لم يمر خمسة أيام على وفاة أحد المتهمين داخل قسم شرطة المطرية دون معرفة الأسباب الحقيقية، حتى لفظ متهمان جديدان محتجزان داخل قسم شرطة عين شمس أنفاسهما الأخيرة، أمس الجمعة، في ظروف غامضة. الأول أكدت المصادر وشهود العيان وفاته بعد دخول جرعة من مخدر الهيروين له داخل حجز القسم، وتعاطيه إياها والثاني تدهورت حالته الصحية داخل الحجز قبل أن يتم نقله للمستشفى، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة. «التحرير» تكشف في السطور التالية الملابسات الكاملة وروايات الحالتين، بالإضافة إلى الخروقات الأمنية وتجاوزات رجال الشرطة؛ إذ تفتح الواقعة الأولى الحديث عن تورط بعض أمناء الشرطة في إدخال تلك المواد المخدرة، بحسب بعض المصادر المطلعة، إلى حجز القسم لبيعها إلى المتهمين داخل حجز القسم. المجني عليه الأول، يُدعى «أشرف» وشهرته «أشرف بكار» 35 سنة، قالت مصادر إنه تعاطى جرعة مخدر الهيروين عن طريق أمبول أخذه في منطقة «الخصية»، لاحظ بعدها زملائه في السجن تدهور حالته الصحية، فسارعوا بالطرق على باب الحجز لنجدته، إلا أن صرخاتهم لم تلق آذانًا صاغية من قبل مسئولي القسم، حتى اكتشفوا بعدها بدقائق لفظه لأنفاسه الأخيرة. وعلى الرغم من تأكيد مصادر وشهود عيان، وفاة المجني عليه داخل حجز القسم، إلا أن ضباط وأمناء شرطة سارعوا بنقله إلى مستشفى هليوبوليس، المجاورة لقسم الشرطة؛ لإبعاد أيّة مسئولية تجاههم. وأشار مسئول رفيع المستوى بالقسم ل «التحرير»، إلى أن المجني عليه مُسجل مخدرات صادر ضده حكم بالسجن 3 سنوات ومتهم في قضية سرقة بالإكراه، تعرض لوعكة صحية وتم نقله لمستشفى هليوبوليس حيث توفى هناك. ومن جانبه أكد مصدر طبي بمستشفى هليوبوليس، ل«التحرير»، وصول المتهم جثة هامدة من قسم الشرطة. المجنى عليه الثاني، يٌدعى «سامح»، لقى مصرعه داخل حجز نفس القسم؛ إثر تعاطيه جرعة مخدرات زائدة من «الترامادول»، بعد أم لاحظ زملائه المحتجزين معه بالقسم نزول دماء من فمه، وآثار إعياء شديدة، حينها سارع الضباط بنقله لمستشفى «صدر العباسية» إلا أن السجين كان قد توفي جراء جرعة المخدرات. ويشار إلي أن عدد من أقسام الشرطة خاصة في القاهرةوالجيزة شهدت حوادث مشابهة لوفاة بعض السجناء في ظروف غامضة أخرها الأسبوع الماضي، حيث لقى سجين ومتهم مصرعهما أحدهما داخل حجز القسم والثاني في الشارع، واتهمت أسرتهما رجال الشرطة بتعذيبهما حتى الموت، وباشرت النيابة التحقيق في الواقعتين عقب تأكد الطب الشرعي من وجود شبهة جنائية في الحالتين. ورصدت «التحرير»، عددًا من وقائع التعذيب الوحشي والتنكيل والقتل العشوائي التي تمت على يد ضباط شرطة خلال الفترة الأخيرة، وبحسب خبراء في علم الاجتماع فأن ارتفاع تلك النسبة يرجع إلى عجز القانون عن الوقوف أمام الضباط الذين يحصلون في أغلب الأحوال على إخلاء سبيل بضمان وظائفهم، ويستمرون في مزاولة عملهم. ومن جهة أخرى، أخلت محكمة جنايات القاهرة، سبيل ضابطي الأمن الوطني، المتهمين بقتل وتعذيب المحامي «كريم حمدي»، داخل حجز قسم المطرية، بكفالة 10 آلاف جنيه. وعقب صدور القرار استأنفت النيابة على قرار المحكمة، فأمرت الأخيرة بحبسهم يومين لحين صدور قرار الاستئناف، من جانبها رفضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بأكاديمية الشرطة، استئناف النيابة العامة على قرار إخلاء سبيل ضابطي الأمن الوطني المتهمين بتعذيب المحام، وأيدت قرار غرفة المشورة الصادر بإخلاء سبيلهم بكفالة 10 آلاف جنيه. وقبل أن تهدأ وتيرة الغضب تجاه واقعة اغتصاب أمين شرطة فتاة مختلة عقليًا داخل قسم إمبابة، قام اثنان من أمناء الشرطة، بمديرية أمن القاهرة، باغتصاب فتاة داخل سيارة النجدة، بعد خطفها أثناء سيرها مع صديقها بمنطقة الساحل، وتركها في حالة إعياء شديدة، وتم اخلاء سبيلهما. وفي يوم الخميس الموافق 12 يونيو 2014 ، قررت محكمة جنايات الإسكندرية، إخلاء سبيل الرائد عبدالرحمن الشيمي الشهير ب «محمد الشيمي»، بضمان محل إقامته، وهو أحد ضباط جهاز أمن الدولة الصادر ضده حكم بالسجن المشدد لمدة 15 عامًا و10 آلاف جنيه تعويض، والمتهم بالاشتراك بقتل الشاب السلفي «السيد بلال» والقبض عليه بدون وجه حق وتعذيب زملائه على خلفية التحقيقات معهم في أحداث تفجيرات كنسية القديسين. وفي العجوزة أمر قاضي المعارضات بإخلاء سبيل 3 أمناء شرطة تابعين للإدارة العامة للمرور، على خلفية اتهامهم بالتعدي على ضابط بالضرب بأحد الأكمنة بالمهندسين بعد نشوب مشاده كلامية بينهم، بضمان وظيفتهم، عقب قرار النيابة بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات. وفي المنصورة قضت محكمة الجنايات بإخلاء سبيل النقيب «أحمد. أ»، ضابط شرطة بقسم ثان المنصورة، بعد حبسه بتهمة الرشوة واستغلال النفوذ. وأخلت نيابة جنوبالجيزة، سبيل أمين الشرطة بإدارة المرور متهم بقتل زوجة سائق ميكروباص ببولاق، من سرايا النيابة بضمان وظيفته. وفي شهر أغسطس الماضي، قُتل «عزت . ع . ا»، 46 عامًا، موظف بوزاره المالية، بعد احتجازه بقسم المطرية بأيام، حيث قالت أسرته إنهم عند استلامهم لجثمانه من المشرحة، كان به أثار تعذيب مُبالغ فيها، كتكسير فك الأسنان وعظام القدم وقطع جزء من اللسان وكسر أصابع اليد. وانتشر مقطع فيديو، مٌسرب من داخل قسم «عين شمس» لسجين يلتقط أنفاسه قبل الموت، يحمله ضباط الشرطة ويلقونه على أرض غرفة الحجز، مٌعتدين على المساجين المعترضين على إلقائه على الأرض وتهديدهم بقطع التيار الكهربائى. جرائم التعذيب تلك لم تنتهي ففي قسم المرج وتحديدًا في 21 مارس الماضي، لقى المدعو «مجدي. إ»، ميكانيكي سيارات، حتفه داخل القسم. وزعمت الأجهزة الأمنية جينها، أن وفاته طبيعية نتيجة إصابة بهبوط بالدورة الدموية، إلا أن تقرير الطب الشرعي أشار إلى أن الوفاة؛ لإصابة في الرأس والرقبة جراء تعدي بالضرب.