رغم مشاهد المأساة الإغريقية التى كابدها أهل هذا الوطن طوال يوم أول من أمس، فإننى لم أنسَ وعدى للقراء الأعزاء بأن أعلّق اليوم على «نصبة» الدعاية البائسة التى نصبتها يوم الجمعة الماضى حفنة غلبانة (لكنها ممتازة جدًّا) من أعضاء الهيئة الدستورية التأسيسية المشوهة لترويج بضاعتها وطبختها الليلية الفاسدة عند جمهور ظنّته مغفلًا وعبيطًا، لدرجة أن يبتلع سمًّا وعفنًا دستوريين نادرَين، ليس لهما مثيل فى كل تاريخ الدولة المصرية الحديثة، رغم ما شهده تاريخ هذه الدولة من وثائق دستورية رديئة، بيد أن إحداها لم تصل أبدًا فى الوسخ والتخريب العمدى إلى المستوى الكارثى الذى بلغته وثيقتهم المسمومة. غير أن «الحفنة» سالفة الذكر -والحق يقال- لم تكن واثقة تمامًا من أن استغفال الزبون الغلبان سيأتى بالنتيجة المرجوة، لهذا وجدناها تنصب النصبة وتنفذ «النصباية» بإخلاص قبل ساعات قليلة فقط من المشهد الأخير فى مهرجان غش وتزوير فاحشين لإرادة المصريين، سموه استفتاء، من باب «الدلع» ليس أكثر، وقد أبدعت فيه الست «نزاهة» الرقاصة، إبداعات إجرامية بعضها أسطورى فعلًا ويستقر فى قلب الخرافة شخصيًّا. إذن، السادة أعضاء «الحفنة» الإعلانية الدستورية كانوا يشكون «أو لعلهم كانوا متأكدين» أن حملتهم الترويجية محض هجص فى هجص ومجرد عمل استهبالى سقيم، كلَّفتهم «جماعة الشر» بتنفيذه فى الوقت الضائع، ومع ذلك لم يقصروا ولا بدا عليهم أى علامة إحساس بالملل أو القنوط، بالعكس أخلصوا جدًّا فى أداء المهمة وأظهروا مهارة و«خفة يد» يحسدهم عليها أقدم وأشطر بياع «قوطة» معفنة فى سوق العبور، فقد كان الواحد منهم يبرز واقفًا أمام عدسات التلفزة «التى نقلت (النصبة) على الهواء مباشرة»، وينتقى من على وش القفص الدستورى المعطوب «طمطماية» دستورية بالذات يلتقطها بسرعة وأناقة ويعرضها على جمهور الزبائن بينما يده الفارغة تسبح وتشوح فى فضاء القاعة الفاخرة، ثم يهتف بفخر وحماس: اتفرج يا بيه، اتفرجى يا هانم، آدى «القوطة» الدستورية بتاعتنا.. حمراء قانية متألقة ومتوهجة، فَشر التفاح الأمريكانى.. حمِّل وشيل يا مصرى ولا تبالى، وادع لعمك وسيدك «الغريانى»!! بمنتهى التواضع، جمعت لحضرتك بعض «وليس كل» أبدع وأبشع «نمر» التدليس والتزوير الفاضحة التى أهدتنا إياها وأمتعتنا بها مدام «نزيهة الرقاصة» بعدما استحضرتها الست «جماعة الشر»، لكى تحيى حفلة الاستفتاء الباطل على دستورها المشموم المسموم: استبدال جحافل من النشالين وحرامية غسيل وأطفال شوارع و«منجدين» بالقضاة الأجلاء، وتلبيس هذه الجحافل بدلا مزيتة وتعبانة وإقعادهم على مقاعد الإشراف على لجان الاقتراع فى عدد غير قليل من هذه اللجان. التوسع الهائل فى استخدام وسيلتَى «الورقة الانتخابية الدوارة»، و«النطع» و«النطعة» الدوارَين اللذين جرى حشد وتأجير وتسريح مئات منهما على اللجان لسد شرايين طوابير الاقتراع ساعات اليوم كله، ومن ثَم تزهيق وتكفير المواطنين وإجبارهم على المغادرة وترك الصناديق نهبًا للمزورين والغشاشين الملتحين. حصار المواطنين المسيحيين وإرهابهم ومنعهم بالقوة من مغادرة منازلهم أصلًا «فى مناطق عدة من البلاد»، لئلا يتسرَّبوا إلى اللجان الانتخابية. قطع الكهرباء عندًا عن مناطق وقرى ومراكز بأكملها، لكى يتم التسويد والتزوير فى عتمة الليل البهيم وفى جو رومانسى بهيج. التوسع الشديد فى استخدام اختراع «المجلس القومى لحقوق الإنسان» بعد أن أخضعته «جماعة الشر» قبل أسابيع لعملية تغيير جنس ناجحة، فأضحى «مجلسًا خصوصيًّا للإخوان»، ومن ثَم صار مؤهلًا لمنافسة «نزيهة» الرقاصة بقوة فى ممارسة رزيلة التزوير العلنى الفاجر