في ظل ما تواجهه الولاياتالمتحدةالأمريكية من أزمات مالية، يتجه الساسة الأمريكيون لخفض المساعدات الموجهة لبعض البلدان كي لا تبدو الصورة أمام دافعي الضرائب من المواطنين الأمريكيين بأن أموالهم تذهب لتمويل مشروعات -كبناء المدارس والطرق ومؤخرا القيام بأعمال خاصة- في بلاد أجنبية، بينما يتعثر تمويل مثل هذه المشروعات في وطنهم مثلما يشير الكاتب الصحفي والتر بينكوس في مقاله بصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية. يوضح الكاتب أنه من ناحية أخرى، تفتح حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية مجالا للنقاش؛ بشأن سياسات إدارة أوباما في الشرق الأوسط، وما إذا كانت هذه النقاشات ستتحول لأصوات تذهب في صالح أي من المرشحين، رومني أو أوباما، وهو الأمر الذي بدا واضحا الجمعة الماضية عندما تم إرسال خطة المساعادت الأمريكية لمصر والتي بلغت 450 مليون دولار لمناقشتها أمام الكونجرس. هنا صرحت النائبة «كاي كرينجر» رئيس اللجنة الفرعية للاعتمادات المالية الخارجية «المسئولة عن المساعدات المالية الخارجية» وقالت:«يأتي هذا الاقتراح المقدم للكونجرس في هذه المرحلة الدقيقة التي لم تمر بها العلاقات المصرية الأمريكية من قبل» مضيفة:«لست مقتنعة بالحاجة الماسة إلى هذه المساعدات ولا استطيع دعمها حاليا كرئيس اللجنة الفرعية». يرى الكاتب إن التصريح السابق لكرينجر ووصفها للمرحلة الدقيقة التي لم تمر بها العلاقات المصرية الأمريكية من قبل إنما يأتي بسبب هجمات 11 سبتمبر الماضي على السفارة الأمريكية في القاهرة بعد نشر الفيلم المسيء للرسول. ففي الولاياتالمتحدة تزامنت صورة هذه الاحتجاجات مع ما حدث من هجوم على السفارة الأمريكية في بني غازي الليبية وما أسفرعنه من مقتل السفير الأمريكي هناك وثلاثة دبلوماسيين آخرين. في هذا السياق يقول الكاتب:«لقد علمنا فيما بعد إن هذا الهجوم كان مدبرا من قبل بعض الإرهابيين المعارضين للحكومة الليبية.. إذن الأمر لم يكن متعلقا بنا كليا». فور وقوع أحداث السفارة الأمريكية مؤخرا في القاهرة وبني غازي، استغل المرشح الأمريكي للرئاسة ميت رومني الحدث كقضية أثارها في حملته الإنتخابية حيث قال إنه من المشين ألا تكون الاستجابة الأولى لإدارة أوباما بإدانة هذه الهجمات وإنما كان التعاطف مع من قاموا بها، كما اتهم الرئيس أوباما بإظهار ضعف سياساته في الشرق الأوسط ما شجع على مثل هذه الهجمات. يوضح بينكوس أن أوباما لم يكن بمنأى عن الرد حيث دعى لإنهاء العنف والقبض على مثيري الشغب كما وصف مصر بأنها ليست عدو ولا حليف وقد لخصت وزيرة الخارجية الأمريكية الموقف يوم الجمعة لماضية عندما قالت أن المتشددين يسعون لاختطاف هذه الحروب والثورات لذلك يجب أن تساهم شراكاتنا على مساندة هؤلاء الساعين للنهوض ببلادهم كدول ديمقراطية حقيقية. يعود الكاتب لتصريح نائبة الكونجرس مرة أخرى فيما يتعلق بعدم اقتناعها بضرورة هذه المساعدات في الوقت الحالي حيث إن تسليمها لمصر على دفعتين سيستغرق الكثير من الوقت ومن المفترض ان تنتهي عملية التسليم في 30 سبتمبر عام 2014. في هذا الاطار، علقت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية على تصريح «كاي كرينجر» بأنه لا زال هناك الكثير من الوقت «في ظل توقف جلسات الكونجرس حتى انتهاء الانتخابات» ليتم التوضيح للمشرعين أن التفاهمات الموجودة بيننا وبين الحكومة المصرية لتنحية المخاوف جانبا والمضي قدما في إرسال المساعدات لمصر. في ختام مقاله يسجل الكاتب إنه في حقيقة الأمر لا يوجد حاجة للتصويت بالموافقة على المساعدات، لكن المسئولين الأمريكيين تعلموا منذ وقت طويل إنه من الأفضل حل المشاكل مع أعضاء الكونجرس الذين ربما يحتاجون أصواتهم مستقبلا في شئون أخرى وهذه هي «الدبلوماسية» التي تمارسها الخارجية الأمريكية.