تنويه هام: هذه ليست مقالة خبرية فأنا لا أقدم معلومات موثقة أو اتهامات محددة، بل هى مجرد مشاهدات تحتاج إلى عمل جاد من الأجهزة الرقابية وتفكير أعمق من أجل خلق مجال اقتصادى حقيقى، ووقف نزيف إهدار الأموال ونقلها بطرق مشبوهة فى السوق المصرية. ■ المشاهدة الأولى إن الارتفاع الشديد فى أسعار الأراضى والعقارات، بالأخص فى المناطق المعزولة جغرافيا، التى لا توجد بها منافع أو مرافق صالحة حتى الآن، لا يقابله الحد الأدنى من الخدمات المناسبة. وتجد من يحمل أكثر من عشرة ملايين فى شوال لشركة تنمية عقارية أو جهة حكومية ليشترى بيتا أو أرضا فى أغلب الأمر لا يحتاج إليهما، مما يؤدى إلى ارتفاع جنونى فى الأسعار يعصف بأحلام الطبقة المتوسطة والعليا فى سكن ملائم. وهناك أيضا الساحل الشمالى الذى تكسر الإيجارات به حاجز ال150 ألفا شهريا فى بعض المنتجعات، وللأسف لا تخضع لضرائب لأنها تعاملات غير رسمية. ■ المشاهدة الثانية هذا الكم الهائل من الكافيهات التى اجتاحت المناطق والعقارات السكنية فى القاهرة لا يمكن أن تحقق ربحًا يغطى التكلفة. فتجد بعضهم يفتح كافيها فى فيلا ذات مساحة شاسعة بإيجار مبالغ فيه، ويأتى بفريق عمل يكلفه الآلاف شهريا، ناهيك بمصاريف الديكور والمطبخ. بالطبع هناك كافيهات تعمل بطريقة سليمة ومقبولة منطقيًّا، وأنا هنا أتطرق إلى الشاذ منها ولا أعمم إطلاقا. فكثير من تلك المشاريع بلا ظاهرة واحدة لتحقيق ربح ومستمر فى الصرف المبالغ فيه، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة حول ماهية الأموال المصروفة. ففى تلك الفترات من التسيب وانتشار تجارة السلاح والمخدرات وتهريب الآثار علينا أن نتوخى الحظر جيدا، ونبحث فى الأدوات المستجدة لغسل الأموال بشكل أدق. ■ المشاهدة الثالثة وها هو قد انتهى شهر المسلسلات والإعلانات المعروف إعلاميا برمضان، وتبخرت الملايين على عشرات -مجرد عشرات- من الممثلين بلا أى إضافة إلى الحياة الفنية أو انعكاس إيجابى على الاقتصاد. والسبب وراء ارتفاع أجور الممثلين لتصل إلى عشرات الملايين فى بلد عجز موازنته أصبح مرضا مزمنا، هو الإعلانات. للأسف ليس هناك سقف قانونى لإعفاء الإعلانات من الضرائب، فلا غرابة أن تجد شركة واحدة تكلف إنتاج إعلان لمدة دقيقة عشرة ملايين جنيه، ناهيك بمصاريف عرضه على القنوات التى تتخطى الملايين فى شهر رمضان. فبدلًا من أن تقوم الشركات بدفع الضرائب، فإنها تصرف الملايين على إنتاج الإعلانات. سيقول قائل إن الشركات المنتجة للإعلانات والدعاية هى من تقوم بدفع الضرائب. ربما يكون ذلك صحيحا لكن من الممارسة يتضح أن الأموال تتبخر ولا تجد لها صاحبا، فمثلا الفنان الذى يحصل على ملايين يستثمرها فى عقار ليرفع سعر المنطقة وتتوه أمواله عن عيون الضرائب. ■ هذه ليست بلاغات ضد قطاعات بعينها، ولكنها دعوة للقائمين على البلد سواء فى الأجهزة الرقابية أو التنفيذية للنظر إلى تلك الممارسات غير السليمة فى ظاهرها، والتى تؤدى إلى دورة مشبوهة للأموال فى السوق، وتثير علامات استفهام كبيرة حول كونها غسل أموال. فهل فكر المسؤولون فى هذه الملفات حين تم إصدار قانون بعزل وإقصاء رؤساء الهيئات الرقابية والمستقلة؟