بعد «طباخ الريس» الذى شاهدنا فيه خالد زكى يؤدى دور الرئيس المخلوع حسنى مبارك يجرى الإعداد لفيلم «حارس الرئيس» وجار البحث عمن يؤدى دور الرئيس «الحُركرك» محمد مرسى. طلعت زكريا هو الخيط الذى يجمع بين الفيلمين، فلقد كان طباخا فى الأول وسوف يصبح حارسا فى الثانى. الغريب أن فى اللقاء الخاص الذى جمع بين حسنى مبارك وطلعت زكريا قبل إجباره على التنحى بثلاثة أشهر فقط، كان زكريا يعرض عليه فكرة فيلم «حارس الرئيس»، وأشارت الصحف وقتها على لسانه إلى أنه بعد أن حصل على موافقة من الرئيس لن تستطيع الرقابة أن تقف فى طريقه. مفارقة بالطبع فيلم صُنع من أجل مبارك يتم تقفيله الآن لحساب مرسى، هل كان مبارك مجرد مستمع لما قاله طلعت، أم أنه أضاف أشياء أو استحسن أشياء، وهل من حق مبارك أن يتمسك بحقه فى براءة اختراع الفيلم والاحتفاظ بحارسه الخصوصى. هل توافق الدولة الإخوانية على تقديم شخصية مرسى؟ الرقابة عندما كانت تسمح على استحياء بالاقتراب من شخصية مبارك لم يكن الأمر يمر ببساطة، كانت أولا تشترط أن لا يحدث تماثل، وفيلم «طباخ الرئيس» على سبيل المثال كان شرط الموافقة مرتهنا بأن لا يتم تقليد مبارك، ورشح تباعا عادل إمام ثم محمود عبد العزيز حتى وصل الدور إلى خالد زكى، كانت هناك رغبة من الدولة فى أن تقدم شخصية مبارك بقدر كبير من التعاطف. وربما تجد فى أفلام مثل «زواج بقرار جمهورى» وبعد ذلك «ظاظا رئيس جمهورية» الذى تم فيه حذف اسم رئيس جمهورية من العنوان سوف تجد شيئا من محاولة إضفاء القدسية على شخصية الرئيس. بعد ثورة الربيع شاهد الناس الرئيس فى القفص ويصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد فسقط المقدس. فلم يعد هناك مبرر يمنع تقليد شخصية الرئيس، مثلما تعمد خالد زكى أن لا يقترب من لزماته الشهيرة، كانت الدولة قبلها ببضع سنوات ترددت فى التصريح بعرض فيلم «زواج بقرار جمهورى» إلا بعد أن شاهده جمال مبارك فى عرض خاص، ووجد أنه لا يقدم إلا ما يرضى الرئيس، كذلك كان من شروط تنفيذ فيلم «ظاظا» أن لا يقدم شيئا يوحى بمصر، وبالتالى نمنع أى تماثل محتمل بين ظاظا والرئيس. من الممنوعات أيضا الاقتراب من الأسرة، ولهذا فى «طباخ الرئيس» لم نر لا سوزان ولا علاء أو جمال، فكان الرئيس يأكل منفردا مما صنعه له الطباخ طلعت زكريا. الآن الرئيس ينتقد بضراوة فى عديد من الفضائيات ووصل إلى الذروة فى برنامجى إبراهيم عيسى «هنا القاهرة» وباسم يوسف «البرنامج». مهدت البرامج الفضائية التى كانت تنتقد مبارك قبل الثورة لزيادة مساحة الحرية الدرامية، صحيح أن الرئيس ظل ممنوعا وعصيًّا على الاقتراب الدرامى ولكن الآن تغير الأمر وصار من غير الممكن أن يرى المشاهد فيلما عن رئيس الجمهورية محمد مرسى، وتشترط الرقابة مثلا أن تمنع ظهور أى طيور فى السماء، حتى لا يعتقد أحد أنه يسخر من طائر النهضة الذى يخيم على سماء مصر، الزمن تغير وأصبح رئيس الجمهورية فى متناول الجميع. سقطت الهالات وتبددت المسافات. هل من الممكن أن يؤدى طلعت زكريا دور حارس الرئيس؟ بالتأكيد طلعت سيتقمص دور الحارس، ولا أتصوره بالمناسبة سوف ينافق الرئيس هذه المرة مثلما فعل فى فيلم «طباخ الرئيس»، حيث كان الهدف هو تفريغ شُحنة الغضب بعيدا عن الرئيس وإلصاقها بالحاشية. لا شك أن الناس تحتفظ بذاكرتها حاضرة عندما كان الرئيس يفتح صدره متحديا الحرس فى ميدان التحرير، ويتذكرونه عندما كان فى طريقه إلى المحكمة الدستورية قبل حلف اليمين، عندما غادر سيارته وبدأ فى توجيه تحية لركاب الأوتوبيس الذى تصادف عبوره فى الشارع. هذا الرئيس الذى يمشى الآن فى حراسة مكثفة لم نشهدها فى عز أيام مبارك، تلك المفارقة تخلق انقلابا دراميًّا. «حارس الرئيس» الذى يكتبه الآن مؤلف «طباخ الرئيس» يوسف معاطى، لا أتصور أن الرقابة فى عهد مرسى ستوافق عليه بسهولة، ولكننا فى الحد الأدنى سنشاهده عبر «اليوتيوب». ويبقى السؤال عمن يؤدى دور رئيس يفتح صدره للجميع ثم بعد بضعة أسابيع يضيق صدره ولا يتسع سوى فقط لأهله وعشيرته.. أنتظر ترشيحاتكم!!