بعد أن رد ملايين المصريين أول من أمس (خصوصا فى محيط قصر الاتحادية) ردا شجاعا وبليغا وحازما، على بؤس وجلافة وبذاءة تظاهرة أوتوبيسات وساندوتشات وأموال «أبو لهب» التى أثارت قرف ورعب حتى الحيوانات الوادعة فى حديقة الجيزة، لست أظن أن الست «جماعة الشر» وقطعان أتباعها وتوابعها الذين سَلَّط المولى تعالى عليهم (من فائض رحمته بهذا الوطن وأهله) ظلمات عقولهم وعمى أبصارهم وبصائرهم، ولا أتوقع أنهم سيَبرَؤون من الحماقة والجنان الرسمى ويتّعظون ويفهمون رسالة مصر القوية إليهم وخلاصتها أنهم بأوتوبيساتهم وساندوتشاتهم وملياراتهم مجهولة المصدر بؤساء ومساكين ومنبوذون ومكروهون جدا ومن ثم لن يتمكنوا، بل من رابع المستحيلات أن ينجحوا فى تنفيذ جريمة قتل روح هذا البلد واختطافه دولة ومجتمعا وشعبا ووضع كل هذه «السريقة» العظيمة فى «شيكارة» القهر والظلم والتخلف والخراب، وبناء دعائم نظام ديكتاتورى عاتٍ وظلامى له ملامح فاشية مرعبة لم نشهد لها مثيلا فى تاريخنا الحديث كله. أقول قولى هذا استنادا إلى دروس وخبرات قابعة فى صفحات التاريخ الإنسانى (وسجلات مرضى العقول أيضا) ملخصها أن المسعورين الأغبياء المهوَّسين المهجوسين بأوهام القوة العارية الغاشمة، كلما احتكمت الأزمات التى يصنعونها لأنفسهم بالتهور والجشع والغرور وكلما أطبقت على أعناقهم خنقة النبذ والكراهية والحصار، زاد جنانهم وهياجهم وتفاقمت خطورة حالتهم الدماغية أكثر وأكثر، وبدل أن يتعقلوا ويخففوا من غلواء الطيش الإجرامى ويؤثروا السلامة، يُظهِرون مزيدا من الاندفاع فى طريق الندامة، ويطيشون وينفلت عقالهم تماما فيرفعون من وتيرة عربداتهم ويلطشون بوحشية ذات اليمين وذات اليسار، كأنهم يستعجلون حلول قدرهم المحتوم ونهايتهم السوداء. لا أريد أن ألبس رداء الحكمة، وأتنبأ بما سيفعل المجرمون بهذا الوطن فى الساعات المقبلة، لكنى واثق أن خليط الشر والجنون والغباء سوف يجعلنا نرى آيات من الشيطنة الرعناء لا يستطيع أحد أن يعرف مداها ولا حجمها أو مستوى فحشها وبشاعتها.. يعنى باختصار، فضيلة الأخ «الذراع الرئاسية» لن يتمرد على عادة «السمع والطاعة» التى تَربَّى الإخوة عليها فى مغارتهم المظلمة، وسوف ينفذ فضيلته حرفيا وبغير اجتهاد توجيهات وقرارات عصبة الكهنة المتربعين على تل الجماعة، وسيبدى (عكس ما يقول العقل وما تفرضه حقائق الواقع) تحجرا وعنادا من النوع نفسه الذى ألقى بالمخلوع وولده فى ظلمات التهلكة ومقلب نفايات التاريخ. أتوقع وأدعو الشعب المصرى وجموع شبابنا الباسل التواق إلى الحرية وبناء مستقبل مشرق لوطن طالما عانى شعبة من الظلم والتأخر، إلى اليقظة والحذر من مخاطر وجرائم قطعان ضالة مسعورة مجنونة وكذوبة قفزت إلى حكم البلاد بالتآمر والمخاتلة والخداع، وأنشبت أظافر توحشها فى اللحم الحى للمجتمع والدولة.. واعلموا جميعا أن هذه القطعان سوف تستقتل وتستميت لكى لا تندحر وتحلّ عن سمانا بسرعة وتذهب إلى الكهوف والمقابر المعتمة التى تسربت منها (مثل روائح العفن) فلوثت سمعتنا ولطخت صورة حضارتنا وكبست على أنفاسنا وكادت تسمم الهواء الذى نستنشقه، وراحت تجاهد بقسوة وغشم لسحق أهداف ثورتنا وتبديد طموحاتنا وأحلامنا، غير أن رب العالمين تَرفَّق بنا وأوقعهم بغير إبطاء فى شر أعمالهم وشرك غباوتهم وجهلهم، ولن يخرجوا منه أبدا سالمين، بل مهزومين ومسحوقين.. هذه هى الحقيقة المؤكدة، أما الباقى فمجرد تفاصيل لا تعطل قدَرا، ولن تمنع الانتصار على هؤلاء القوم الظالمين، قريبا، بل قريبا جدًّا إن شاء الله.