تظاهر الاف الاكراد القادمين من جميع انحاء اوروبا السبت في باريس بعد مقتل ثلاث ناشطات كرديات من انصار حزب العمل الكردستاني الاربعاء في العاصمة الفرنسية، في الوقت الذي طالبت فيه انقرة السلطات الفرنسية بالقاء الضؤ على ظروف هذه الجريمة. وتظاهر 15 الف شخص، وفقا للشرطة الفرنسية، في شمال باريس تحت المطر ووسط غابة من الاعلام التي حمل الكثير منها صورة عبد الله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا منذ 1999 معبرين عن غضبهم واستنكارهم لمقتل الناشطات الثلاث، وايضا عن رغبتهم في استمرار المباحثات الجارية بين الحزب الكردي والسلطات التركية. وحمل عدد من المتظاهرين صور سكينة كانسيز وفيدان دوجان وليلى سويليميز واللاتي عثر عليهن مقتولات بعدة رصاصات في الراس ليل الاربعاء الخميس في مقر المركز الاعلامي الكردستاني في باريس. وقالت سيلين يلدريم التي تعمل خادمة في باريس وتؤكد انها لاجئة سياسية الى فرنسا بعد سجنها في تركيا «انها المرة الاولى التي يحدث فيها شيء كهذا في اوروبا (...) نريد معرفة من الذي فعل ذلك». من جانبه قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوجان السبت ان الهدف من هذه الجريمة ربما كان عرقلة مفاوضات السلام بين انقرة واوجلان. وطالب اردوجان السلطات الفرنسية بان تكشف "فورا" كل ملابسات مقتل الناشطات الكريات الثلاث، مبديا في الوقت نفسه دهشتة لعلاقة هذه السلطات بممثلي حزب العمال الكردستاني في باريس. وكان هولاند وصف الخميس مقتل الناشطات الثلاث بانه امر بشع مشيرا الى انه يعرف واحدة منهن ويعرفها ايضا الكثير من السياسيين لانها كانت تأتي بانتظام للقائنا. وقال اردوجان في تصريح نقله التلفزيون «على رئيس الدولة الفرنسية ان يفسر فورا للفرنسيين والاتراك وباقي العالم لماذا (...) يقيم اتصالات مع هؤلاء الارهابيين». وتقول وسائل الاعلام التركية ان اجهزة المخابرات التركية فتحت تحقيقا في هذه الجريمة. وفي بداية التظاهرة الباريسية طالب المنظمون باعتقال المحرضين على الجريمة ووقف اتفاق التعاون الامني بين فرنسا وتركيا وسحب حزب العمال الكردستاني من قائمة المنظمات الارهابية. وقال اتحاد الجمعيات الكردية في فرنسا في بيان وزع على المتظاهرين ان «هذا الاعتداء جاء في الوقت الذي تجرى فيه مفاوضات لايجاد حل للقضية الكردية في تركيا». واضاف البيان «فرنسا تتحمل جزءا من المسؤولية. اذا لم يتم العثور على مرتكبي هذه الجرائم فلا بد ان تعتبر فرنسا متواطئة» في الجريمة. وكتب على لافتات سوداء وبيضاء حملها متظاهرون «هذه الوحشية لن توهن عزيمتنا وهذه الجرائم ستعزز كفاحنا». ويعيش في فرنسا حوالى 150 الف كردي. وكان حوالى الف كردي تظاهروا بعد ظهر الجمعة في باريس في المكان الذي شهد الخميس اغتيال الناشطات الثلاث للتعبير عن غضبهم وايصال مطالبهم الى القضاء الفرنسي. وقال علي (55 عاما) الذي جاء من فرانكفورت بالسيارة مع اربعة مؤيدين آخرين للقضية الكردية «علمنا بالنبأ في الساعة الخامسة (من الخميس) في اتصال هاتفي وانطلقنا في الساعة السادسة». واضاف الرجل الذي وضع صورة القتيلات الثلاث في شارة على صدره «كان يمكن ان نفهم ذلك لو حدث في كردستان او تركيا لكن ليس في وسط باريس. انه امر يستحيل تصديقه». وعبر ابراهيم وايسيجل وايسي وهم في الثلاثين من العمر ووصلوا مساء الخميس من لندن عن دهشتهم. وقال احدهم «في وسط اوروبا! هذا امر يصدم. لم نكن نتوقع ذلك ولا نصدق حتى الآن انهن قتلن». وعبروا عن اسفهم ان «هذا الاغتيال ليس مجرد هجوم على ثلاثة اشخاص بل على عملية السلام» بين حزب العمال الكردستاني وانقرة. وحذر المتمردون الاكراد في حزب العمال الكردستاني الجمعة من انهم سيعتبرون الدولة الفرنسية مسؤولة اذا لم تكشف على الفور ملابسات مقتل ثلاث ناشطات كرديات في باريس. واكدت «قوة الدفاع عن الشعب»، الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني في بيان ان «الدولة الفرنسية تتحمل مسؤولية الكشف فورا عن ملابسات هذه المجزرة التي وقعت على اراضيها في وضح النهار وفي شارع مكتظ الى حد ما في مدينة مثل باريس». واضافت في البيان الذي نشرته على شبكة الانترنت «اذا لم يحصل ذلك، فستعتبر مسؤولة عن قتل رفيقاتنا». ويشير حزب العمال الكردستاني الى احتمال تورط تركيا في هذا الهجوم بينما لم يستبعد المحققون الفرنسيون اي فرضية من تصفية الحسابات الى الخلافات الداخلية او عملية للمجموعة التركية اليمينية المتطرفة «الذئاب الرمادية». ويأتي مقتل النساء الثلاث بينما ذكرت وسائل اعلام تركية ان انقرة واوجلان المسجون في جزيرة ايمرالي اتفقا على مبدأ وقف القتال المستمر منذ 1984 واسفر عن سقوط اكثر من 45 الف قتيل. وسبق لانقرة ان طالبت باريس بكشف ملابسات مقتل الناشطات الثلاث اللواتي قتلن برصاصات في الرأس، وهن بحسب المحققين سكينة كانسيز (55 عاما) التي تعتبر قريبة من عبد الله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني، وفيدان دوغان (32 عاما) التي كانت ناشطة معروفة في خدمة القضية الكردية وممثلة سياسية للاكراد لدى السلطات الفرنسية والاوروبية. اما الناشطة الثالثة فهي ليلى سويليميز (24 عاما) وكانت عضوا في مجموعة شبابية كردية وتعيش بين فرنساوالمانيا حيث تقطن عائلتها. ويتهم اردوجان دولا اوروبية وخصوصا فرنساوالمانيا بعرقلة جهود تركيا في مقاتلة المتمردين الاكراد من خلال السماح لهم بالتنقل بحرية على اراضيها. وقال اردوجان «سكينة كانسيز اوقفت في 2007 في المانيا. ثم اطلق سراحها رغم طلب تركيا تسليمها». واضاف «ابلغنا مكتب الانتربول الفرنسي في نوفمبر 2012 اثناء وجودها في باريس. للاسف لم تتخذ فرنسا اي تدبير» لتسليمها لتركيا. وشدد اردوجان السبت على ان الخلافات الداخلية هي التي تقف على الارجح وراء اغتيال الناشطات. واضاف «طبيعي ان اطرح السؤال. هل هذه المنظمة الارهابية بريئة حقا؟ الم ترتكب مثل هذه الافعال؟» وقالت الصحف التركية السبت ان الاستخبارات التركية فتحت تحقيقا حول مقتل الناشطات.