هلِّلْ يا تاريخ بمشاهد حشود المرأة المصرية التى أضاءت الشوارع يوم السبت 15 ديسمبر.. افتخر يا تاريخ بإصرارها على إعلان رأيها فى الاستفتاء على دستور مصر.. الدستور الذى وضعته أقلية لا تمثلنا، ولا تشبهنا، ولا تريد الخير إلا لها ولمموليها، ونعرف من أطلقهم علينا ولماذا، ولن نسمح لهم.. لن تعود مصر قرونا إلى الخلف أبدا طالما خرجت المرأة المصرية للشارع لتقول «لا» قوية هادرة مخيفة.. اشهد وسجل أحلى المشاهد.. صور طوابير البنات والأمهات والجدات اللاتى ذهبن صحبة مع الجارات فى البيت والعمارة والشارع والحى من «الاتحادية» إلى لجان الاستفتاء.. ووقفن ساعات فى طوابير التحدى والتصدى إلى تجار الظلام.. والمرأة عندما تقول «لا» فهى تعنيها، وتستشهد من أجلها.. كل الوجوه التى رأيتها فى الشارع لها ملامح أم خالد سعيد ومينا دانيال وجيكا وباقى الشهداء.. قلوب مفطورة تعرف أن الدور على أولادها، لكنها قلوب صلبة جدا جدا.. كل دمعة أُم هى نار ستحرق أعداء الحياة الذين أغواهم المال واستعبدتهم السلطة.. لن تقسموا الوطن أبدا، ولن يستمر التمييز الطائفى، سوف تخلع المرأة النقاب كما خلعته هدى شعراوى فى مظاهرة استقبال سعد زغلول من عودته من المنفى إعلانا منها أنها ليست أنثى مخلوقة لمتعة الرجل فى الفراش.. وليست عورة، إنما هى شريك خلقها الله ليكتمل بها الرجل.. وجهها هو صورة لجمال روحها وفكرها ومشاعرها.. المرأة هى واهبة الحياة للرجل، وواهبة المشاعر الإنسانية النبيلة، لأنها هى المنبع الذى يخصب الحياة لتزهر ثمارا طيبة.. وهى المحفز لإرادة الرجل، وهى السبب فى نجاحه وفى صموده أمام مشكلات الحياة.. المرأة هى الأكثر حكمة وتحملا وصبرا على أعباء الحياة، وهى الأشجع فى المواجهة، والأجرأ فى إعلان الحق.. والأسرع تضحية وبذلا.. هى صمام أمان الرجل والأسرة والحياة.. لأنها تملك مشاعر الأمومة حتى لو لم تنجب، وتملك الرؤية الشاملة للمواقف، والقدرة على استنباط الحلول الممكنة وتحمل تضحيات تنفيذها بجلد.. المرأة لم تعد فقط الشريك بالنصف فى المجتمع عدديا، إنما هى الوقود المحرك للثورات والنجاح، وهى الحاجز المانع لسقوط الرجال وهبوط الهمم.. وهى الحارس الأمين للحياة الآمنة للأسرة وللوطن.. واسألوا التاريخ عن شجرة الدر أول سلطانة حكمت مصر وهى مملكة إسلامية. حكمتها ثمانين يوما فقط فأنقذتها من الاحتلال الصليبى بإدارتها الحكيمة للدولة والجيش.. ود.مرسى فشل فى حل خمس مشكلات داخلية فى مئة يوم!! وحتشبسوت التى حكمت مصر فى القرن الرابع قبل الميلاد، سجل لها التاريخ تعضيدها لأركان أساسية فى الدولة كالتجارة والسياسة الداخلية والخارجية.. ومثلها نفرتيتى وكليوباترا.. ومع قيام الدولة الحديثة فى عهد محمد على أنشأ مدرسة للممرضات كانت هى النواة الأولى لخروج المرأة إلى العمل.. والفضل لدعاة التنوير أمثال رفاعة الطهطاوى وقاسم أمين، الذين دفعوها للحصول على حقها فى التعليم والعمل والمشاركة فى البرلمان.. فتألقت فى العمل التطوعى والجمعيات الخيرية والأدبية وبرز دورها الوطنى فكانت فى طليعة ثورة 1919.. وحاربت لنَيْل حقوقها السياسية التى أغفلها دستور «23»، وانتزعت حقوقها كاملة.. وأنجبت أجيالا نفخر بها أمثال نبوية موسى رائدة التعليم والعمل الاجتماعى، وعائشة عبد الرحمن أستاذة التفسير بكلية الشريعة التى جالت فى الدول العربية تعلم الشريعة وتزهو بها مصر.. وروز اليوسف وسهير القلماوى وكثيرات كتب ويكتب التاريخ أسماءهن بالنور مثل د.نوال السعداوى، وجميلة إسماعيل، وبثينة كامل، وريم ماجد وكثيرات.. كل فتاة وأُم مصرية وقفت فى طابور الاستفتاء على الدستور أثبتت جدارتها بكونها إنسانا وليست آلة للمتعة والإنجاب والسمع والطاعة، كما يريدها الدستور الجديد.. الدستور المكتوب من خلف نقاب أسود بلا ثقوب للرؤية.. نقاب يحاول المد والاتساع لينسدل على رؤوس الرجال والنساء فى مصر كلها.. ولن ينجح لأن أهدافه شريرة، ولأنه ضد طبيعة الأشياء، وضد الحياة، وضد إرادة الله أولا.. وهنا أقول لكم خافوا.. ارتعبوا من انتقام الله ممن يتاجرون باسمه.. وارتعبوا من طوابير المصريات اللاتى خرجن من بيوتهن تنازلكم لتردعكم.. أنتم ترهبونهن بسلاح حرق وقتل واغتصاب وتعذيب أولادهن وبناتهن، وهن يحاربنكم بقلوب أمهات الشهداء.. وهو سلاح مدمر لو تعرفون.. المرأة المصرية غاضبة، وخرجت لمواجهتكم.. فاحذروا.. وتذكروا مشهد خيرت الشاطر نائب المرشد وهو ذاهب يدلى بصوته وسط حراسة مدججة. الستات اصطادوه وصوروه وصرخوا ينادونه بالقاتل فلم يرد وجرى، خاف منهن، لأن ميليشيات أبو إسماعيل المتحركة كانت بعيدة فى الجيزة بتحرق مكاتب المعارضين وتقتل الصحفيين ولن تسعفه بسرعة.. وخاف لثقته أن أسلحة الستات تبدأ باللسان، إلى قبقاب شجرة الدر المرعب.. أثق أن الله هو حارس مصر وحافظها ومخلصها من أعدائها الخفيين والظاهرين.. وأدعو لكم بالهداية.. يا رب افتح بصيرتهم، وانزع الغشاوة عن قلوبهم ليعودوا بشرا بملامح إنسانية كما خلقتهم.. لا شياطين لأن شكلهم وحش.. آمين.