أعرف أنه من قبيل التكرار الممل الذى ربما يُعلِّم الحمار ويفيد الشطار ويحثهم على العمل، أن أعيد التذكير مرة أخرى بحقيقة أن «جماعة الشر» السرية التى قفزت إلى السلطة ورقدت على صدر الوطن بالتآمر والمخاتلة والتزوير فشلت فشلا ذريعا فى كل شىء، لكنها للحق نجحت نجاحا ساحقا وسريعا فى جر أهل مصر إلى السكن فى قلب لوحة سياسية واجتماعية مروعة تعج وتضج بشتى صنوف الإجرام والفوضى والبؤس والخراب الشامل المعجون بالدم. فى هذه اللحظة نحن أمام دولة تتداعى وتتقطع أوصالها، ويتم هدم أخطر وأهم مؤسساتها عمدا وبفعل فاعل أخرق شرير هيمن السعار المجنون على عقله المظلم، فتوهم أن باستطاعته استخدام السلطة التى نشلها «كطفاشة» يفتح بها باب «التمكين» من أحشاء الدولة ونقلها مخفورة للمغارة السرية، حيث يتكدس الآلاف من أنطاعه الذين اغتصبوا فى أشهر قليلة مناصب ووظائف (فنية) لا يستحقونها، ويتلمظون لأكل هويتها وتغيير جنسها، لكى تصبح «دولة للإخوان» لا الدولة الخادمة للمصريين. كل مؤسسات ومرافق الدولة المصرية (تقريبا) أخذت نصيبها من العربدة، وكابدت من جرائم «التمكين» وضرباته.. القضاء ومرفق العدالة والقانون حوصر وشتم وجرت بهدلته والتشهير السافل به حتى وصل الأمر إلى حد السطو المفضوح على أخطر مراكزه وأكثر أعصابه حساسية، أى منصب النائب العام، الذى صار «نائبا خصوصيا» يرعى مصالح «جماعة الشر» ويحمى عصاباتها الجوالة من وصول قبضة القانون إليها، مقابل نشاط محموم فى ملاحقة خصومها والتنكيل بمعارضيها. الاغتصاب والسطو غير المشروعين نفسهما تعرضت لهما مؤسسات عديدة أخرى، لم تبدأ بهيئات ومرافق الخدمات العامة (تموين، وحكم محلى، وتربية وتعليم، وأوقاف، وخلافه) ولم تنته بوسائل الإعلام العمومية المملوكة للشعب، سواء الصحافة المكتوبة أو الإذاعة والتليفزيون الرسميان.. ثم فى نهاية المطاف وصل قطار «التمكين» الأعمى المتهور إلى جهاز الأمن والشرطة، إذ أطلق وزير الداخلية «المتأخون» خطة، هدفُها إعادة إنتاج مأساة الماضى الأليم القريب، وراح الرجل يجاهد من دون تبصر ولا أدنى حس بالمسؤولية، لكى يقلب دور وواجب قوات الجهاز من حماية أمن الشعب وضمان سلامته إلى العكس تماما، وإجبار رجال الشرطة على التصرف كمليشيا قمعية «ملاكى» تمارس القتل والقمع والتعذيب الوحشى بالوكالة عن «الجماعة» التى تحكم البلاد بالعافية من مغارة المقطم. وحتى «الجيش» لم يسلم من أطماع هذه «الجماعة» الفاشية المجنونة، فقد رأيناها تحاول (بخيابة) العبث فيه وخرقه والتسرب إلى حياضه، ولا شىء أو إشارة تمنعنا من تخمين أنها ما زالت تحلم وتخطط وتتآمر لتكرر المحاولة. وكما ترى فإن الغباوة والغشم صعدا ب«جماعة الشر» السرية إلى أعلى سماوات الإجرام والتخريب والجنان الرسمى، وظنى، بل اعتقادى الراسخ أن لا أحد يستطيع إنقاذها من نفسها، فهى تبدو مسعورة ومندفعة بأقصى سرعة إلى مصيرها الأسود المحتوم.. وانظر حولك من فضلك وستجد ألف مليون دليل، يدعم هذا الظن والاعتقاد يؤكدهما، آخرها أن الست «الجماعة» و«ذراعها» الرئاسية يلوذان حاليا بطناش وتناحة مدهشين، ولم يُظهرا حتى الساعة ما يشى بأن عيونهما الكحيلة وبصيرتهما العمياء التقطت معنى ودلالة انفجار الغضب والتمرد الحالى غير المسبوق فى أوساط قطاعات واسعة من أبناء جهاز الشرطة الذين هبوا بوعى وشجاعة يحتجون على خطة إعادتهم مرة أخرى لكى يستخدموا أداة للبطش والترويع واستعمالهم سوطا يلهب ظهور ناسهم وأهلهم وشعبهم. طبعا الطناش والتناحة ليسا حلًّا، وإنما هما طريق مضمون وقصير يوصِّل الماشى عليه إلى الداهية رقم ستين، المشهورة وذائعة الصيت!!