السوق السوداء لتجارة الدولار الأمريكى فى مصر مستمرة، وربما عادت إلى عصرها الذهبى، مع تواصل انهيار الجنيه أمام الدولار، على الرغم من كل إجراءات البنك المركزى، والتى بدأت باعتماد آلية «فوركس أوكشنز» لتداول العملة الخضراء، حسب تقرير لوكالة «رويترز» أمس. كانت «رويترز» أصدرت تقريرها بلجوء المصريين إلى السوق السوداء لمواجهة متطلباتهم من الدولار، وقالت «أدَّى التهافت على تحويل حيازات الجنيه المصرى إلى نقص فى إمدادات العملة الصعبة ودفع بعض المتعاملين إلى الشارع بحثًا عمن يريدون بيع الدولار الأمريكى، مما أدَّى إلى ظهور سوق سوداء جديدة»، وتابعت بأن «سعر الجنيه أقل فى السوق السوداء، وهو علامة على أنه على الرغم من أن البنك المركزى تمكَّن من وقف تراجع العملة فى السوق الرسمية الأسبوع الماضى، فإن المصريين يخشون الاحتفاظ بحيازتهم الجنيه. ويتجوّل بعض المتعاملين بحذر خارج مكاتب الصرافة المعتمدة والبنوك فى القاهرة ويعرضون سعرًا أفضل لمن يريدون بيع العملة الصعبة، وهى طريقة غير قانونية». من جانبها، قالت سلوى العنترى الرئيس السابق لإدارة البحوث فى البنك الأهلى المصرى، ل«التحرير»، إن البنك المركزى غير قادر على إنهاء ظاهرة السوق السوداء فى ظل عدم توفّر موارد كافية من الدولار الأمريكى. وتابعت «البنك المركزى يحاول تهميش السوق السوداء إلى أبعد مدى عبر قصر اعتماد أصحاب الاحتياجات الطبيعية من الدولار كالمستوردين مثلًا على البنوك والسوق الرسمية بصورة عامة، بحيث لا يلجأ إلى السوق السوداء إلا المضاربون، وبحيث لا يتحكم فى سعر الدولار إلا العرض والطلب فى السوق الرسمية فقط، لكن لا يمكن للبنك المركزى نفسه وقف المضاربات ما دام استمر رهان البعض على ارتفاعات جديدة لسعر الدولار فى الأجل القصير، مما يمكّنهم من تحقيق أرباح من وراء هذا الارتفاع، ويعتمد الأمر برمته على عودة تدفقات النقد الأجنبى إلى مصر، وهو أمر خارج اختصاصات وقدرة البنك المركزى، فليس بيده عودة السياحة إلى سابق عهدها، ولا تعافى الصادرات ولا الاستثمار الأجنبى وغيرها من تفاصيل الاقتصاد الحقيقى لا القرارات النقدية». غير أن ممدوح مصطفى المدير المساعد لرئيس البنك المتّحد، يرى أن التجار أنفسهم أصبحوا يلجؤون فى أحيان كثيرة إلى السوق السوداء. وقال «لا يستطيع قطاع من المستوردين فى القطاع غير الرسمى الحصول على احتياجاتهم من البنوك كونهم غير مسجلين فيها أصلًا، وهو ما يستدعى لجوءهم إلى السوق السوداء، إذ إن شركات الصرافة أصبحت تدَّعى اختفاء الدولار ولا تتيحه إلا بأسعار أعلى من الأسعار الرسمية المعلنة فى السوق، وهو ما أنعش طبعًا السوق السوداء بشدة».