تحقيق: أحمد محمود التعيين بقسم الولاء للسويركي.. والعمال: الصلاة بالأمر والجلوس ممنوع وتعيين السيدات والأقباط مرفوض استدعى صديق ضاقت به السبل في محافظتنا التي كانت يوماً من الأيام بلداً ل «الزغاليل والمواويل» سوهاج، رغبة لديّ باختراق ما يمكن وصفه بقلعة «التوحيد والنور»، سلسلة المحال التجارية الأشهر في مصر، التي طالما ما ارتبطت لدي بمصدر رزق لعدد كبير من نازحي الصعيد والدلتا الذين اجبرتهم «حرب لقمة العيش» على هجر قراهم وعائلاتهم إلى القاهرة. الرغبة في إجراء التحقيق الصحفي واجهته الظروف التي وضعها زعيم «قلعة التوحيد والنور»، رجل الأعمال الشهير سيد السويركي، للعمل داخل الشركة، و أهمها الاقتصار على حملة «الدبلومات الفنية»، وكتابة «إقرار» على المتقدم لنيل الوظيفة، يكون بمثابة «السيف» إذا فكر الشاب من هؤلاء التراجع عن قرار العمل داخل السلسة التجارية، فما بالك بمتقدم مؤهله الدراسي «بكالوريوس إعلام قسم صحافة»؟ اشتهر سيد رجب السويركي بلقب "الحاج"، وهو لقب محبب له، من مواليد 1945 محافظة الدقهلية ولدية ثلاثة أبناء، بدأ نشاطه التجاري في أواخر السبعينيات بعد أن قدم إلي القاهرة ، ومازال مستمرا لأكثر من أربعين عاما، استطاع خلالها أن يتربع علي عرش تجارة الملابس . بمجرد وصول صديقي وذهابه للعمل داخل أحد فروع «التوحيد والنور» بمنطقة «العجوزة»، تحول لشخصية أخرى، هجر تليفونه المحمول و علبة سجائره، الذين لم يفارقانه يوماً طوال أكثر من 10 أعوام من عمره،، إلا أن تغيبه من التاسعة صباحاً والعودة بمظهر «العائد من الجبهة» في منتصف الليل، جعلني اتساءل عن طبيعة ذلك العمل داخل محلات «التوحيد والنور»، لاكتشف من خلال شهادته وشهادة عمال آخرين، التقيتهم فيما بعد وأجريت معهم مقابلات، تعرضهم إلى ما يشبه «السخرة» من انتهاك لقوانين العمل «الوضعية» و الدينية والإنسانية. وضع "السويركي" عدة شروط للعمل ليس لها علاقة بقانون العمل، أولها منع ارتداء أي بنطلونات الجينز ولا الجواكت أثناء العمل، بالرغم أنه يقوم ببيعها في كل الفروع. وحسب رواية أكثر من 8 عمال بفروع التوحيد والنور، يخصم 100 جنيه للمخالف لذلك، وأنهم يرتدون قميصا وبنطلون قماش فقط، بجانب حلق لحية الذقن يوميًا أو تركها لتكبر طول مدة عمله وحلاقة الشعر "ميري" ، وأداء الصلوات الخمس إجباريا، ومن يمتنع عن ذلك يقوم بطرده من العمل. الصلاة بالأمر يقول أ. س.، العامل بفرع التوحيد والنور في منطقة 6 أكتوبر: "طول عمري أصلي.. تعلمت هذا من بيتي ووالداي، لكني منذ أن عملت في التوحيد والنور شعرت أنني دائما محاصر بالصلاة، وأنها أصبحت واجبا وعبئا عليّ، يجب أن أؤديه حتى لا يخصم مني أو أتعرض لمشكلات، بدعوى أنني علماني". يفرض نظام العمل في سلاسل "التوحيد والنور" نظام عمل غريب، حيث لا تختفي الكراسي للعاملين، ولا يمكنك أن تلمح أحدهم جالسا طوال فترة عمله، التي تمتد ل14 ساعة يوميا، وكذلك ممنوع تناول أي مشروبات أو مأكولات أثناء العمل، ومن يضبط متلبسا بهذه "الجريمة"، يدفع غرامة مالية أو يخصم من راتبه، والوقت المسموح به للطعام هو نصف ساعة خلال اليوم، حيث يحصل العمال علي طعامهم وهم في أماكن عملهم، وعلي حسابهم الشخصي. يفرض نظام العمل عدم تعيين شباب من محافظاتالقاهرة الكبري، وتحديدا من المناطق التي تقع فيها فروع التوحيد والنور، حتي لا ينشغل العاملون بأحوال أقاربهم أثناء العمل، مما يؤدي إلي تعطليه، بالاضافة إلي عدم تشغيل الحاصلين علي شرعية وقانون من الأزهر الشريف وكلية الحقوق. يروي عمال بأحد فروع التوحيد والنور أن أحد المحامين من محافظة الفيوم، كان يعمل معه ورفع عدة دعاوى فضائية ضد صاحب المحلات السويركي، ومنذ ذلك الحين اتخذ السويركي قرارا بعدم قبول أي شخص من تلك المحافظة،وممنوع منعا باتا أن يحمل العاملون في أي فرع تليفوناً محمولاً أثناء العمل؛ لأن المحمول سيكون سببا في تعطيل العمل من خلال الرد علي المكالمات، وعدم الحصول علي إجازات طويلة من العمل، والحد الأقصي للإجازات خلال الشهر 4 أيام فقط، تشمل العطلة الأسبوعية، فلا توجد إجازات مرضية أو إجازة للزواج أو غير ذلك، ومن يفعل غير ذلك يتم فصله نهائيًا. منع تعيين السيدات والأقباط يؤكد موظفون بالتوحيد والنور أن إدارة المحلات تمتنع تماما عن تعيين المرأة والأقباط بشكل نهائي، وهناك مبررات له، بأنه يخشي أن تتحول الفروع لمكان للتعارف بين الشباب والبنات، أما الأقباط فيرفض عملهم لأنه يعتبر ذلك "حراما". يؤكد عدد من العمال الذين التقاهم "ويكيليكس البرلمان" أن من شروط العمل ضرورة حفظ المتقدم للعمل لثلاثة أجزاء من القرآن، لكن تم التراجع عن هذا الشرط بعد أن تأكد للسويركي أنه يؤثر علي نسبة المتقدمين للعمل. صاحب ذلك المشهد الذي تكون لدي أيضاً أخباراً متناثرة عن ما يشبه «تحرك عمالي» ضد ممارسات إدارة «التوحيد والنور»، والتي تمثلت في قطع العشرات منهم الطريق أمام فرع السلسلة التجارية في «شارع شهاب»، في مارس 2014، للمطالبة بعقود موثقة للعاملين تضمن حقوقهم الطبيعية المتمثلة في «تأمينات اجتماعية، وعدم الفصل التعسفي، واحترام كرامة العاملين»، وجاءت تلك التظاهرة، بعد أن هددهم نجل مالك «التوحيد والنور» بفصلهم وإغلاق الفرع. اعتصم العاملون أيضا داخل فرع الشركة بشارع «مصطفى حافظ» في عين شمس، اعتراضاً على ضرب «السويركي» لأحد زملائهم، بجانب ما روجه العمال حينها من توزيع «السويركي» بياناً عليهم داخل فروع الشركة منحهم خلاله إجازة في انتخابات الرئاسة لاختيار محمد مرسي رئيساً للجمهورية، بسبب حفظه للقرآن هو وأسرته.. كل تلك المشاهد السابقة جعلتنا نبحث عن ظروف العمل داخل قلعة «التوحيد والنور» عبر روايات وشهادات «المقهورين ذبحاً على لقمة العيش». يروي أحد العاملين بإدارة التوحيد والنور ل"التحرير "، ما يحدث داخل الإدارة منذ تقديم أوراقه حتي هذه اللحظة والتي يحضر "السوركي" لها يوميًا ، وكان المشهد الأول أنه قام بتقديم كل الأصول من أوراقه داخل مبني الإدارة ووقع علي أوراق كثيرة لا يعرف ماهي ومن بينها "شيك" بمبلغ مالي يتم استخدامه ضد العمال في حالة رفض الأوامر، وقد يؤدي إلي السجن ويحصل علي مرتب ثابت 2300 جنيه بعكس عامل الفروع يحصل علي 300 جنيه مرتب ثابت ونسبة 8 % من الأرباح ويحصل مايقرب من 3000 آلالاف شهريًا. قسم الولاء يحلف المتقدم على الوظيفة، بعد قبوله، القسم بالله عند رؤيته أي شئ مخالف يبلغ "السويركي" به وبعدها يصدق علي أوراقه وتحديد موقعه سواء في الإدارة أو توزيعه في أي فرع من فروع التوحيد والنور. وكشف عدد من العاملين أن متوسط دخل الفروع الذي يبلغ عددها 56 فرع حوالي 800 ألف جنيه يوميا وأعلي الفروع ربحًا هي فرع شهاب وجسر السويس ومدينة نصر وحلون ويبيعون بمبلغ لا يقل عن مائة ألف جنيه يوميًا. يضيف العمال: "يأمرنا مدراؤنا في بعض الفروع بفرم كل فواتير الفروع يوميًا من خلال ماكينة مخصصة لذلك خوفا من معرفة الضرائب لذلك، ويقوم بتوريد مبالغ بسيطة جدا للضرائب، وهذا ما يفسر أمره لنا بعدم وضع البضاعة بكميات كبيرة في فاتيرنات العرض، خاصة عقب ثورة 30 يونيو، حيث أمرنا بوضع كميات بسيطة جدا في الفاترينات، للإيحاء بأن المحلات تخسر". يفيد مقربون من السويركي بأنه لا يضع نقوده في البنوك؛ لانه يُحرمها ويقوم بشراء أراض لإنشاء فروع جديدة، رغم بيعه يوميا بحوالي 3 مليون جنيه تقريبا. يحضر السوريكي في مكتبه من الساعة 11 صباحا حتي صلاة المغرب، لتلقي أي مشاكل سواء داخل مبني الإدارة أو الفروع لحلها، ويقوم بتكليف شخص بشراء خبز "فينو" بحوالي 300 جنيه، ويوزعها عماله علي المارة أمام مبني الإدارة يوميا كنوع من الصدقات، بدلا من توزيع النقود، ويذكر أحد موزعي الخبز أن أحد العمال لديه أكل 4 أرغفة فينو دون علمه فخصم مائة جنيه من راتبه، حسب روايته. وروي بعض الغرائب التي يعيشها مع "السوركي"، حيث يرسل شخص بمعدل ثلاث مرات خلال الأسبوع الواحد، لمحافظة السويس، لإحضار سمك طازج لوجبة غدائه، بجانب إحضار علبة تونه بسعر 47 جنية يوميًا يقال إنها لها فوائد جمة على الصحة العامة، وخاصة الصحة الجنسية. يشتري صاحب محلات التوحيد والنور جميع الملابس بالأجل، مقابل عرض منتجات المصانع والشركات داخل محلاته، وفي حالة بيعها يسدد المبالغ لتلك المصانع، وفي حالة عدم بيعها يقوم بإرجاعها إلي المصانع والشركات. هؤلاء يثق فيهم السويركي ويؤكد عاملون بالتوحيد والنور أن هناك شخصا يدعي الشيخ خالد محمود، وهو أقدم رجل مع "السروكي"، عندما تم حبسه في قضية تعدد الزوجات دخل معه السجن في قضية أخري خصيصا لخدمته داخل السجن، وعندما خرج من السجن كلفه بمروره علي جميع الفروع فقط ورصد أي تجاوزات أو مشكلات تحدث، ويقوم باستبعاد أي شخص يراه "خالد" غير سوي، ومرتبه يصل إلي 15 ألف جنيه شهريا. وهناك شخص آخر يدعي أسامة محمد من محافظة سوهاج، يعمل محاميا له منذ فترة بعيدة، و لا يستطيع السويركي التعدي علية لفظيا كما يفعل مع بعض العاملين حتى في وقت غضبه، ويحصل علي 10 آلاف جنيه راتبا شهريا، عكس مرافقيه حمودة رجب ووليد شعراوي الذي يقوم بضربهم والاستهزاء بهم وشتمهم بأبشع الألفاظ دائما، حسب رواية المقربين من السويركي. وبالنسبة لمواقفه السياسية، يروي أحد العاملين أنه أثناء تواجد الرئيس المعزول محمد مرسي في حكم البلاد، كلف بتعليق صور "مرسي" في كل فروع التوحيد والنور، ودعم جماعة الإخوان ماديا بمبالغ غير معلومة، وبعد ثورة 30 يونيو أمر بإزالة جميع صور المعزول حسب رواية العاملين.