غريبة الأمم الإفريقية! وأعتقد أنها البطولة الأغرب فى كل بطولات العالم. فى النسخة الماضية حقق المنتخب الزامبى اللقب بعد التفوق على كل منتخبات الصفوة، وهو ما وصفه المراقبون والمحللون والفنيون بأنه مفاجأة من العيار الثقيل فى القارة السمراء، مما أحدث انقلابا خطيرا سنرى عواقبه على جميع المنتخبات الكبيرة التى كانت تعتقد أنها تتسيد القارة إلى ما لا نهاية، والدليل على هذا خروج المنتخب الكاميرونى من البطولة أمام الفريق المفاجأة الرأس الأخضر، والمفاجأة الثانية عدم تأهل المنتخب المصرى الكبير سيد القارة أمام فريق إفريقيا الوسطى فى مفاجأة غير سارة للجماهير المصرية والإفريقية والعربية والإعلامية والتجارية، خصوصا أن مصر هى أقوى دولة مؤثرة على كل النواحى فى الكان بمختلف سنواتها، ومن مفاجآت القارة أيضا الصعود والتأهل للمباراة النهائية فى الكان الحالية بجنوب إفريقيا، ولأول مرة فى كل البطولات لمنتخب بوركينا فاسو الذى صعد إلى منصة التتويج فى ظل غياب قوى عظمى، العالم كله يتحدث عنها فى كل الصحف، وبجانبه المنتخب النيجيرى بعد اعتماده على مدرب وطنى اسمه ستيفن كيشى، نجم المنتخب أو الجيل الذهبى لنيجيريا. بالقطع هى مفاجأة سارة لنا جميعا كمراقبين، ونحن نرى النسخة الثانية على التوالى لم يتوقعها حتى المحللون والمراقبون والصحفيون، إذا كان بوركينا فاسو أو المنتخب النيجيرى. وبنظرة بسيطة إلى كل البطولات القارية أعتقد أن البطولة الإفريقية لها طابع خاص بمعنى كأس الأمم الأوروبية لا يصل إلى الأدوار النهائية، إلا المنتخبات القوية التى تضم عددا كبيرا من نجوم العالم، بمعنى أدق إسبانيا أو فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا أو إنجلترا مثلا، ولا يوجد بها مفاجآت، وهو لغز غريب وعجيب، وينطبق الحال أيضا على كوبا أمريكا فى نفس السياق، المنافسة دائما ما تكون بين البرازيل والأرجنتين وعلى استحياء أوروجواى والباقى يشاهد المباريات فقط لا غير، وأيضا فى كأس العالم من يصعد إلى الدور قبل النهائى هم من الصفوة والكبار، وهذا ليس تقليلا من بوركينا فاسو، ولكن انظر إلى البطولة العجيبة والغريبة التى لا تحدث إلا نادرا على مستوى العالم، وللحقيقة أذهلنى المنتخب البوركينى فى المعدل اللياقى للاعبين، و«الكتشنة» لمديره الفنى بول بوت، واستجابة اللاعبين للطرق التى أدى بها فى معظم المباريات، وكانت مؤثرة، ومهمة الثقة التى اكتسبها اللاعبون من مباراة إلى أخرى للوصول ولأول مرة إلى النهائى العجيب والغريب، وهنا تتجلى صفة الصبر، فعلى الرغم من تقدُّم المنتخب الغانى فى أول اللقاء فقد صعد الفريق من دقيقة إلى أخرى بمستوى أكثر من رائع ليصل إلى نقطة ركلات الترجيح، وهى نقطة لعب عليها المدير الفنى لأن بينه وبين منافسه فارقا مهاريا. حقيقى أنا منبهر بمستوى بوركينا وبطريقة أدائه وقوة دفاعه وصلابة وسط ملعبه والمراقبة التى يفرضها على منافسيه. وتبقى نقط هامة هى أن الفريق لعب دون أى ضغوط، فمجرد صعوده للدور قبل النهائى، كان ذلك قمة الإنجاز. أما المنافس الآخر المنتخب النيجيرى فمن البداية والجميع يقول إنه خارج البطولة نظرًا إلى «المنظرة» التى يلعب بها فى مختلف البطولات، وأتصور أنها تغيرت تماما مع تغير المدرب من أجنبى إلى وطنى يفهم طبيعة الشعب النيجيرى النفسية وماذا يريدون من لاعبيهم، وهذه أولى خطوات النجاح، ولو لم يحققوا اللقب، فالمهم أن نيجيريا اكتسبت فريقا معدل سن لاعبيه مناسب، ويسعى لهدف جديد هو العودة إلى بطولة كأس العالم، وهذا لن يأتى إلا باكتساب الخبرة، وبالفعل جاءت بخط دفاع هو الأقوى فى آخر 10 سنوات لنيجيريا، ووسط ملعب أعتقد أنه يملك حلولا كثيرة وكثيرة، منها دفاعى ومنها رتم اللقاء والسرعة. وفى مباراة مالى، بدليل أن الشوط الأول كان الهجمة المرتدة عن طريق الثلاثى الخطير إيمينيكى وسيموى وإيدى، كانت نسبة الاستحواذ ضعيفة، وفى الشوط الثانى والفريق متقدم لعب على الاستحواذ، وبالفعل قد كانت فى الشوط الثانى النسبة عالية جدا فتخطت 60% ليعود إلى قوة الوسط ومدى الخبرة العالية التى اكتسبها جون أوبى ميكيل نجم تشيلسى الإنجليزى. نيجيريا استفادت من أخطاء الماضى، واستفادت أيضا من سلاح السرعة المتمثل فى الثلاثى الخطير ومن قوة أطرافها خصوصا أليدرسون ليعود الفريق إلى سابق عهده إلى منصة التتويج بفريق حديث العهد قوى الإمكانيات والأسلحة الهجومية وقيادة أكثر من رائعة لمدرب اكتسب الخبرة الإفريقية فى السنوات السابقة هو ستيفن كيشى. عموما نهائى عجيب وغريب لم يتوقعه أحد فى العالم نهائيا، كالعادة فى القارة السمراء التى لديها معطيات غير موجودة على مستوى المعمورة، علشان كده اسمها بطولة العجائب والغرائب الإفريقية.