كتب - ياسمين سعد "لدواعي أمنية".. بهذه الجملة حجبت صحف عن الصدور، وغابت عن كشك الجرائد، والسبب "لزوعة" ما تحمله كلماتها، على السلطات التي لم تحتمل النقد، فلم يكن أمامها سوى المنع بالقوة، ولم يشفع لحرية الرأي قيام ثورتين. وكان آخر حوادث مصادرة الجرائد في 11 مايو، عندما تم مصادرة عدد جريدة "الوطن"، بسبب "مانشيت" الصفحة الرئيسية، وهو "7 أقوى من السيسي"، ويتناول شخصيات ومؤسسات ذكرت الجريدة أنها أقوى من الرئيس، عبد الفتاح السيسي، ما أدى لمصادرة النسخ المطبوعة، مع طلب تغيير العناوين الخاصة بالملف، وكذلك العنوان الرئيسي ليكون "7 أقوى من الإصلاح". "التحرير" رصدت أبرز "الزيارات الأمنية" للمطابع: ذكرت مصادر أن جهات سيادية طلبت حذف مقال في الصفحة الأخيرة لصحيفة الوطن، يحمل اسم "الضابط ابن القصر يكتب"، كتبه مدير تحرير الصحيفة، الكاتب الصحفي علاء الغطريفي، ما جعل العدد يتوقف في المطبعة، بينما غادر قطار الصحافة القاهرة في طريقه للصعيد، وقد انتهى الخلاف بحذف مقال "الغطريفي"، بعد "فرم" ما يقرب من 48 ألف نسخة من الأعداد. وتعرضت "الوطن" أيضًا لموقف آخر مشابه في 11 مارس في العام الجاري، حيث أكدت وسائل الإعلام قيام جهات أمنية بوقف طبع الصحيفة بمطابع الأهرام لحين حذف أحد التقارير التي تحدثت عن تهرب جهات سيادية من دفع الضرائب وعلى رأسها الرئاسة. واحتوى التقرير على إشارة إلى أن الصحيفة حاولت الاستفسار عن حقيقة الأمر من مسئول بوزارة المالية، فرد الأخير قائلًا: "ابتعدوا عن عش الدبابير"، وقد انتهى الخلاف بحذف التقرير وتم طباعتها بدونه. وتعرضت 40 ألف نسخة من عدد "الوطن" في 6 فبراير من العام الماضي ل "فرم"، بعد نشر تقرير عن الذمة المالية لوزير الدفاع وقت إذ، عبد الفتاح السيسي، أورد أن ثروته تقدر ب 30 مليون جنيه، فيما قالت الجهات الأمنية إن التقرير تضمن معلومات مغلوطة، وتم نشر الجريدة بعد حذف التقرير نهائيا. وشهد العام الماضي أيضًا إيقاف جريدة الشعب، تحديدًا في 26 يناير، تنفيذًا لقرار الدكتور حازم الببلاوي، رئيس مجلس الوزراء السابق؛ لأنه ارتأى أن ما تنشره الجريدة يهدد الأمن العام والوطني، في إشارة إلى أن الجريدة داعمة لجماعة الإخوان. ومن مصادرة جريدة "الشعب" إلى مصادرة جريدة "المصري اليوم" في 1 أكتوبر من العام الماضي، حيث لم يصدر العدد إلا بعد حذف الحلقة 6 من سلسلة حلقات مذكرات رجل المخابرات الفريق، رفعت جبريل، التي تتناول سلسلة عمليات مخابراتية في ستينات وسبعينات القرن الماضي؛ لاعتراض أجهزة أمنية مصرية على نشر بعض ما جاء بها. ونشرت الجريدة وقتها عبارة "إن إعادة طبع العدد جاء بناءً على ضغوطات تعرضت لها الصحيفة من قبل المخابرات العامة المصرية، عندما أمرت بوقف طبع العدد إذا لم تحذف الصفحة 6". وفي الثاني من سبتمبر من العام الماضي، نشرت بعض الجرائد نقلًا عن مصادر بجريدة "صوت الأمة" الأسبوعية، أن هناك أزمة في طباعة العدد الأسبوعي لها، بسبب تحقيق صحفي "موثق" عن فساد أحد رجال الأعمال المرتبطين بجهة سيادية. وأعلنت إدارة التحرير بالجريدة إجراء مفاوضات مع إحدى الجهات الأمنية السيادية، استمرت لمدة 48 ساعة، قبل طبع العدد بمطابع "الأهرام"، بعد حذف التحقيق. وتتغير الأنظمة وال"فرم" واحد، ففي عهد المعزول، محمد مرسي، حاولت الأجهزة الرقابية بوزارة الداخلية مصادرة جريدة "الدستور"، بالتحديد عدد 11 أغسطس عام 2012، وطلبت أصل صفحات جريدة الدستور بعد ساعات قليلة من طباعتها بمؤسسة دار التحرير، بعدما ورد إليها معلومات عن نشر الجريدة مواد صحفية تمس مرسي، وتتناوله بقدر من الإساءة والإهانة. وفي حين رفض خالد بكير، رئيس مجلس إدارة المؤسسة، إعطاء رجال الداخلية تلك الأصول، لعدم حصولهم على إذن من النيابة العامة بذلك، الأمر الذي أجبرهم على الانصراف من المطبعة وصدور عدد الجريدة دون مصادرته أو اتخاذ أي إجراء بشأنه. إلا أن محكمة الجيزة الابتدائية أيدت أمرًا صادرًا بضبط مجموعة نسخ من هذا العدد، على خلفية التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة في إطار البلاغات التي قدمت إليها، وتتهم الجريدة ب"الحض على الفتنة الطائفية وإهانة رئيس الجمهورية والتحريض على الفوضى في المجتمع".