فيمَ كان يفكر الرئيس عندما أقر التعديلات الضريبية التى ترفع أسعار أكثر من 50 سلعة مرة واحدة، وبنسب غير عادية؟.. هذا صباحا. وفيمَ كان يفكر الرئيس عندما ألغى قرار التعديلات الضريبية التى ترفع أسعار أكثر من 50 سلعة مرة واحدة، وبنسب غير عادية؟.. هذا مساء. قرار مرسى برفع الأسعار نشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ 6 ديسمبر، على أن يتم العمل به فى 7 ديسمبر، رغم أن عدد الجريدة نفسه أرسل إلى مشتركيها أمس 9 ديسمبر، وهو ما يجلعنا نتساءل عن كذب الرئاسة المتتالى والمتوالى حتى فى نشر القرارات الرئاسية فى الجريدة، ولا يمكن لأحد القول إن الجريدة التى تأخرت؛ لأن فكرة نشر الخبر بتاريخ قديم تحدث منذ أيام النظام القديم واستعملها أيضا المجلس العسكرى فى أكثر من قرار وها هو مرسى يكمل المسيرة. من جعل مرسى يتخذ هذه القرارات؟ وبناء على أى دراسة؟ ومن جعله يتراجع فيها؟ ودعونا نكون حسنى النية ونقول إنه اعتمد على «دراسة»، وليس «مقر الرئاسة بالمقطم»، فأى دراسة هشة تلك التى كان مقتنعا وواثقا بها صباحا واتخذ القرار بناء عليها، ثم نسفه بعدها بساعات؟ التراجع هنا لم يكن من أجل عيون الشعب.. لكنه الخوف لأن اتخاذ قرار مثل رفع الأسعار فى مثل هذا الوقت من التطاحن والتناحر السياسى والكره الشنيع للجماعة وسياسات مرسى كان سيمثل قرارا من أغبى ما اتخذ فى السنين الأخيرة جمعاء. البيان الصادر عن الرئاسة ليلا على «فيسبوك»- لا أعرف كيف يصدر الرئيس قراراته فى الثانية بعد منتصف الليل وهو الداعى إلى النوم مبكرا؟- يقول إن هذا إيقاف للقرار لا إلغاء له.. أى أنه بإمكان مرسى تفعيل القرار فى أى وقت والعمل به.. كذلك يقول البيان إنه ستتم الدعوة إلى عمل حوار مجتمعى حول زيادة الأسعار، وكأن الحوار سيجعلنا نوافق على رفع الأسعار. كيف يؤكد البيان الصادر عن الرئاسة بعد التراجع عن رفع الأسعار أن ذلك جاء لأن مرسى يحس بالشعب ولا يمكن أن يفرض عليه عبئا اقتصاديا إلا بموافقته؟ بالذمة هل شاهدت عبثا أكثر من هذا؟.. هل سيوافق شعب ما فى أى دولة فى العالم على رفع الأسعار عندما يسأله الرئيس عنها؟ وهل شعر مرسى بالشعب هذه المرة من بعيد رغم أن الرجل نفسه رأى المحتجين على إعلانه الدستورى وجمعيته «التأسيسية» أمام بوابة قصره ومن موكبه، ولم يتراجع ولم يستشعر الغضب.. أم أن «خيرت بك» كان له رأى آخر فى موضوع الأسعار؟ حقيقة، جملة «يستشعر نبض الشعب» التى جاءت فى البيان مضحكة للغاية، لأن مرسى آخر شخص فى العالم يمكنه أن يشعر بالشعب.. رجل يشعر بجماعته فقط فما حاجته إلى الشعور بالشعب؟ المؤكد أنه لم يشعر بدم الشعب المراق عند سور قصره، فكيف أصبح فجأة مرهفا لدرجة أنه يستشعر نبضه؟ اللعنات والسباب والشتائم والسخرية التى حصل عليها النظام فى وقت يقل عن 24 ساعة كان عليه أن يجعلها دعاء له بتسديد خطاه كما يفعل أى نظام فى بداية حكمه، أما إن كان التراجع هو سمة أساسية فى فترة حكم مرسى، ولا يجده شيئا معيبا، فلماذا لم يتراجع عن الإعلان الدستورى؟ أو الاستفتاء على الدستور الإخوانى؟.. ثم إن فكرة أن يخرج حزب الحرية والعدالة الإخوانى رافضا سياسات الحكومة فى هذه المسألة هراء وكذب جديد منهم على الشعب، لأن متخذ قرار رفع الأسعار هو محمد مرسى لا هشام قنديل. نقطة أخرى.. ما الذى يجعلنا نثق فى رئيس يتخذ قراراته طوال الوقت بهذا الشكل المتسرع؟ كأنه فرحان باللعبة، ومن وقت لآخر يريد «تجريب» سلطته، والتأكد من قدراته على الاتخاذ والتراجع.. فمنذ أن جاء ممثل الإخوان إلى الرئاسة وتتابعت قراراته (عودة مجلس الشعب، بطلان مجلس الشعب، عزل النائب العام، ثم عودته، وعزله مرة أخرى، إصدار إعلان دستورى، ثم إلغاء إعلان دستورى وزيادة الأسعار وإلغائها)، مصر ليست مرجيحة أيها الرجل الإخوانى.