأسد الجوية على المناطق المحررة والمتمتعة بالحكم الذاتى. وعلى الرغم من هذه الجهود المبذولة لتعزيز الاستقرار، رأت الصحيفة أن الحقيقة المحزنة هى أن سوريا لا تزال فى اتجاه أن تصبح دولة فاشلة، وهذا الواقع يؤدى ببعض البراجماتيين داخل المعارضة إلى القول بأن سوريا سوف تحتاج إلى حكومة انتقالية عسكرية، داعية أن يكون لهذا النظام المؤقت وجه مدنى أيضا. وخلصت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية - ختاما - إلى أنه وفى الوقت الذى يسقط فيه الأسد وتبدأ سوريا فى إعادة بناء دولتها، فإنها ستكون بحاجة إلى مساعدات اقتصادية وعسكرية أجنبية هائلة، بما فى ذلك قوات حفظ السلام ربما من الجامعة العربية أو حتى بلد عضو فى حلف الناتو مثل تركيا، وفى حالة تخلى الجميع عنها سيكون البديل هو حدوث فراغ فى السلطة يسمح للارهابيين بالتجذر فى قلب الشرق الأوسط.