في كتابه الذي يحمل عنوان »في خيمة القذافي .. رفاق العقيد يكشفون خبايا عهده«، يروي الصحفي والكاتب اللبناني غسان شربل قصة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي من خلال مقابلات أجراها مع رفاق قدامى عملوا مع العقيد ومن بينهم عبد السلام جلود الرجل الثاني في الثورة التي اوصلته الى الحكم. في مقدمة الكتاب قال شربل »القائد التاريخي لا يخطىء، لا يشيخ، ومن صلاحياته التلاعب بالفصول، وتغيير مسارات الأنهار، وطرد التجاعيد الوافدة إلى وجهه. لا مكان في بلاد القائد التاريخي لسبابة ترتفع أو لنظرة تشكيك. سيذهب إلى أبعد من ذلك. سيفكك الجيش الذي أوصله إلى القصر. سيحوله إلى ألوية يوزعها على أبنائه. سيفكك الدولة وسيجعل الفوضى هي القاعدة. سيسمم العلاقات بين القبائل وأفخاذها سيتلاعب بكل شيء. السلطة للشعب والنفط لليبيين والبيت لساكنيه. والزحف الثوري هو الحل. كانت مهمته الأولى تحويل شركائه في ثورة الفاتح من سبتمبر 1969 إلى موظفين لديه. بالبراعة والقسوة والمكيدة التهم مجلس قيادة الثورة قبل أن يحول البلاد إلى جماهيرية ويضعها في عهدة الكتاب الأخضر في عهد جلاوزة الاستخبارات«. وفي جزء آخر من الكتاب، كتب: »كل الخطوط في يد رجل واحد. والرجل مريض. يهرب إلى الصحراء مع خيمته. لا يحب توقيع الأوراق. الأوامر بالهاتف أو شفوية سواء كانت لإنفاق الملايين أو للقتل». نوري المسماري أحد الرفاق القدامى الذين قابلهم المؤلف كان «حاضرا في الخيمة وعلى بابها وفي ثكنة باب العزيزية وفي الطائرة والأسفار. كان شاهدا على ارتكابات هذا الرجل المريض الذي يهوى إذلال القادة والرؤساء وإحراجهم. كان شاهدا أيضا على اغتصابات القائد لزائرات. جهاز كامل كان يسهر على متعة القائد تديره سيدة تستقدم الجميلات من داخل البلاد وخارجها. تحرشه بالنساء أثار أكثر من أزمة مع دولة أو جهة. من عرفوه عن قرب يؤكدون إنه كان شاذا أأأيضا». وقال في موضع من الكتاب: «الرجل الذي قتل معمر القذافي ارتكب جريمتين صارختين. الأولى انتهاكه المعاهدات الدولية والأعراف بشأن التعامل مع الأسرى. والثانية أنه أغتال رواية مذهلة كان يمكن أن تؤلفها اعترافات القذافي أمام المحكمة». شربل يقول إنه سعى في كتابة قصة القذافي إلى البحث عن شهود لا عن محللين أو كما يقول: «عن رجال كانوا إلى جانبه يوم كان يستعد للقبض على السلطة ثم شاركوه فيها أو عملوا في ظله. أتاح لي الحظ أن أعثر على الشهود». ورد الكتاب في 421 صفحة متوسطة القطع مع عدد من الصور الفوتوجرافية وصدر عن دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت. أما الشهود فهم الرائد عبد السلام جلود الذي كان بحق الرجل الثاني في النظام. لاحقا سيعيش جلود ما يشبه الإقامة الجبرية وستوفر له الثورة على القذافي فرصة الانشقاق وتوجيه ضربة معنوية كبرى إلى النظام. تحدث جلود إلى شربل عن امور عديدة منها الكبير ومنها الصغير. من الكبير سعيه إلى الحصول على قدرة نووية من الصين وشراء ترسانة أسلحة من الاتحاد االسوفيتي. تحدث عن العلاقة السيئة مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وكيف اتخذت ليبيا موقفا مؤيدا لإيران في الحرب مع العراق. سأله شربل هل زودتم إيران صواريخ أرض – أرض، فرد بقوله نعم وسأله ان كان ذلك قد جرى مجانا فأجاب قائلا «نعم .. سوريا وقفت معنويا مع إيران. ليبيا وقفت معها سياسيا ومعنويا وماديا. الأمريكيون قالوا إن ليبيا بموقفها افسدت محاولتنا جعل الحرب فارسية – عربية». يقول الكاتب: «تيسر لي ايضا ان ألتقي رجلين هما الأبرز في الدبلوماسة الليبية في عهد القذافي من وزارة الخارجية إلى مقعد مندوب ليبيا في الأممالمتحدة وهما عبد الرحمن شلقم وعلي عبد السلام التريكي». كما ألتقى الكاتب مع عبد المنعم الهوني الضابط الذي شارك القذافي في حركة الفاتح من سبتمبر والذي شغل مناصب عديدة منها مدير الاستخبارات ووزير للخارجية والداخلية. ومنذ منتصف السبعينات حتى بداية القرن الحالي كان الرائد الهوني معارضا ومطاردا. وفي العقد الماضي عاود الحوار مع النظام الذي عينه مندوبا لبلاده لدى جامعة الدول العربية وهو المنصب الذي استقال منه للانضمام الى المحتجين. وحاور الكاتب نوري المسماري الذي عمل من 1979 إلى 2010 أمينا لجهاز المراسم العامة برتبة وزير دولة. وقال «ترك المسماري سفينة النظام في 2010 وكان أول من جاهر بانشقاقه لدى اندلاع الثورة في السنة التالية».