السؤال: ما معنى أن تحتشد قبيلة «الترابين» فى سيناء ب300 مقاتل مسلح و120 سيارة دفع رباعى، وتبدأ فى شن حملة عسكرية موسعة على مواقع ما يعرف ب«ولاية سيناء» أو تنظيم أنصار بيت المقدس؟ الإجابات: 1- يعنى فشل الدولة، بوضوح ودون مواربة، ولا يمكن تجميل الموضوع بالقول إن القبيلة تنسّق مع الجيش والشرطة، مجرد السماح للأهالى بالتسلح والقتال هو فشل للدولة، التى من المفترض أن تحتكر التسلح والقتال. 2- معناه أن الدولة التى لم تنجح فى جلب التنمية إلى سيناء، لم تنجح أيضا فى جلب الأمن، واضطرت القبائل إلى أن تعتمد على أنفسها لنيْل أمنها وتعزيزه وأخذ ثأرها بمعزل عن القانون أو أى شكل من أشكال الحضور للدولة التى ثبت غيابها تماما عن الواقع السيناوى، رغم الحضور الأمنى المكثف الذى ثبت على الأقل أنه لم يكن كافيا لتأمين أهالى سيناء الأصليين. 3- يعنى، بفرض أنه إجراء يتم برعاية الدولة والتنسيق معها، أن هناك تغييرا جذريا فى الاستراتيجية الرسمية لمكافحة الإرهاب، تنحاز للرؤية الأمريكية التى ترى أن الحل الناجز للإرهاب هو تسليح الحواضن الشعبية فى مناطقه، واستنساخ لتجربة مجالس الصحوات فى العراق، بكل خطورتها اللاحقة التى أنتجت فوضى أكثر عنفا من عنف الإرهاب. 4- يعنى أن لتنظيم «ولاية سيناء» أو «أنصار بيت المقدس» مواقع وتمركزات ثابتة ومعروفة جغرافيا، وأن كتائب الترابين تعرف أماكن هذه التجمعات بوضوح تام، وكان سهلا عليها استهدافها ومهاجمتها على نحو ما جاء فى بيانهم العسكرى الأول، فإذا كان بعض وجودهم فى سيناء ثابتا جغرافيا ونقاط انتشاره معروفة سلفا، فهل من تفسير لعدم مبادرة الدولة استهداف هذه النقاط التى بدا أن الترابين يستهدفونها هكذا بسهولة. 5- يعنى أن قبيلة كبرى كالترابين تحركت بعد مقتل أحد أبنائها طلبا لثأر قبلى تقليدى، وهذا يعنى أن محاربة الإرهاب فى حد ذاتها مجرد لافتة لشرعنة هذه الحرب والثأر فقط هو الهدف. 6- يعنى أن هناك أزمة واضحة بين الدولة وأهالى سيناء، بما جعل تنظيم ما يعرف ب«ولاية سيناء» أو أنصار بيت المقدس قادرا على التحرك بحرية وسط المدن والقرى، وتحريك كتائبه فى اتجاه أهدافه دون أن يعترضه أى طرف أهلى، أو تحذر منه الدولة، واستهداف النقاط الشرطية والعسكرية الحصينة دليل واضح على هذه الأريحية التى تؤكد أن التنظيم على الأقل نجح فى تحييد القبائل، إما بتخويفهم وإما بترسيخ مفهوم واضح فى أذهان الشباب السيناوى، إنها حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فالدولة والتنظيم كلاهما يبطش بهم، وكلاهما لا يحمل لهم سوى وعود مؤجلة التنفيذ، خصوصا الدولة التى تعد بالتنمية منذ 33 عاما على الأقل. 7- يعنى أن تلاقى المصالح فقط بين القبيلة وبين الدولة، هو الذى أظهر هذا التوحد العسكرى ضد عدو واحد بعد أن طال القتل التكفيرى أبناء القبيلة، وهو فشل إضافى للدولة التى فشلت من البدء فى خلق هذه المصالح المشتركة، وضمان حاضنة شعبية فى سيناء ليست محايدة، إنما متعاونة مع الدولة من أجل بلوغ هذه المصالح المشتركة المتمثلة فى مشروع سياسى وتنموى حقيقى، وليس من أجل الانصياع إلى أوامر تعززها القوة المسلحة وفقط. 8- يعنى أن الأوضاع على الأرض أصعب من أن تحسمها قوة نظامية، محرومة من الغطاء الشعبى المحلى ليس لانحيازات سيناوية لصالح العصابة، إنما لمخاوف الأهالى على أبنائهم التى اضطرتهم لتحييد مواقفهم، فى ظل دولة لا تكترث بهم وبتضحياتهم. هل سمعت مرة عن ضحية سيناوى للإرهاب تم اعتباره شهيدا وجرى إطلاق اسمه على مدرسة، وتنظيم أى جنازات رسمية أو شبه رسمية له؟ 9- يعنى أن مستقبل سيناء ما زال غامضا وصعبا، والفوضى فيها قد تكون ممتدة، وقد يأتى يوم مع انتشار السلاح وشرعنة حمله تحت لافتة مواجهة الإرهاب لا تعرف فيه من يحارب من، ومن يقاوم الإرهاب ومن يمارسه. 10- يعنى فشل الدولة ثم فشل الدولة ثم فشل الدولة.