بعد مشقة المطاردة تمكنت انثي الاسد الجائعة من اصطياد الغزالة.. وحين حاولت التهامها وجدت أنّ فريستها حامل، فانصدمت وإرتبكت فحاولت في بادئ الأمر أن تنجي الجنين، وانشغلت عن افتراس الغزال، لكنّها عندما عجزت عن إنقاذ الجنين إنطرحت أرضا الى جانب فريستها.. توجّه المصوّر إليها بعد ساعات.. فوجد أنّ انثي الاسد قد فارقت الحياة ! إن المبادئ أصول يسير عليها الفرد في حياته الكونية على أنماط يحتكم إليها عقله وقلبه وهي الأسس التي يسير عليها الإنسان والمنهج الاساسي الذي يجب ان نتبعه لنحيا بأمان وليكون لهذه الحياه معنى وقيمه.. تلك المبادئ قامت عليها أديان وزرعها الدين في نفوسنا ومرتبطه بعقيدتنا وشريعتنا وانسانيتنا ولا يمكن التفريط بها مهما كانت الظروف. إن الناظر إلى سير العظماء والعلماء والأبطال والأحرار، وكيف كان حالهم مع المبادئ التي اعتنقوها، تجد ثباتاً عجيباً وإصرار فريد ينبئك عن إيمان ويقين أصيل وقر في تلك القلوب وتلك العقول حتى خلفت من بعدها.. أمجاداً عاش على إثرها من خلفهم من بعدهم من الناس، يتفيئون في ظلال ذاك الثبات وذاك الإصرار. مع إختلاف المبادئ تكون نتائج الثمار وحصدها وأثرها فإن خيراً فخير، وإن شراً فهي على ما كانت عليه.. تلك المفاهيم الرائعه التي كلما تمسكنا بها كلما اصبحنا بحال افضل.. وكلما تنازلنا عنها.. كلما سقطنا أكثر إلى الهاوية إن النكوص على العقب يوحي بوقوع خذلان في النفس، وتخبط في الأخلاق وإنكسار في الفطرة السليمة السوية التي جبلت على المبادئ والقيم النبيلة والعزيزة، فعلينا أن نحذر من أن ننصك عن تلك المبادئ والقيم وان نعارضها ونسير عكسها فنعيش في تخبط وضياع يسير بنا إلى هاوية سحيقة.. علينا أن ننادي في عقولنا الرشيدة وقلوبنا السليمة ونفوسنا المستقيمة بأن نعي حقيقة ما خلقنا عليه ولأجله، وأن نتنبه للقيم والمبادئ التي نسير عليها الآن، فهل توافقت مضامينها وحقيقتها وما تؤول إليها في عاقبتها؟. إذا نظرنا إلى واقعنا الذي نعيشه، سوف نعرف الإجابة بأنفسنا.. وإذا نظرنا الي تاريخ العلماء والمبدعين والعظماء والابطال والزعماء، وكيف كان حالهم مع مبادئهم التي كانوا يعتنقونها وقيمهم التي كانوا يؤمنون بها.. ستجدون ثباتاً عظيماً كان نتيجته انهم حققوا ما سعوا إليه وانجزوا ماحلموا به ووصلوا الى ما عجز عنه الاخرون. المبادئ والقيم.. ماهي الا ثوابت لاتتغير بتغير الزمن واهله.. والناس حسب مبادئهم ينقسمون الى ثلاثة اقسام.. أولهم.. اشخاص يمتلكون مبادئ وقيم ساميه وثمينه..فهم ثابتون عليها مهما اختلفت ظروف الحياة ومهما كانت قسوة الزمن. وثانيهم.. اشخاص امتلكوا مبادئ رائعه..ولكنهم سقطوا مع العاصفه.. فتغيرت مبادئهم لانهم اشخاص كانوا فريسة سهلة لكسرهم..والتأثير عليهم. وثالثهم.. اشخاص لا مبادئ لهم.. يعيشون بلامعنى لحياتهم ويموتون دون ترك اي اثر.. ومعظم هؤلاء يدخلون الدنيا ويخرجون منها دون أن يشعر بهم أحد. إنهم يطلبون التنازل عن مبادئنا من أجل مصلحة الوطون كما يدّعون.. والحقيقة أنهم لا يبغون سوى أنفسهم، كي نشارك في الإنتخابات البرلمانية كما تنازل من تنازل وشارك في الإنتخابات الرئاسية الماضية والتي كانت النقطة الكبيرة على منحنى انطلق من نقطة فاسدة ضللت أمة عن سواء السبيل فى بناء مصر جديدة بعد ثورة أزاحة طاغوت عصابة حكم الاستبداد لتأتي بمثله.. وها هى النتيجة: مزيد من الضياع والاتضاع ..! انتخابات صيغت بلعبكة لا تعرف هل هى وليدة الغباء أو الدهاء، ووُضعت لها أُطر قانونية مفصلة تماماً على من وضعوها، سواء فى نطاق التمثيل النسبي ونطاق الدعاية التى لن تحترم شروطا من دين حق أو دنيا نقية، وفي ظل الصراع الدامي بين المعارضة والسلطة التي لا تريد أن تلبي ولو طلباً واحداً للمعارضة، وتريد أن تجبرها وتكرهها على الإمنصاع لها والمشاركة في هذه الإنتخابات تقوم على تنفيذها حكومة لا يمكن وصفها سوى بالفاشلة والمتأمرة على نفسها وعلينا.. حكومة جُهزت لهذه اللحظة الفارقة والفاصلة في تاريخ مصر، وتصر جماعة الإخوان المسلمين ومرشدها التنفيذي في قصر الرئاسة على أن تكون هي حكومة الإنتخابات ومن ثم لن تكون النتيجة إلاَّ تنويعا على انتخابات الحكم الساقط، إلا قليلا، إن كان ثمة قليل.. انتخابات تصفها حكومة الجماعة أنها ستكون منحنة للمصريين.. فعلينا أن نتخيل هذه المنحة ومحمد إبراهيم وأحمد مكي وطلعت عبد الله ستبيت في أحضانهم الصناديق فى ليل يعلم الله خباياه، والأرجح أن تتكشف المنحة عن محنة ..! إننا إذا تنازلنا عن مبادئنا من أجل هذه الإنتخابات فلا يمكن أن تكون واعدة بخير، وإذا زعم الزاعمون أن إرجاء هذه الانتخابات سيجعل الأمور أسوأ، فإن البديهى بعد كل هذا الدم وكل هؤلاء الشهداء، وبعد أن تبينا الفارق الشاسع بين السواء والالتواء، بين هبوط السعار على القوة ورفعة التطلع إلى الحق، أن نختار الأصح الأصدق والأصوب، حتى لو اضطررنا للتوقف برهة. ولنعد إلى بدء صحيح يتمثل فى وفاق وطنى قوامه احترام إحترام مبادئنا التي قامت على معانيها السامية والنبيلة أعظم ثورة أمر يعرقل مسيرته إلا لئيم فى الدنيا ومريب فى الدين. عندما تضيع المبادئ.. علينا أن نخجل لكوننا محسوبين على الإنسانية.. أنثى الأسد هذه هلكت لصيدها غزالا حاملا.. فيما الإنسان لا يتورّع عن التنازل عن مبادئ من أجل شيء من السلطة وأشياء من المال.