هل تتسلم واشنطن مفاتيح أمريكا اللاتينية بعد غروب شمس «البوليفارى»؟ مر ما يقرب من شهر على مغادرة الرئيس هوجو تشافيز فنزويلا إلى كوبا لإجراء عملية جراحية رابعة لإزالة ورم سرطانى، ولم يسمع الفنزويليون كلمة من رئيسهم.. لم يشاهدوا صورة له، بل إنه تخلف عن أداء اليمين الدستورية رئيسا للبلاد، لفترة جديدة مدتها 6 سنوات فى 10 يناير، بعد أن أصيب بعدوى حادة فى الرئة بعد العملية التى أجريت له فى أوائل ديسمبر. وهذا الوضع الذى لا سابق له فى تاريخ فنزويلا، يثير جدلا واسعا، سواء فى داخل فنزويلا نفسها أو خارجها حول مصير الزعيم اليسارى الذى حكم بلاده لمدة 14 عاما، وكان خلالها حائط صد منيع ضد الهيمنة الأمريكية فى المنطقة ومدى قدرة من يخلفه على ملء الفراغ الذى سيخلفه غياب تشافيز لأى سبب من الأسباب. وصوَّت البرلمان الذى يهيمن عليه الحزب الاشتراكى الموحد لفنزويلا بزعامة تشافيز، منذ أسبوعين على قرار يمنح الرئيس «كامل الوقت اللازم للعلاج». قدم تشافيز الذى يحكم فنزويلا منذ عام 1999، حيث أعيد انتخابه فى الأعوام 2000 و2006 و2012، نموذجا حيا على قدرة اليسار على تطبيق أفكاره على الأرض. فمنذ وصول هذا الرجل الذى يعتبر نفسه تلميذ الثائر سيمون بوليفار، بطل الاستقلال فى أمريكا اللاتينية، حقق إنجازات عديدة فى مجال الخدمات الاجتماعية، وارتبط به الفقراء والمهمشون، فى نفس الوقت، كان تشافيز طوال تلك السنوات الصوت الأقوى فى مواجهة الولاياتالمتحدة بأفكارها التوسعية. وليس غريبا بالنظر إلى كل ما حققه تشافيز، أن يكون هدفا دائما للانتقادات والتشويه من جانب الإعلام الأمريكى، وخلال الأيام القليلة الماضية وحدها ظهرت عديد من مقالات الرأى فى صحف كبيرة ك«الواشنطن بوست» و«النيويوركر» تهاجم من تصفه ب«الديكتاتور» وتظهر سجله على أنه ليس سوى محض فشل. وفى ظل حالة الغموض حول وضع تشافيز الصحى، تظهر 3 شخصيات من أكثر المقربين له، ربما كانوا من سيشكلون مستقبل هذا البلد صغير المساحة كبير التأثير، سواء ما إذا كانت فنزويلا ستستمر على طريق الاشتراكية الراديكالية الذى بدأه تشافيز أو ستتطور نحو إدارة يسارية معتدلة على غرار البرازيل. ويبرز نائب الرئيس وخليفته المرجح نيكولاس مادورو ورئيس الكونجرس ديوسدادو كابيلو ووزير النفط رفاييل راميريس، وهو وريث سياسى محتمل وجندى وقيادى بقطاع الطاقة، بوصفهم مهندسى عملية انتقال إلى حكم ما بعد تشافيز. وإذا ترك تشافيز منصبه، فستتم الدعوة إلى انتخابات جديدة خلال 30 يوما يخوضها مادورو بوصفه مرشح الحزب الاشتراكى، ومن المرجح أن يفوز بتلك الانتخابات، اعتمادا على أصوات المتعاطفين مع تشافيز، لكن الحكومة لم توفر سوى تفاصيل محدودة للغاية عن حالة تشافيز دون أى أدلة ملموسة على أنه ليس فى غيبوبة.