خلال لقاء مع بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الأنبا تواضروس الثانى، مطلع أبريل الماضى، سألته «التحرير»، عن مشكلات الطلاق والزواج الدينى، وعدم حضور ممثل الكنيسة فى إحدى ندوات مركز حقوقى مختص بقضايا المرأة، وكان رد البابا أن «الزواج سر كنسى، وأسرار الكنيسة ليست عرضة للأحاديث المجتمعية والإعلامية». رغم أن الزواج «سر كنسى» كما قال البابا تواضروس، فإنه قضية حقوقية بالأساس تخص حق كل إنسان فى أن يعيش وفقا لما يختاره، حسب المادة 16 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والمادة 23 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، وأزمات المواطنين المصريين المسيحيين مع المجلس الإكليريكى فى ما يخص الزواج الثانى والطلاق، رغم ذلك صارت أزمة مجتمعية تؤثر على المجتمع ككل. ما حدث مساء الأربعاء، فى الكاتدرائية لفت انتباه عد من الحقوقيين والمتابعين للشأن الكنسى، وطرحوا حلولا لحل الأزمة، منهم من اقترح حلولا تخص الكنيسة فى التعامل مع الموضوع، ومنهم من أشار إلى أن الحل فى وجود قانون للزواج المدنى يختار الناس بينه وبين الزواج الكنسى. وقال منسق التيار العلمانى القبطى، كمال زاخر، إن الضغوط التى يعانى منها البابا تجاوزت الحدود، وليس المقصود "المحتجين"، فهم ينطبق عليهم مثل «القشة التى قصمت ظهر البعير»، موضحًا أن ما حدث يشير إلى أن الكنيسة تحتاج إلى مراجعة وهيكلة الإدارة الكنسية. وأوضف زاخر، أنه لا بد من اتصال بين المقر البابوى والناس، منوهًا أن المقر البابوى ليس مقرا لإقامة البابا، بقدر ما هو مقر يلتقى فيه الناس، وتساءل: ما الذى يمنع من التواصل؟ وأشار منسق التيار العلمانى، إلى أن أزمة مساء الأربعاء، ليست المرة الأولى، فسابقًا احتجت إحدى السيدات، وبعدها أنهى البابا العظة سريعا، ويبدو أنه لا يريد الصدام، لافتًا إلى أن عدم مواجهة المشكلات وترحيلها لا يحل الأزمات، والتعامل بنسق رهبانى مع مدنى لا يُجدى داخل المدينة، فالصلاة والصمت قد ينفعان فى الدير. وتابع زاخر «أزمة الكاتدرائية يتحمل جزء كبير منها البابا وخصوصًا أن ما حدث كان شأنا كنسيًا وليس سياسيًا». سياسة التجاهل تُعقد الأمور قال مينا ثابت، مسؤول ملف الحريات الدينية، وشؤون الأقليات بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، إن ما حدث مؤشر على أن أزمة الأحوال الشخصية للمسيحيين لا تزال فى طريقها إلى مزيد من التعقيد، موضحًا أن سياسة التجاهل وعدم الاحتواء من شأنها تعقيد الأمور وزيادة الفجوة. وأضاف ثابت، أن تسليم بعض الأشخاص إلى قسم الشرطة عليه تحفظ شديد، ويضيف: «حسب البيان الرسمى الصادر عن الكنيسة، فكل ما جرى ما هو إلا صدور أصوات عالية من أصحاب المشكلة، وهو ما تم اعتباره إهانة لقدسية دور العبادة». وتساءل: «هل مجرد صدور أصوات عالية داخل الكنيسة يستوجب التسليم للشرطة؟ وإن كانت الأصوات العالية تمثل انتهاكا لحرمة دور العبادة، فماذا عن صياح المسيحيين فى قداس العيد للرئيس؟». وتابع الباحث فى شؤون الأقليات «ما حدث ينبئ بمزيد من التعقيد فى هذا الأمر، بجانب تطور خطير هو أن الكنيسة قد تستعين بالقبضة الأمنية فى مواجهة مشكلاتها الداخلية». مؤسس حركة «نعم لقانون مدنى للأحوال الشخصية للمسيحيين»، فادى كريم، قال إن ما حدث «أمر طبيعى جدا»، ومقدمة لأمور أكبر، مشيرًا إلى أن الاستياء لدى أصحاب المشكلات العالقة، وصل إلى ذروته، وأن «الكنيسة تمارس استبدادا غير مبرر». وأضاف أن الدولة رمت طوق نجاة للكنيسة ورفضته، مشيرًا إلى أن الكنيسة مصممة على تعنتها وتمارس استبدادا»، موضحًا أن من احتجوا فى عظة البابا هم أشخاص لديهم قضايا معلقة من فترات طويلة. قانون للزواج المدني شدد فادي كريم، إلى أن الحل فى يد الكنيسة و«قانون للزواج المدنى». بينما يرى كمال زاخر أن الحل يكون على مرحلتين، ويوضح أنه بالنسبة إلى المشكلات القائمة الآن فيمكن حصرها، وتستطيع الكنيسة من خلال محكمة الأسرة والمجلس الإكليريكى حصر القضايا، ويتم تشكيل لجنة من القانونيين الكنسيين، ممن يدركون القانون المدنى والكنسى، لا من محامى الكنيسة، ويتم فرز القضايا وحسمها كل واحدة على حدة، وتقسيمها على حسب كل محافظة حتى لا يُضغط على الكاتدرائية وتضع قواعد عامة مجردة تطبق. زاخر يضيف فى ما يتعلق بالقانون المزمع إصداره: «يجب وضعه على فلسفة أن الإنسان قبل السبت (الشريعة)».