قبل عامين، لم يكن ذلك الشاب الفلسطينى الصغير يفكر إلا فى كيفية تخطى ذلك المعبر والوصول إلى القاهرة، من أجل الوقوف فى صف يزاحمه فيه الآلاف، الذين يراودهم نفس الحلم. ربما لم يكن يدرى وقتها أن الأقدار تخبئ له أكثر مما حلم به، وأن الصعوبات التى لاقاها من أجل الوصول إلى هناك، والرقم الذى حصل عليه بأعجوبة من أجل المشاركة فى برنامج «Arab Idol»، كانا ثمنا بسيطا للنجومية التى حصل عليها فى الوطن العربى، بعدما أعلنت «أنابيلا هلال» اسمه كفائز بلقب البرنامج قائلة «الفائز هو... محمد عساااااف». فى زيارته هذه المرة إلى مصر، جاء عساف وقد أطلق ألبومه الأول، وها هو يستعد الآن لأن يقفز قفزات متتابعة، وهناك بأحد فنادق مدينة السادس من أكتوبر، التقت «التحرير» عساف، حيث كشف عن وجوده بمصر، من أجل تصوير أغنية «أيوه هغنى» التى احتوى عليها ألبومه بطريقة الفيديو كليب، وبفكرة أن ينزل إلى شوارع القاهرة، من أجل تصوير الأغنية دون أن يكون هناك اتفاق مع الناس، ليجرى التصوير بشكل ارتجالى، مناسب لكلمات الأغنية التى كتبها مصطفى مرزوق، ولحنها محمد رحيم. عساف لن يكتفى بهذا الأمر، لأنه أكد أنه يستعد لتسجيل أغنية وطنية لمصر تحمل اسم «حكايتى معاها» وهى من كلمات الشاعر أمير طعيمة، وألحان إيهاب عبد الواحد، وسيقوم بتسجيلها خلال الأيام المقبلة. إن كانت مصر هى بوابة عساف للنجاح فلماذا لم يستقر بها؟ ربما كان السؤال يفرض نفسه، وكانت إجابة عساف هى «يا سلام.. يا ريت»، لكنه رأى أن ما يعطل ذلك هو عمله مع مجموعة «MBC» وكذلك «بلاتينيوم»، ومقرها بدبى، وهناك مثل يقول «وين بِتُرْزق.. اِلْزَق»، لذلك فهو يقيم بإمارة دبى، لكنه يعتبر أن مصر لها معزة خاصة فى قلبه، لأنها المكان الأول الذى خرج منه إلى حيث اختبارات «Arab Idol» التى جعلته نجما فيما بعد. سعادة عساف بوجوده فى مصر لا توصف كما يقول، وعمن تأثر بهم فى مجال الغناء، أكد أن الثلاثى عبد الحليم حافظ، وأم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب هم أكثر من ألهموه، كما كان يحفظ أغانى أم كلثوم وهو فى الثامنة من عمره، معتبرًا أن هذا الجيل هو زمن الفن الجميل، وكبار الفنانين فى الوقت الحالى ظلوا دائمًا يغنون لهؤلاء العمالقة، وهو ما جعل أغانيهم خالدة. ألبوم عساف الأول والذى حمل اسمه، كان الاختبار الأهم له بعد تجربة البرنامج، وهو ما تحدث عنه بكونه ظل لعام ونصف يعمل على أغانيه، خصوصًا أنه يرى أن الألبوم الأول بالذات، دائمًا ما يكون بمثابة «تكون أو لا تكون»، لذلك فمن المهم أن تختار نوعية الأغانى، وكذلك الفريق الذى ستعمل معه، يقول «كان هذا تحديًا كبيرًا، لكن الأصداء كانت رائعة». نجاحات الألبوم دفعت به للحصول على المراكز الأولى فى متاجر البيع بالدول العربية، كما أنه تعمد أن يغنى بأكثر من لهجة من أجل أن يثبت قدرته على ذلك، ولكى يرضى ويقنع أكبر قدر من جمهوره، إضافة إلى بذله مجهودًا كبيرًا فى اختيار الأغانى، لأن الاختيار هو العنصر الرئيسى. ولأنه كان يمر فى تلك اللحظة بتجربته الأولى، فقد قرر أن يمشى بمبدأ الاستشارة، حيث كشف عن استشارته لشيرين عبد الوهاب، وراغب علامة، وأنهما نصحاه باختيار أغانٍ على حساب أخرى، ووقفوا إلى جواره فى تجربته، كما أنه قام باستشارة البعض من الناس العاديين، خصوصًا أنهم هم من يستمعون إلى الأغانى فى النهاية. «لا أعتبر نفسى محترفا، فما زلت فى بداية مشوارى الفنى» هكذا قالها محبوب العرب، مشيرًا إلى كون الله جعل فى الإنسان صفة، تدفعه دائمًا إلى البحث عن الأفضل حينما يحقق أى نجاح. حيرة كبيرة وقع فيها محمد عساف حينما كان يختار اسم ألبومه، قبل أن يستقر فى النهاية على اسم «عساف»، وهو ما فسره بكونه فى تلك الفترة كان يبحث عن أغنية يطلق اسمها على الألبوم، ولكنه كان يحب كل الأغانى مستشهدًا بمثل فلسطينى يقول «ماحدش بيقول على زيته عكر»، لذلك حينما استشار البعض نصحوه بأن يطلق اسمه عليه بما أنه ألبومه الأول، وهو ما سيجعله يتذكره بعد زمن. وكشف عساف عن أنه كان لديه 17 أغنية، لم يقم بطرحها بأكملها فى الألبوم، خصوصًا أنه من النوعية التى تقوم بشراء أى أغنية يعجب بها، قائلا «باشتريها وباخبيها لوقت معين»، لكنه أكد أنه سيطرحها فى ألبوماته المقبلة، أو فى شكل «سنجل». ذلك الشاب لم تكن تختفى ابتسامته، فقد كان يتحدث باستفاضة، ودون أن يكون له حسابات خاصة.. انتقلنا معه من بوابة الغناء إلى التمثيل، بعدما قيل عن مشاركته فى مسلسل إلى جوار النجم نور الشريف، كما كشف فيه عن رفضه المشاركة فى الفيلم الذى يدور حول حياته، وأن المخرج هانى أبو أسعد انتهى من تصوير الفيلم بالفعل. أما عن المسلسل، فأكد عساف أنه تلقى عددًا من العروض، لكنه رفضها على الرغم من أنها كانت فرصة جيدة، حسب قوله، مشيرًا إلى كونه لم يكمل سوى عامين فقط بالوسط الفنى، وبالتالى فالمهم أن تعرف ما الذى تريده على وجه التحديد، لأن مثل هذه الأمور من الممكن أن ترفعك إلى السماء، أو «تخسف» بك الأرض، لذلك فقد رفض هذه العروض ولم يتعجل الفرصة. غير أنه أعاد التفكير حينما عرض عليه مسلسل «جنة ونار»، والذى يتحدث عن القضية الفلسطينية، ومن بطولة النجم نور الشريف، الذى تمنى له عساف كامل الشفاء، لكنه رهن مشاركته فى المسلسل بقراءة السيناريو كاملا، معتبرًا أن الأمر فرصة لا تعوض. كثيرًا ما حاصرت عساف الأقاويل حول كونه الابن المدلل لمجموعة «MBC»، لذلك تطرقنا فى البداية إلى تعاقده مع الشركة المنتجة له وهل هو احتكار أم لا؟ حيث أكد أن العقد يمتد لعدد من السنوات، وعما إذا كان الأمر يحد من تحركاته، أجاب قائلا «أنا مش باشتغل عند الشركة، أنا شريك، وسعيد جدا، لأنهم يتعاملون معى كابن ل«إم بى سى»، وباعمل اللى أنا عايزه بالمشاورة معاهم، واختياراتى وأشيائى أنا اللى باعملها بنفسى». إذن فهل عساف هو الابن المدلل؟ إجابته كانت: «كتير بيتعاملوا معى بطريقة أنى ابن (MBC) وأنا أعتز بأنى ابنهم، وبيتعاملوا معايا كأسرة، ومش بيحسسونى إنه فى احتكار، رغم أن طبيعة العقود هى الاحتكار»، وأكمل عساف: «أنا وضعى خاص وهمّ كتير مهتمين بيا، بيتابعوا أخبارى وبينصحونى، وباتشاور معاهم فى الموضوع الفنى، وانت أكيد مش هاتعمل حاجه إنت مش حاببها، لكن حلو إنك تلاقى مجموعة كبيرة مثل (MBC) تدعمك». ختام الحوار كان بسؤال عساف عما يدور فى الوطن العربى من تساؤلات تتعلق ببرنامج «Arab Idol» وهل هو ذو مغزى سياسى أم لا؟ وهو ما علق عليه عساف بأنه ضد هذا الحديث، ولا يعتقد أن البرنامج له وجهة سياسية، لأن الأمر فن فى الدرجة الأولى وليس له علاقة بالسياسة، والناس هم من يختارون فى النهاية، كاشفًا عن كونه تلقى تصويتا من مصر أكثر من فلسطين، ولكن فلسطين هى الحالة، مشيرًا إلى أن أبناء شعبه كانوا يدعمونه، رغم الوضع الاقتصادى، لأنهم كانوا يرون به شيئًا مميزًا قائلا «أنا أعتز بفلسطين».