كتب – محمود حسام ووكالات: إلى الآن يبدو أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون خرجت بأقل الخسائر من "كمين" نصبه لها الجمهوريون منذ شهور، بعد نشر رسائل من حساب البريد الإلكتروني الشخصي الخاص بها، حيث لم يكن سيل من الرسائل كافيا حتى الآن لفتح تحقيق ضدها بسبب ما يقول الجمهوريون انه سوء إدارته للوضع في ليبيا، ما أدى في النهاية لمقتل السفير الأمريكي في هجوم ببنغازي عام 2012. ونشرت وزارة الخارجية الأمريكية 296 رسالة إلكترونية رسمية لهيلاري كلينتون من بين 30 ألف رسالة. وتكشف هذه الرسائل تفاصيل عن الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي عام 2012، الذي شكل صدمة في الأوساط الدبلوماسية الأمريكية وتشكلت لجنة لتحديد المسؤوليات عن هذا الهجوم. وتثير المبادلات الالكترونية لكلينتون عندما كانت على رأس الخارجية الأمريكية بين يناير 2009 وفبراير 2013، منذ أسابيع جدلا حادا يستهدف السيدة التي قد تصبح أول امرأة تتولى رئاسة البلاد. فهذه الرسائل الالكترونية تم تلقيها أو إرسالها على بريد أو خادم خاص وليس على حساب حكومي كما تفرض القواعد. وتتعلق نحو 300 من هذه الكمية الهائلة من الرسائل بالوضع الأمني في ليبيا بين 2011 و2012 وخصوصا الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي في 2012 وأودى بحياة السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة عناصر أمن أميركيين. وشكل هذا الهجوم صدمة كبيرة في أوسط الدبلوماسية الأمريكية. وسبب الهجوم الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام الأميركية في نهاية المطاف أواخر 2012 "قضية" وحتى "فضيحة" بنغازي خلافا بين الحكومة الديموقراطية والكونغرس الجمهوري وأدى إلى جلسات استماع طويلة وتحقيقات وتقارير. وكانت هذه الرسائل الالكترونية متوفرة للجنة شكلتها الأغلبية الجمهورية في الكونغرس مكلفة التحقيق في الهجوم ومعالجته من قبل إدارة الرئيس باراك أوباما. وكان الجدل السياسي قد بدأ في واشنطن من قبل حول المسؤولية عن هذا الهجوم. فقد نسبته الحكومة الأميركية أولا إلى تظاهرة "عفوية" لمسلمين غاضبين في بنغازي قبل أن تعترف بأنه هجوم "إرهابي" إسلامي. وقالت هارف أن "الرسائل الالكترونية التي نشرناها اليوم لا تغير جوهر الوقائع أو تحليلنا للأحداث قبل وخلال وبعد الهجوم" الذي وقع في 11 سبتمبر 2012. وتتناول نسخ الرسائل التي تم الإطلاع عليها بصعوبة على الموقع الالكتروني لوزارة الخارجية الجمعة مذكرات طويلة أرسلها إلى كلينتون صديق ورجل أعمال يدعى سيدني بلومنتل أصبح مستشارا غير رسمي في ليبيا وكان يؤكد أن لديه "مصادر" داخل نظام طرابلس حينذاك. وغداة هجوم 11 سبتمبر 2012، أرسل بلومنتال رسالة كتب فيها أن منفذيه هم "متظاهرون" غاضبون من تسجيل فيديو وضع على الانترنت وأنتج في الولاياتالمتحدة معتبرين انه مهين للإسلام. في اليوم التالي غير بولمنتال روايته متهما نقلا عن "مسؤولين ليبيين رسميين" جماعة أنصار الشريعة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وأجج تردد الإدارة الأميركية ورواياتها المختلفة في 2012 الجدل حول ما كان يعرفه البيت الأبيض فعليا وما قد يكون حاول إخفاءه حول هذا الهجوم. ومن بين الرسائل ال296 التي أصبحت عامة، اعترفت كلينتون الجمعة بان مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) قرر الجمعة تصنيف "جزء" من رسالة من احد مستشاريها متعلقة بتوقيف احد المشبوهين، سريا. وعبرت المرشحة للرئاسة التي تقوم بحملة في نيو هامشير شمال شرق الولاياتالمتحدة، عن "سعادتها لأن هذه الرسائل بدأت تنشر". وأضافت كلينتون "أريد أن يراها كل الناس". وكان القضاء الأمريكي أمر الأسبوع الماضي وزارة الخارجية ببدء نشر هذه الرسائل تدريجيا وليس دفعة واحدة اعتبارا من كانون الثاني/يناير 2016 كما كان مقررا. وقال كلينتون إنها مستعدة لأن تشهد في جلسة علنية أمام الكونجرس، لكن القادة الجمهوريين قالوا إن ذلك لن يكون مهما طالما أن أعضاء الكونجرس مازالوا لا يملكون كل المعلومات التي يحتاجونها. وقال النائب الديمقراطي آدم شيف انه "يمكن للأمريكيين أن يلاحظوا بأنفسهم الآن انه ليس هناك أي دليل يدعم نظريات المؤامرة". وطالب مثل زملائه الجمهوريين بان تستمع لجنة بنغازي إلى كلينتون. لكن الجمهوريين مازالوا يشككون في أن الرسائل المعلنة تشكل "الحقيقة الكاملة" بحسب صحيفة الواشنطن بوست، وقال النائب الجمهوري تراي جودي، رئيس اللجنة المختارة بمجلس النواب إن "من الأهمية أن نتذكر أن هذه مجرد جزء من المعلومات، التي لا يمكن تقييمها أو فهمها بالكامل بدون الحصول على السجل الكامل". ويتهم الجمهوريون إدارة أوباما بانتقاء الرسائل التي لا تدين كلينتون، وفي هذا السياق قال النائب جودي، إنه "لم يتم السماح لأي شخص لديه التزام أو مسؤولية عامة بالقدرة على المشاركة في عملية اختيار الرسائل.. نحتاج مراجعا محايدا".