النائب العام يوقع مع نظيره الروسى مذكرات تعاون في مجال مكافحة جرائم الإرهاب والتطرف وغسل الأموال    مدرب رومانيا: الجيل الحالي من المنتخب لا حدود له    أخبار الأهلي : أول رد من الأهلي على المفاوضات مع نجم الرجاء المغربي    رجال الشرطة يوزعون الزهور والهدايا على المواطنين بالمحافظات إحتفالا بعيد الأضحى "فيديو"    التخطيط : 31.2 مليار جنيه قيمة الاستثمارات الموجهة لبورسعيد خلال 2023/24    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    الرئيس الروسي يعفي ثلاثة نواب لوزير الدفاع من مناصبهم    مرض العصر.. فنانون رحلوا بسبب السرطان آخرهم الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز    "تضامن الدقهلية" تواصل توزيع اللحوم على الأسر الأولى بالرعاية    حقق حلمه.. إشبيلية يعلن رحيل سيرجيو راموس رسميًا    الفلبين: الصين تنفذ مناورات بحرية خطيرة أضرت بمراكبنا    تفاصيل جديدة حول الطيار المصري المتوفى خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    أسقف السويس يهنئ قيادات المحافظة بعيد الأضحى المبارك    في اول تعليق له على شائعة وفاته .. الفنان حمدي حافظ : أنا بخير    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    تفاصيل إنقاذ طفل اُحتجز بمصعد في عقار بالقاهرة    مصر تحصد المركز الخامس عربيا في تصدير البطيخ    وزيرة التضامن تتابع موقف تسليم وحدات سكنية    في ذكري وفاته.. الشيخ الشعراوي إمام الدعاة ومجدد الفكر الإسلامي    حماس: إقدام الاحتلال على إحراق مبنى المغادرة بمعبر رفح عمل إجرامى فى إطار حرب الإبادة    سميرة عبد العزيز تكشف مفاجأة عن سبب تسميتها «فاطمة رشدي الجديدة»    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ارتفاع حالات البكتيريا آكلة اللحم في اليابان    رئيس وزراء الهند يهنئ السيسي بعيد الأضحى    هيئة نظافة القاهرة ترفع 12 ألف طن مخلفات في أول أيام عيد الأضحى    بالترددات وطرق الاستقبال .. 3 قنوات مفتوحة تنقل مباراة فرنسا والنمسا في يورو 2024    وزارة المالية: تخفيف الأعباء الضريبية عن العاملين بالدولة والقطاع الخاص    حصول مركز تنمية قدرات جامعة أسيوط على رخصة تدريب معتمد من الأعلى للجامعات    عاجل.. تطورات مفاوضات الأهلي لحسم بديل علي معلول    بالصور.. شواطئ بورسعيد كاملة العدد ثاني أيام العيد    محمود الليثي ينهار من البكاء في أول تعليق له بعد وفاة والدته    الكرملين: تصريحات الناتو بشأن نشر أسلحة نووية تصعيد خطير    حمامات السباحة مقصد الأطفال هرباً من درجات الحرارة في كفر الشيخ    بعد إعلان رغبته في الرحيل.. نابولي يحسم مصير كفاراتسخيليا    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    مدير صحة شمال سيناء يتابع الخدمات الطبية المجانية المقدمة للمواطنين    إسرائيل تقرر زيادة عدد المستوطنات بالضفة الغربية بعد اعتراف بلدان بدولة فلسطين    الإسكان: تنفيذ 1384 مشروعاً بمبادرة «حياة كريمة» في 3 محافظات بالصعيد    26 عامًا على رحيل إمام الدعاة.. محطات فى حياة الشيخ الشعراوي    القبض على شخص بحوزته أقراص مخدرة بالخصوص    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    التحقيق مع حلاق لاتهامه بالتحرش بطفلة داخل عقار في الوراق    كيفية تنظيف الممبار في المنزل بسرعة وبطريقة فعالة؟    وزيرة الهجرة تطلق «بودكاست» لتعريف المصريين بالخارج تاريخ حضارتهم    سعر الريال السعودي في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    روسيا: لن نسمح بإعادة آلية فرض قيود على كوريا الشمالية في مجلس الأمن    30 مليون مستفيد من خدمات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    مصرع طفل صعقا بالكهرباء خلال شرب المياه من كولدير في الفيوم    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مانشستر سيتي يحدد سعر بيع كانسيلو إلى برشلونة في الميركاتو الصيفي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس الجمعية العربية للاستثمار المباشر: الاحتياطى النقدى بالبنك المركزى نفد تمامًا
نشر في التحرير يوم 22 - 01 - 2013

هانى توفيق: عجز الموازنة أكثر مما تعلنه الحكومة.. و كيف يستثمر رجل الأعمال وأصدقاؤه فى السجن؟
لا يوجد شىء اسمه اقتصاد إسلامى بل توجد منتجات إسلامية مثلما تفعل شركات فى الغرب تقدم منتجات تتبع تقاليد المسيحيين المحافظين
قطر ترغب فى سد فراغ نُظم خليجية أخرى كانت تدعم مصر قبل الثورة.. لكنها لا تستطيع.. ورجال أعمال الإخوان ورثوا سياسة رجال أعمال الوطنى «المنحل»
صعود أبو هشيمة وسفره بصحبة حسن مالك يوحيان بتجدد ظاهرة أحمد عز
هانى توفيق رئيس الجمعية العربية للاستثمار المباشر، ربما يكون مغرِّدًا خارج سرب مجتمع الأعمال. هو يرى أن الأغنياء لا بد أن يدركوا الآن ضرورة أن يدفعوا أكثر ليدرؤوا عن أنفسهم ما أصبح يتوقعه شخصيا، وهو «ثورة اجتماعية».
الرجل الذى يرى فى ارتفاع سعر الجنيه خطورة على الصناعة المحلية، ويعتقد أن استمرار البنك المركزى فى محاولات دعم العملة الوطنية هو «تدليل» للشعب بمحاولة درء مخاطر التضخم عنه. هو يرى فى المقابل ضرورة فرض الضرائب التصاعدية، بينما لا يستبعد وجوب فرض ضرائب استثنائية تُدفع «مرة واحدة» على أصل الثروة، مقابل إتاحة خدمات عامة عالية الجودة ومجانية على نحو اشتراكى.
الخبير الاقتصادى بامتياز، لم يتوانَ فى حديثه ل«التحرير» عن انتقاد أوضاع الاقتصاد بعد وصول الإسلاميين للحكم، رغم أنه لا يرى عيبا فى مشروع الصكوك الإسلامية، وإن كان لا يعترف بوجود ما يسمى «الاقتصاد الإسلامى»... وفى حوارنا معه الكثير.
■ ما تحليلك للاستقالات المتتالية فى القطاع المصرفى وكلهم أهل خبرة.. وهل هذا يعد هروبا أم أنهم استنفدوا أدواتهم فى التعامل مع القطاع؟
- من التقاليد المصرفية الراسخة، تقديم الاستقالات مع تعيين محافظ جديد للبنك المركزى، هذا أمر متعارف عليه وأُدركه من واقع خبرتى كعضو مجلس إدارة فى أحد البنوك، وأقول لمجلس الإدارة قدموا استقالاتكم ليعيد الرئيس الجديد تشكيل المجلس بما يتراءى للقيادة الجديدة فى البنك المركزى كونه البنك الحكومى.
ونضيف إلى ذلك العلاقات السيئة التى تربط بين عدد من المسؤولين، ومنهم على سبيل المثال علاقة لبنى هلال نائب المحافظ المستقيل، بالمحافظ الجديد هشام رامز، وكذلك تخطى رامز نفسه بعض مَن عمل تحت رئاسته، ليصبح فجأة رئيسا عليهم، مثل محمد بركات رئيس بنك مصر، الذى كان يرأس رامز فى البنك المصرى الخليجى.
كما ارتبطت هذه الاستقالات بوضع حد أقصى لرواتب العاملين فى البنوك من القطاع العام، بواقع 35 ضعف الحد الأدنى للأجر فى نفس المؤسسة، وهو ما ينطبق مثلا على طارق عامر، لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن البنك العقارى المصرى العربى والبنك الأهلى وبنك مصر فقط هى من ينطبق عليها تعريف البنك الحكومى «قانونا»، وهو الذى يخضع لقانون الحد الأقصى للدخل، بينما بنك القاهرة مثلا مملوك لبنك يعامَل معاملة القطاع الخاص، كونه يخضع لقانون الشركات المساهمة بعدما اشترى بنك مصر محفظته.
■ ولكن كيف ترى نتيجة هذه الاستقالات وتأثيرها على القطاع المصرفى؟ البعض يرى فى الأمر خسارة نتيجة فقدان خبرات مهمة ويرى آخرون ضرورة تجديد الدماء.
- مستقبل القطاع يواجه خطورة لعدة أسباب لا تتعلق بمن يديره، أولا، أن البنوك لجأت إلى الخيار السهل من وجهة نظرها وهو الاكتتاب فى أذون الخزانة والسندات الحكومية ذات العائد المرتفع بطبيعة الحال، بخلاف انعدام مخاطرها، كذلك بما يجنبّها ضرورات رفع مخصصات لمواجهة المخاطر، والدولة من جانبها أُعجبت بهذا الأمر، واستراحت إلى توفر تمويل عجز الموازنة من الجهاز المصرفى، بما استهلك السيولة فى البنوك وصرفها عن دورها الأساسى فى تمويل الاستثمار الخاص والعام، فى ما يعرف اصطلاحا بتأثير المزاحمة (فى إشارة إلى مزاحمة الدولة للمستثمرين فى الحصول على التمويل المصرفى).
وثانيا، الفترة القادمة ستشهد موجة من عدم القدرة على السداد مع تعثر الاستثمارات خصوصا فى قطاع السياحة، وموجة أخرى من إعادة جدولة الديون، بخلاف قروض التجزئة والقروض الشخصية لأسباب تتعلق بتعثر الاستثمارات أيضا، بالإضافة إلى تراجع فرص العمل والتسريح، وبالتالى تعثر الأفراد فى سداد القروض بعد فقدانهم وظائفهم، كل هذا يعنى انخفاض أرباح البنوك. أقصد أن المقولات الرائجة عن صلابة الجهاز المصرفى مُبالَغ فيها، وأن الأرباح التى حققتها من الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية محفوفة بالمخاطر، خصوصا مع تخفيض التصنيف الائتمانى إلى وضع قريب جدا من التعثر وقريب من الإفلاس.
■ وماذا عن محافظ البنك المركزى المستقيل فاروق العقدة؟
- بالنسبة إلى فاروق العقدة، فهو لم يملك أدوات كثيرة يستخدمها لحماية الجنيه، بعدما أجهز على الاحتياطى النقدى فى سبيل حماية الجنيه، ولذلك فقد ترك منصبه فى الوقت المناسب. فمنذ سنتين وأنا أنادى بتنويع أدوات السياسة النقدية بين مساندة الجنيه من جانب، وترك المجال فى أوقات أخرى لتحريك سعره، فمساندة الجنيه تعنى انخفاض الاحتياطى أو الخيار الآخر هو انخفاض سعر صرف الجنيه، ولا بد هنا من تزاوج بين الآليتين لا أن يُترك الأمر يحدث فجأة وينفجر سعر الدولار على هذا النحو. التدخل مقبول فى أوقات المضاربة فقط، على نحو يدرك معه الناس أنهم حيال بنك مركزى قوى، لكن هذا ليس إلا اختلافا فى الرؤى، ولا يمكن الجزم بمن فينا على صواب.
■ لكن ارتفاع الدولار أمام الجنيه وارتفاع أسعار السلع أغضب الشعب الفترة الماضية؟
- أولا هذه المقولة «مضللة»، مثل أن يقال «لو الدولار ارتفع.. البلد هتولع»، هذا الارتفاع ليس ناجما عن الاستيراد وبالتالى ارتفاع تكلفة الواردات مع ارتفاع سعر الدولار، السؤال إذن «لماذا نستورد؟»، والإجابة «لأن الجنيه غالى».
فى الستينيات كانت فرنسا تلجأ فى الأزمات إلى تخفيض عملتها لتسمح بترويج صادراتها بأسعار تنافسية، كما أن الصين تحارب العالم كله الآن للإبقاء على سعر عملتها منخفضا، كما أن الجنيه الإسترلينى فقد نحو 25% من قيمته خلال السنوات القليلة الماضية. قوة البلد ليست بقوة عملته بل بقدرته على الإنتاج والتصدير والبيع وتحقيق إيرادات، لكن الأمر لا يقتصر على الصادرات فقط، بل هو ضرورى من أجل الإنتاج المحلى نفسه، وخلْق صناعات صغيرة ومتوسطة لا بد أن تحل منتجاتها محل الاستيراد، وإلا «فلماذا نستورد من الصين لعب أطفال وسجاجيد صلاة؟»، فى كل الأحوال التجار لم ينتظروا طويلا ليرفعوا أسعار الواردات مع ارتفاع سعر الدولار، وقد استبقوا الأمر حتى قبل وصول واردات بالأسعار الجديدة للدولار لحماية رأسمالهم من التآكل.
■ لكن مدخلات الإنتاج فى السلع المصدرة من مصر أصلا مستوردة، بما فيها السلع الرأسمالية، ومن ثم فهى معرَّضة للارتفاع فى أسعارها.. فما تعليقك؟
- السلع الرأسمالية تُستورد مرة واحدة، ومع ذلك فمن الممكن تصنيعها محليا، نستطيع صناعة طلمبات ومواتير مثلا، وما زلنا إلى الآن غير قادرين على صناعة سيارة نتيجة ارتفاع أسعار العملة.
■ وماذا تقول عن المصدِّرين الذين يقولون إنهم أُضيروا من ارتفاع سعر الدولار؟
- اليابان دولة فقيرة جدا من حيث المواد الخام والموارد الطبيعية لكنها دولة صناعية، وتستورد الكثير لكنها قادرة على الإنتاج والبيع.
■ ألا تستدعى محاولات حماية الصناعة المحلية تدخلا آخر بخلاف الأدوات النقدية من قبيل صدور قرارات تجارية تستدعى قوائم ترشيد وحظر استيراد بعض السلع مثلا؟
- أنا أطعم كلابى أطعمة مستوردة، وهو ما يبدو أمرا غير منطقى من وجهة نظرى، نحن قادرون على استغلال مخلفات المجازر فى هذا الصدد، لنترك الأمر للتنافس مع ترك سعر الجنيه للانخفاض بدلا من قرار عمدى بحظر الاستيراد، أقصد أن ارتفاع أسعار السلع المستوردة سيجعل التصنيع المحلى خيارًا جذابًا، لكن يمكن فى البداية وقف استيراد بعض السلع الترفيهية مثل «الكافيار» أو فرض ضرائب عليها. أود أن أقول فى هذا الصدد إننا فى حاجة إلى تمويل تأهيل الاقتصاد المصرى وتحويله إلى اقتصاد إنتاجى، على نحو يضمن أن لا تخصص القروض للإنفاق الجارى والأجور والتشغيل الوهمى فى جهاز الدولة الحكومى.
■ نعود إلى الحديث عن الاستثمار فى ظل ما حذرت منه من تأثير مزاحمة الحكومة للمستثمرين فى الحصول على الائتمان.. ويبدو أن الأمر مُبالَغ فيه، كون بعض البنوك نفسها أصبحت مضطرة إلى التوسع فى إقراض الحكومة كوسيلة لاستثمار الودائع فى ظل تردد رجال الأعمال بعدما أصبحوا غير راغبين فى الاستثمار والاقتراض.. فما رأيك؟
- المستثمرون خائفون، فكيف يستثمر رجل الأعمال بينما يرى أصدقاءه فى السجن أو هاربين أو يحاولون التخارج من السوق بلا جدوى، كما أن من يفكر فى استقدام رأسماله من الخارج للاستثمار فى مصر لا بد أن يتردد فى ظل التذبذب الكبير فى سعر الصرف. فى أمريكا مثلا، محافظ البنك المركزى لا بد أن يمثُل شهريا أمام الكونجرس ويدلى ببيان يوضح فيه طبيعة السياسة النقدية فى الفترة القادمة، وهل يستهدف البنك المركزى من خلالها التشغيل أم مواجهة التضخم مثلا، لا يتحدث عن أسعار محددة طبعا للدولار، لكن يفصح عن مؤشرات سياسته.
فى مصر كان فاروق العقدة يرفض ذلك تماما ذلك، وقضى عشر سنوات فى منصبه فى البنك المركزى ويتصرف وحده فى غياب كامل لمجلس تنسيقى بين السياسة النقدية والمالية الذى لا بد أن يلعب دورًا غاية فى الأهمية، فلا يجوز أن يتجه البنك المركزى إلى سياسة نقدية «انكماشية»، ووزارة المالية تتجه فى المقابل إلى سياسة توسعية مثلا.
■ لكن القانون نصَّ على تأسيس هذا المجلس؟
- لكن الحكومة لم تفعل، ولا أهمية حتى لوجود ممثل عن وزارة المالية فى مجلس إدارة البنك المركزى، فعادة ما يجرى الأمر على نحو «صورى» للغاية.
■ بعيدا عن السياسة النقدية وعلاقتها بتشجيع الاستثمار.. هل ترى المناخ السياسى نفسه مواتيا للاستثمار؟
- الحل الوحيد من وجهة نظرى هو التصالح مع رجال الأعمال مقابل رد الأموال إلا فى حال ثبوت ارتكاب جريمة نصَّ عليها القانون، لتبدو الرسالة التى تصل للمستثمرين هى أن مصر تريد عودة المستثمرين للعمل، لا الانتقام.
لا يجوز من وجهة نظرى حبس شخص على قطعة أرض بأقل من سعرها مثلا، بينما هو لم يفعل شيئا إلا أنه استغل الفرصة، فالأوْلى هو التصالح معه برد فارق السعر، على نحو يسمح بتدفق أموال للخزانة العامة ومعاقبة المسؤول الحكومى الفاسد الذى تربح من منصبه والذى تسبب فى الواقعة أصلا.
أقول هذا حرصا على عودة الاستثمار، ونحن فى أشد الحاجة إليه لأن القروض لا تكفى، ولا بد هنا من الإشارة إلى أن قرض صندوق النقد الدولى الذى يجرى التفاوض عليه مع الحكومة المصرية يمثل إنفاق الدولة فى 20 يوما فقط، ف4.8 مليار تساوى نحو 30 مليار جنيه من أصل نحو 500 مليار هى إجمالى النفقات فى الموازنة العامة للدولة، وأى خطة تمويلية فى العالم لا يمكن أن تعتمد على القروض وحدها بل على الاستثمار بنسبة 50% والقروض بنسبة 50% الأخرى، لكنى لا أعتقد أن رأيى هذا سيجد آذانا صاغية فى ظل مطامع رجال أعمال من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو مقربين منها للفوز بمكانتهم ونفوذهم.
لننظر إلى مشهد صعود أحمد أبو هشيمة (رجل صناعة الحديد الجديد) وتصدره المشهد ثم بدء هيمنته على وسائل إعلام بعد استحواذه عليها وسفره إلى الخارج بصحبة حسن مالك (رئيس الجمعية المصرية لتنمية الأعمال والعضو البارز فى جماعة الإخوان المسلمين)، هذا المشهد يوحى بتجدد ظاهرة أحمد عز، وأعتقد أن مشاهد كتلك ستزداد بعد الانتخابات البرلمانية القادمة، وأعتقد أنها ستشهد توطيدًا لأغلبية الإسلاميين مجددا فى ظل ظروف كثيرة، مما قد يعنى أجواء أكثر سلبية بالنسبة إلى المستثمرين بصورة عامة، لكن قد يعنى أيضا خلق مجموعة جديدة من رجال الأعمال المقربين من نظام الحكم تحل محل رجال أعمال الحزب الوطنى.
■ هل تعتقد أن الوديعة القطرية مجرد رافعة انتخابية للإخوان المسلمين مخصصة فقط لسد عجز الإنفاق فى مواجهة بطء إجراءات قرض صندوق النقد الدولى؟
- ثمة مفاجأة لا بد من الإعلان عنها، وهى أن الاحتياطى النقدى الإجمالى 15 مليارًا يمثل الأموال المودعة فى البنك المركزى بالعملة الأجنبية، لكن ليس حقيقة صافى الاحتياطى النقدى نفسه، لأن الإجمالى المذكور يتضمن الوديعة القطرية والسعودية وأذون الخزانة الدولارية بواقع خمسة مليارات، بخلاف مستحقات شركات البترول التى تنقّب عنه فى مقابل 50% من الإنتاج بعدما طلبت الحكومة الإنتاج كاملا مقابل تسديد ثمنه، وهى مستحقات بلغت نحو تسعة مليارات دولار، وانتهى الأمر بتهديد بعض الشركات بالخروج من السوق المصرية، وتنفيذ شركات أخرى لتهديدها مثل «الخرافى»، خصوصا مع تراجع الجدارة الائتمانية.
صافى الاحتياطى النقدى نفد بالكامل وأصبح سالبا، والوديعة القطرية ليست جزءا من صافى الاحتياطى النقدى طبعا، هى مجرد أموال مودعة يمكن سحبها فى أى وقت، فهذه الودائع تستخدم إذنًا للإيحاء فقط. وينطبق الأمر كذلك على عجز الموازنة، إذ تتجاهل الدولة الباب الثامن من الموازنة الذى يمثل رابع أبواب المصروفات وهو أقساط خدمة الدين مما يقلل من حجم المصروفات المعلنة، وبالتالى يوحى بأن العجز أقل مما هو موجود قياسا إلى الناتج المحلى الإجمالى. وهو أسلوب مضلل يرجع إلى عهد محمود محيى الدين (وزير الاستثمار السابق قبل الثورة)، يعنى ذلك أن العجز الحقيقى فى الموازنة أعلى مما هو معلن ويصل إلى 12% علما بأن العجز فى موازنة اليونان المفلسة 10% فقط.
■ لماذا كل هذا التقارب بين نظام الإخوان فى مصر ودولة قطر خصوصا على صعيد العلاقات الاقتصادية؟
- قطر تريد أن تجد لنفسها دورا، ولذلك هى تستغل الفجوة الناجمة عن تباعد ونفور الأنظمة العربية التقليدية كالكويت والسعودية والإمارات التى اعتادت على مساندة الاقتصاد المصرى قبل الثورة، لكنها أصغر من سد الفجوة.
■ هل يمكن للضرائب أن تلعب دورا فاعلا لحماية العدالة الاجتماعية فى الأجل القصير كمورد للدولة دون تحميل الفقراء أى أعباء جديدة؟
- نعم، لكن لا بد أولا من تشجيع الإنتاج والتشغيل، ثم بدء رفع الضرائب تدريجيا، وأنا شخصيا فى هذا الصدد من أنصار التوجه الاشتراكى كما رأيت فى كندا التى تفرض ضرائب عالية للغاية فى مقابل خدمات عامة مجانية وعالية الجودة جدا، مع العلم أن القطاع الصحى كله تابع للدولة ولا نصيب للقطاع الخاص فيه، ليستمر رجال الأعمال إذن فى العمل وفقا لبديهيات النظام الرأسمالى وحرية السوق وقوى العرض والطلب، لكن ليدفعوا الضرائب على النمط الاشتراكى.
■ بينما تضرب المثل بالاقتصاد الكندى تبدو الحكومة الآن وقد ولَّت وجهها قِبل الاقتصاد الماليزى واستدعت مشروع الصكوك الإسلامية؟
- أولا لا بد أن نتذكر أن 80% من النظام المصرفى الماليزى يعمل بأدوات دين تقليدية فى مقابل 20% للصكوك، لكن الصكوك ليست أداة للاقتراض بل للتمويل، وهى فى ما يتعلق بالشركات هى فكرة جيدة، تسمح للشركة فى حال أرادت تنفيذ مشروع هى فى حاجة إلى مصدر لتمويله أن لا تلجأ إلى زيادة رأس مال الشركة كله، وإلا لمنحت المساهمين الجدد حقوقا تتعلق بالأنشطة الأصلية للشركة، بينما هى تريد تمويل نشاط جديد فقط. وهنا تؤسس شركة تفصل النشاط الجديد فى شركة جديدة وتصدر صكوكًا لحملتها لمدة معينة لغرض محدد يحصلون خلالها على أرباحهم، بينما الشركات بطبيعتها قائمة مدى الحياة، وهى أقرب إلى الأسهم.
أما الصكوك الإسلامية فلا اعتراض عليها ما دامت تبتعد عن المرافق العامة للدولة وتتعلق بمشروعات جديدة كمحطة كهرباء بضمان المحطة نفسها (الأصل الممول) والصكوك هنا عائدها هو سعر بيع الخدمة للمستهلكين فى المستقبل، لكن عبر مناقصة تتقدم لها الشركات وتحصل عليها الشركة التى ستحمّل المستهلكين أقل تكلفة. لكن أن تُرهن المرافق العامة السيادية، كملكية على المشاع لصالح صكوك لتمويل الموازنة العامة فهذا هو تخوف كل معارضى الصكوك مما قد يعرضها للضياع فى حال تعثرت الدولة فى السداد.
■ أخيرا هل تعتقد أن هناك ما يسمى بالاقتصاد الإسلامى؟
- لا يوجد شىء اسمه اقتصاد إسلامى، لكن توجد منتجات إسلامية، فمثلا كنت أدير صندوق استثمار إسلاميا وكان بعض أنشطته محظورًا بناء على طلب العملاء، مثل شركات السياحة بسبب تقديم الخمور، وبعض الأنشطة الأخرى التى ينظر لها كأنشطة ربوية، وهذا كل ما فى الأمر لكن هذا لا يخلق شيئا اسمه الاقتصاد الإسلامى، فهناك صناديق استثمار بنفس المحاذير تقريبا فى الغرب لإرضاء العملاء من المسيحيين المحافظين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.