السواد يكسو المكان والحزن والألم هما سيدان الموقف، المنزل البسيط فقد زهوته بعدما ضاعت الضحكة التي كانت تملؤه بطعنة غادرة بسكين نفذت في صدر أعز الأصدقاء.. الواقعة المأسوية دارت أحداثها بمنطقة ميت عقبة بالعجوزة، حيث فقد شاب في العشرينات من عمره حياته على يد أعز أصدقائه، بعد وصلة مزاح بينهما تطورت إلى مشاجرة وانتهت بقتل أحدهمها للآخر. نيابة حوادث شمال الجيزة برئاسة محمد مكي باشرت التحقيق في الواقعة، حيث أمر أحمد الحمزاوي وكيل نيابة حوادث شمال الجيزة، بحبس المتهم ويدعى "يوسف. ع - 20 سنة" بعد أن أدلى باعترافات تفصيلية عن جريمته ودوافعه وراء قتل صديقه وجاره "عادل حمدي - 20 سنة" ، النيابة أيضًا صرحت بدفن الجثة بعد تشريحها، حيث تبين من خلال المناظرة المبدئية لجثة المجني عليه في مستشفى إمبابة العام إصابته بجرح نافذ في الجانب الأيسر اخترق القلب وتسبب في حدوث نزيف حاد أودى بحياة الضحية. "التحرير" انتقلت إلى منزل الطالب الضحية، بالعقار رقم "7" بشارع الغريب في ميت عقبة، البداية كانت بحديث شقيقته الكبرى هند التي لا تصدق ما حدث وبدأت حديثها قائلة: "كيف يمكنني استيعاب ما حدث، عقلى يرفض الاقتناع بأنني فقدت شقيقي الوحيد وسندي في الحياة، فإلى من سأشكو همي ومن سيسمع وجعيتى بعد اليوم، وزفافي المفترض أنه بعد أشهر قليلة، من سيقف معي، وأي فرحة من الممكن أن تسكن قلبي بعد رحيله. وعن يوم الوفاة قالت هند: "كان معنا قبل وفاته ببضعة دقائق وغادر المنزل بعد أن أخبرنا بأن يوسف صديقه - القاتل - في إنتظاره بالشارع ولم يمر وقتًا طويلًا حتى جاء لنا تليفون، ليخبرنا أحد أصدقائه بأنه تعرض لحادث وتم احتجازه بمستشفى إمبابة العام، لم نكن نتخيل أننا سنجدة جثة هامدة، والشىء الأبشع هو أن صديقه ومن كان يعتبره أخيه الذي لم تلده أمه هو من قتله دون سبب واضح". والد عادل الموظف بالهيئة العامة للزراعة، التقط أطراف الحديث من ابنته، قائلًا: "حق ابني في رقبة وزيرا الداخلية والعدل.. أنا موظف بسيط لا أملك حتى قوت يومي، فقدت ابني الوحيد الذي كان يساعدني في الحياة، وكل ما أخشاه أن يتم التلاعب بالحقيقة ويضيع حق ابني وأنا لا أملك ما يجعلنى أوكل محامي للدفاع عن دماء ولدي في المحاكم، وكل كما أتمناه أن يسر قلبي بحكم يشفي غليلي ويبرد النار التي اشتعلت بداخلي". وأضاف الد الضحية، أن ابنه راىح ضحية للتسيب والإنفلات الأمني بمنطقة ميت عقبة، التي وصفها بالباطنية الثانية، وبرهن على ذلك بقوله إن المتهم الذي قتل ابنه كان يتعاطى المخدرات، كما أن المخدرات يتم بيعها في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع من الجميع، والدليل أن القاتل لم يكن في وعيه وقت الحادث وكان تحت تأثير البرشام الذي اعتاد على شرائه من الشوارع، وكل ذلك ناتج عن تسيب الحكومة في حقنا. وعن يوم الواقعة، قال والد المجني عليه إنه كان بصحبة نجله قبل الحادث، داخل منزلهم وفوجىء بمجموعة من أصدقائه وكان من ضمنهم يوسف القاتل يحدثونه هاتفيًا في الساعة الثانية فجرًا وأخبروه بأنهم في طريقهم إليه لأنهم يريدون رؤيته، إلا أنه رفض طلب نجله منه أن يخرج في هذا التوقيت للقاء أصدقاءه، إلا أن ابنه رفض وقال له "مش هتأخر يا بابا، دقيقة واحدة تحت البيت وطالع". الأب المكلوم يستكمل حديثه والدموع تنهمر من عينيه قائلًا: "بالفعل حضروا له وخرج معهم، والعجيب في الأمر أنه ترك كل متعلقاته الشخصية وهاتفه وحافظة نقوده قبل أن يغادر المنزل، وعندما قلت له انت نازل كدة من غير بطاقتك وفلوسك، رد عليا أنا تحت البيت دقايق وطالع، وبعد أقل من ساعة فوجئت بأحد أصدقاؤه يخبرني بأنه أصيب وتم نقله للمستشفى، وهناك قابلني ضابط المباحث وحاول تهدئتي وقال لي ابنك بخير، وتركني بضعة دقائق، شعرت وقتها بأن الأمر خطير، خاصة بعد أن شاهدت أصدقاءه يبكون بحرقة ولا يريدون التحدث، بعدها جاء الضابط وقال لي تقدر تشوف ابنك داخل هذه الغرفة، وأثناء ذهابي إلى هناك قال لى يا حاج ابنك تعيش انت، فهرولت إلى الغرفة لأجد عادل على السرير ومغطى ببطانية كشفتها عن جسده، لأجده مصابًا بجرح غائر ناحية القلب، ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أبكي وأصرخ وأقول مسامحك يا ابني.. هاتولي يوسف هو إللي موته". وفي النهاية تحدثت الأم المكلومة بصوت تخنقه الحسرة على فقيدها، قائلة: "عشت طول عمري خايفة عليه من الهوا ومنمش غير لما اطمن إنه في سريره، ماكنتش أتخيل إنه هيتاخد مني بالطريقة دي.. كل إللي عايزاه القصاص العادل".