أسعدنى الحظ كثيرًا فى الأيام القليلة الماضية بأن زرت منطقة تونا الجبل، التى تعتبر أحد المواقع الأثرية المهمة فى محافظة المنيا عروس الصعيد، وكذلك بأن التقيت بمراقب الأمن يونس ناجح، وزميله عمر العبد، اللذين كانا نعم العون لى فى زيارة المنطقة، وكذلك حمايتى من كلاب الحراسة المدربة على الفتك بكل مَن يحاول التسلل إلى هناك. أسعدنى الحظ كثيرًا فى الأيام القليلة الماضية بأن زرت منطقة تونا الجبل، التى تعتبر أحد المواقع الأثرية المهمة فى محافظة المنيا عروس الصعيد، وكذلك بأن التقيت بمراقب الأمن يونس ناجح، وزميله عمر العبد، اللذين كانا نعم العون لى فى زيارة المنطقة، وكذلك حمايتى من كلاب الحراسة المدربة على الفتك بكل مَن يحاول التسلل إلى هناك. وتقع تونا الجبل فى مركز ملوى إلى الغرب من مدينة الأشمونين ب10 كيلومترات، وتبلغ مساحتها نحو 7 كيلومترات، وكانت تعتبر الجبانة الرئيسية لمدينة الأشمونين خلال التاريخ المصرى القديم، ولقد اشتق اسمها من الكلمة المصرية القديمة «تا – حنيت» أى «البحيرة»، إشارة إلى إحدى البحيرات التى نشأت هناك نتيجة لفيضان النيل، ثم أصبحت فى اليونانية «تونيس» وفى العربية «تونا»، أما كلمة «الجبل» فقد أضيفت لتعبر عن المنطقة الجبلية التى تقع بها ولتميزها عن القرية السكنية الحديثة «تونا البلد». ولتونا الجبل أهمية خاصة فى التاريخ المصرى، حيث تجاور مدينة العمارنة عاصمة إخناتون، ذلك الفرعون الذى دعا إلى توحيد العبادة فى صورة المعبود «آتون»، أو قرص الشمس، حيث يوجد هناك قبل مدخل جبانة «تونا الجبل» لوحة من لوحات الحدود الأربع عشرة التى أقامها إخناتون لتحديد مدينته الجديدة «آخت آتون»، أو أفق آتون، والتى تعد فى حد ذاتها من أحسن لوحات حدود المدينة كمالا وحفظا. كذلك تحتوى «تونا الجبل» على مجموعة ضخمة من الممرات المنقورة فى الصخر تحت سطح الأرض، تعرف بالسراديب، التى كانت مخصصة لدفن القردة وطيور أبو منجل المقدسة بعد تحنيطها. حيث كانا الرمزين المقدسين للإله جحوتى إله الحكمة والسحر ورب المقاطعة هناك، حيث كانت هذه المومياوات توضع فى توابيت خشبية أو حجرية أو فخارية ليتم حفظها فى هذه السراديب. ويميز المنطقة أيضًا الساقية الرومانية، وهى خزان مياه شيد تحت سطح الأرض بالطوب الأحمر على شكل بئر أسطوانية تصل عمقها إلى نحو 40 مترًا، ويعد أضخم خزان مياه من نوعه فى مصر شيد فى العصر الرومانى. كذلك توجد مقبرة بيتوزيريس ذلك الكاهن الأكبر فى معبد جحوتى بمدينة الأشمونين، الذى عاش فى نحو القرن الثالث ق.م، والذى تعتبر مقبرته من المقابر الفريدة من نوعها معماريًّا وفنيًّا نتيجة لعمارتها التى تماثل عمارة المعابد المصرية وفنها، الذى جمع بين خصائص الفنين المصرى واليونانى. وتجاور مقبرة بيتوزيريس عشرات المزارات الجنائزية المتصلة بالمقابر، التى كان يستخدمها زوار الجبانة فى الكثير من الأعياد الدينية، ومن أهم المقابر مقبرة إيزادورا التى عاشت نحو القرن الثانى ق.م، وهى فتاة من مدينة أنطونيوبولس، أو الشيخ عبادة حاليًّا، كانت قد غرقت وهى تعبر نهر النيل للقاء حبيبها، الذى رفض والدها تزويجها له، وتحتوى مقبرتها على موميائها، وكذلك المرثية الشعرية التى كتبها والدها فيها باليونانية، وسجلها لها على جدران المقبرة. وللأسف على الرغم من كل هذه الميزات فإن تونا تعانى من الخراب وقلة الإمكانات ونقص شديد فى وسائل الإنارة بمزاراتها التى أصبحت يسكنها الوطاويط والفئران، لهذا تحتاج المنطقة إلى المزيد من الاهتمام من قبل الوزارات المعنية، بحيث يتم تجهيز المنطقة للزوار، وإعداد برامج ملائمة حتى تحظى تونا الجبل بالمكانة اللائقة بها على الخريطة السياحية لمصر.