صدر عن مركز نجيب محفوظ (وهو لم يُنشأ!)، والمجلس الأعلى للثقافة العدد الخامس من «دورية نجيب محفوظ». والشكر موصول لكل من أسهم فى هذا السفر القيم، خصوصا الصديق النبيل د.حسين حمودة، رئيس التحرير، الذى كتب: «هذا كاتب لم ينأ عنه أبدا، هاجس المساءلة والتمرد والتجاوز، ولم تتوقف فى أى وقت ثورته على ما كتبه. والذى يقرأ رواياته التاريخية الأولى، أو رواياته التى كتبها فى الأربعينيات، يجد صعوبة فى التنبؤ بأن من كتب هذه النصوص هو نفسه الذى سوف يكتب رواياته فى الستينيات. وهو نفسه الذى سيكتب (رأيت فى ما يرى النائم) أو (أحلام فترة النقاهة)». وكتب إبراهيم فتحى: «يرفض سرد محفوظ أن تكون حركة التاريخ فوضوية بلا معنى، أو تكون عبثية بلا منطق». فأستاذنا العظيم يرفض تماما فكرة «العبثية» المدمرة لمعنى الوجود الإنسانى. ومن ثم كتب د.حمدى السكوت: «محفوظ لم يكتب عن العبثيين، ولا عن العلم كبديل للدين، وظل يكتب عن التصوف حتى نهاية عمره، وسامح الذين يتهمونه بالكفر وهم لم يقرؤوه، أو لم يحسنوا قراءته». وكتب د.الرخاوى: «محفوظ هو الثائر دائما، يحضرنى بالأصالة عن نفسه، وبالنيابة عن ناسه فى إيقاع حيوى ثورى متجدد لم ينقطع حتى بعد زعم رحيله، وأنا لا أعنى بذلك ما قد يندرج تحت ما يسمى (أدب المقاومة)، وإنما أعنى أساسا معنى: الثورة الإبداع، والإبداع الثورة». وقد كتب د.أحمد عبد الحليم: «لا يمكننا الحديث عن الفلسفة عند محفوظ أو الادعاء بأننا أمام فيلسوف أديب أو أديب فيلسوف». وهذا كلام يحتاج صاحبه إلى أن يعيد النظر فيه، فأستاذنا -كما سبق وكتبت مرارا- هو «فيلسوف الرواية»، الذى قدم لنا خلاصة فلسفته الروحية من خلال قصصه وروايته الخالدة. وهذا ما ذكره د.رمضان بسطاويسى: «محفوظ هو هيجل الذات المصرية فى سعيها نحو مشروع حضارى. وجدته يجسد مسار الوعى المصرى من خلال شخصياته ورواياته، وبت أنظر إليه فيلسوفا فى ثوب الأدباء». أما أجمل الكلمات فكتبها د.محمود الربيعى عن المبدع الذى رد على طعنة الغدر، بتغريدته الأجمل «أحلام فترة النقاهة». ثم يصفه: «إذا حدث محفوظ فحديثه طلى جدا، لغته وسط بين الفصحى وعامية المثقفين، ومخارج حروفه فى تمام الوضوح، يميل إلى البطء بهدف التمكين لصوته فى أذن سامعه. وتشى لهجته بأصوله الشعبية. ولديه ركاز ثقافى واسع ينهل منه. وهو قادر على الاحتفاظ باهتمام سامعه بما يطرحه من تجارب المصرى، ابن البلد، المتعلم المثقف، الذى عرك الحياة، وفهم دروس التاريخ والجغرافيا، مقاصده واضحة، وهو لا يخدع سامعه، ولا يتعالى عليه، وسطى فى الحكم على الأشياء، منصف فى تقييم الناس، قدير على الخوض فى أدق شؤون الوطن