قبل أن يعلنها وزير العدل، كنت أعرف وأثق أن ما حدث مساء الجمعة 9/9 هو تنفيذ شيطانى وإجرامى لمخططات عصابات وميليشيات وحلف أسود داخلى وخارجى بين كل من لهم ثأر مع الثورة، وأنها حلقة جديدة من محاولتهم لضربها وإسقاطها، فبعد يوم رائع امتد نهار الجمعة، عشته فى ميدان التحرير وشاهدت ولمست تجدد دماء وعافية الثورة وحرارة ووحدة صف أيامها الأولى، لا يحتمل الأمر شكا أو حيرة فى المستفيد من هدم هذا الفرح والزهو الوطنى وتعميق اليأس والمشاعر السلبية ناحية الثورة وتحويل الأمر كله إلى مأتم داخلى وفضيحة خارجية لتشويه وجه مصر الثورة، وادعاء سقوط هيبة الدولة تحت أقدام فوضى الثورة والثوار!! السؤال البديهى فى علم الجريمة: من المستفيد؟ هل الثوار حرروا بلدهم ليحرقوه، أم اللصوص الذين نهبوه وجرفوه أربعين عاما وأسقطت الثورة جبروت ممالك فسادهم واستبدادهم وسلطانهم وثرواتهم يريدون استعادته بأى ثمن ولو حرقوه بكل من فيه، ومثلهم أنظمة الفساد والاستبداد فى الجوار القريب والبعيد، هل يهادنون ثورة أرسلت إليهم إنذارات النهاية؟! بشيطانية برعوا فيها، ولا تتوفر إلا لكل من ماتت فيه بقايا من ذمة أو ضمير أو وطنية -إن كانت بالأصل موجودة- اخترقت فلولهم وتنظيماتهم وميليشيات البلطجة صفوف الثوار واستخدموا المليونيات -أعظم واجهات الثورة- لتشويهها وتحميلها مسؤولية إسقاط الدولة. وحتى لا ننسى ففى أحداث شغب وفوضى وبلطجة فى أنحاء متفرقة من جنوب مصر، أظهرت التحقيقات أن أعضاء الحزب المنحل كانوا المحرضين عليها وطوى الصمت الخبر وتركت الفوضى والبلطجة تحكم الشارع وتروع المصريين، ولم يستكمل حكم المحكمة بحل الحزب المسؤول عن إفساد مصر أكثر من ثلاثين عاما، بقانون يفعل ما جاء فى حكم القضاء ويبعدهم عن كل ما يتيح لهم الثأر والانتقام من الثورة والثوار، بل تشكل من الحزب الذى كان واحدا، تسعة أو عشرة أحزاب حتى الآن!! فكيف يعيدون استنساخ الماضى بوجوه معدلة إن ظلت لعنة الثورة والثوار تطاردهم؟! كيف نفسر أن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية المعيب، الذى تحول إلى معضلة سياسية للمرشح وللناخب ورفضته جميع القوى السياسية لقى من قيادات الحزب المنحل كل الترحيب، بل استدعى توجيه الشكر والامتنان للمجلس العسكرى، وبما يذكر ببرقيات شكرهم لرئيسهم المخلوع؟! لا أعرف معنى ما يقال عن تقديم الحكومة استقالتها فى كل كارثة وطنية! الاستقالة تتوجب، وتتوجب معها مصارحة الشعب صاحب الثورة إذا رسمت الحكومة برنامجا لتطهير مؤسسات الدولة من بصمات الماضى ووجدت صدا ومنعا من التنفيذ، ووجودها فى هذه الحالة يفتقد الشرعية الثورية والأخلاقية!! الاستقالة والمصارحة تتوجبان إذا منعت من أن تتخذ جميع ضمانات حماية الثورة وحصار وكشف مخططات الفوضى وما حدث مساء الجمعة 9/9 واحدة منها، وأدعو الثوار والمصريين جميعا إلى أن يتخذوا جميع إجراءات الحذر، فالقادم منها سيكون أبشع، فسعى أعداء الثورة لتشويهها وكتم أنفاسها يزداد جنونا مع كل خطوة تخطوها للنجاح وللاستقرار. ليلة الجمعة -قبل المليونية- طالب اللواء منصور عيسوى وزير الداخلية، الثوار بعدم دخول مندسين بينهم!! لا أعرف هل يحمل المندس بطاقة تقول إنه مندس أم أن التطهير يجب أن يكون من المنابع التى تعرفها جيدا وزارة الداخلية. أرجو أن أكون مخطئة فى ما أراه من سياسات تجدد وتعمق فقد الثقة بينهم وبين أبناء بلدهم، كأنهم ليسوا فى النهاية جزءا منهم، ولا أعرف كيف يكون عقاب خطأ وتقصير أو عجز إدارة الأمن، على حساب الحريات، وبوضع سيف قانون الطوارئ على رقبة الشعب.. ومن يحمينا، ومهما قيل عن ضمانات فى التطبيق عن تجاوزات تعيد استنساخ الماضى الأسود.. لا أحد بالطبع مع الفوضى، وطالبنا مرارا ورجونا إنهاء مخطط البلطجة ونشر الفوضى والكشف عن مخططيه ومحركيه ومنفذيه وحماية الثورة منه. واحترام الحريات جزء أساسى من إسقاط هذا المخطط ومن حماية الثورة. وفى الحقيقة لم أفهم معنى ترك الميدان 9/9 لتقوم بتأمينه الجماعات والأطياف السياسية المشاركة، وكأن الشرطة لا تظهر إلا لتضرب أو تسىء أو يُساء إليها، كأنها لا يمكن أن تكون إلا على خلاف مع الشعب!! وإذا كان ميدان التحرير قد ترك للثوار لتأمينه، وقد قاموا بالمهمة خير قيام، فلماذا تركت وزارة الداخلية بلا حراسة!! ولماذا لم يتم التعامل بحكمة وبحزم لمنع تقدم المجموعة الأولى التى تحركت ناحية الوزارة ولم تتجاوز 150 فرداً؟ وهل لا بد من إذن الطوارئ لحماية هذه الدولة؟! وهل وزارة تفشل فى مهمة حماية أمن مبناها تصلح لمهمة حماية أمن وطن بأكمله؟! ولماذا غاب الأمن عند سفارة العدو؟ لقد ذهب شبابنا بحماسه المبرر والمشروع ليسقط سور الحماية الذى أقيم على أرضنا لحماية عدو يقتل أبناءنا على أرضهم ولمرة ثانية لإنزال علم العدو، كرمز يرد به الثوار على غطرسة وجرائم عدو لم يجد ردا رسميا يليق بكرامة مصر ودماء من استشهد من أبنائها برصاص الغدر الصهيونى. أين كان الأمن من الذين اقتحموا السفارة؟ وأين كان من حماية مديرية أمن الجيزة ومن سيارات الشرطة التى أُحرقت؟! أين تختفى هذه التجمعات الضخمة من الأولاد الصغار الذين ينطبق عليهم قانون الطفل (أكثرهم أقل بكثير من 18 سنة)؟!! والحصاد من ثورة أبهرت العالم، كان ثورة يدعى هذا العالم أنها تهدد بانهيار واختفاء الدولة وانتشار الفوضى. انقلاب الصورة يعلن اقتراب اكتمال مؤامرة تشويه الثورة والثوار، وتمهيد الأرض للحزب المنحل بأن يعود على ظهر جياد الفشل، وقد أصبح عشرة أحزاب، وتفعيل قانون الطوارئ لإسكات صوت الثورة ولفرض القبول بالأحكام والقرارات والقوانين، مهما كانت صادمة بغطاء حماية سيادة الدولة وصورتها الخارجية!! يا شباب الثورة ويا شعب مصر.. يا من استردت لهم الثورة بلدهم وكرامتهم وسيادتهم، أثق فى أنكم مع كل ما يحمى السيادة والكرامة والوطن العائد لكم بعد طول غياب، تعالوا نبحث عن إبداعات جديدة تبقى الثورة حية وتفرض إرادتها وتفشل مخططات إسقاطها التى لن يكون آخرها ما حدث مساء الجمعة وصباح السبت 9 و 10 الماضيين. وحدوا الصف والكتل والائتلافات والجبهات، وكونوا مجلسا لإدارة الثورة من تمثيل لجميع ائتلافاتكم، ومن القوى الوطنية لتديروا معركة البناء الديمقراطى والانتقال السلمى إلى سلطة مدنية ومجالس نيابية تضمن القائمة الموحدة تمثيلا فيها لجميع أطيافها.. سارعوا قبل أن تتحول الثورة إلى فريسة لكل من له ثأر معها. ومن أسف أن يكون حصاد محاولة اغتيال نجاح مظاهرة الجمعة 9/9 الرائعة والفشل الأمنى فى حمايتها والفشل فى محاصرة مخططات الفوضى، صدور بيان للمجلس العسكرى بتفعيل قانون الطوارئ، وأن لا يتذكر البيان المطالب الشعبية لتصحيح مسار انتخابات مجلسى الشعب والشورى ومتاهة الدوائر الانتخابية. هل يبدو غريبا أن يتردد سؤال عمن يحكم مصر؟ إرادة شعبها أم مخططات من وراء سجونها؟!!