صباح أمس، ما كدت أجلس لكتابة هذه السطور حتى هبط على رأسى كصاعقة نبأ رحيل شهيد الإجرام والوحشية والتعذيب الشاب الرائع محمد الجندى، ومعه زميله فى الكفاح ورفيقه فى الجنة، إن شاء الله، عمرو سعد، لينضم كلاهما إلى قافلة أجمل وأنبل زهور مصر الذين تلاحقهم «عصابة الشر» الحاكمة حاليًا، بالقتل والتعذيب والجرح والسحل وإهدار الكرامة يوميًّا، ثم لا تتخفَّى ولا تستتر كأى مجرم، وإنما تتواقح وتمعن فى الفجور، فتطلق كلابها النابحة وبومها الناعقة بالأجرة على الناس، لكى تُسمعهم مواعظ كذَّابة ودروسًا فى النصب والتدليس عن أهمية وضرورة نبذ العنف.. متناسية حقيقة أن هذا البلد لم يعرف إرهابًا ولا عنفًا ولا عربدة وبلطجة سياسية إلا عندما ابتُلى بهذه «العصابة» وأتباعها، فهم الذين اخترعوه فى الماضى، كما أنه فى الحاضر سبيلهم الوحيد ووسيلتهم اليتيمة لتنفيذ أوهام «التمكين» والسطو على الوطن دولة ومجتمعًا وإقامة نظام فاشى ومنحط بقدر ما هو فاشل ومجرم. لقد كانت نيَّتى أن أكتب عن آخر وأخيب فضائحهم ونموذج مذهل من نماذج كذبهم، إذ نسبوا بالفبركة المنقوعة فى الغباء والجهالة لمؤسسة إعلامية عالمية عريقة «هيئة الإذاعة البريطانية» فرية، أن هذه المؤسسة صنعت استطلاعًا للرأى كشفت نتيجته أن 82 فى المئة من المصريين راضون عن حكم «العصابة» و«ذراعها» ويكرهون وينبذون «جبهة الإنقاذ» المعارضة(!!)، لكن الكذبة سرعان ما انكشفت وانفجر دويّها الفضائحى فى وجوه سوَّدها إدمان النصب والخداع بخيابة.. كانت هذه نيّتى، غير أن ثقل الأحزان وواجب المشاركة فى جنازة، لا بل «عُرس» الزهرتَين الشهيدتَين، منعانى من التقليب فى أوراق الفضيحة وكتابة باقى هذه السطور، ومن ثَم تمنَّيت على الزملاء فى «التحرير» أن تظل باقى المساحة بيضاء، ليس حدادًا وإنما تحية لأرواح شهدائنا الأبرار جميعًا الذين ماتوا لنعيش، وضحّوا لننتصر على الشر و«جماعته».. وسننتصر إن شاء الله