جلس عمال المناوبة الليلة وكانوا شبابا عديمي الخبرة، يراقبون العمل بالمفاعل النووي بينما كانت تجرى تجارب السلامة فيه.. انفجار هائل في تمام الساعة الواحدة و24 دقيقة من فجر السبت 26 أبريل عام 1986، استيقظ على إثره سكان تشيرنوبل وكييف ومن هم على الحدود البيلاروسية.. 200 موظف راحوا ضحية الانفجار فور وقوعه عندما تعطل أحد التوربينات وفشل نظام التبريد، وتدمير لسقف المفاعل الذي يزن 2000 طم من الفولاز، لتنطلق 8 أطنان من الوقود النووي إلى السماء، قبل أن تتدخل بعدها فرق الإنقاذ لإطفاء الحريق والتي كانت تجهل تسرب مواد خطيرة مثل اليورانيوم والبلوتونيوم والسيزيوم واليود ونتج عنه تعرضهم لمستويات خطيرة من الاشعاع الذي وصل آلاف أضعاف المستوى العادي، وهو ما أدى فيما بعد لوفاة 36 شخصا أغلبهم من عمال الإطفاء وعمال المحطة. التكتم لا يفيد.. تشرنوبل منطقة منكوبة بعد التكتم على الحادث في اليومين الأوليين أعلن الاتحاد السوفياتي أن منطقة تشرنوبل منطقة منكوبة وبدأت عمليات إجلاء مئات آلاف السكان من المناطق المحيطة بالمفاعل وقد جند أمهر الخبراء والمختصين في المجال النووي لدى السوفيت لتقليل خطر الانعاثات الإشعاعية، واستمرت عمليات مكافحة الحرائق وتخفيض درجة الإشعاع لمدة 10 أيام، ونصح الخبراء باستعمال الرمال والطين ومواد أخرى منها الرصاص والبور لإطفاء الحريق وتخفيف مستويات الإشعاع، حيث تم رميها من المروحيات والتي خاطر من كانوا على متنها بحياتهم لإنقاذ حياة الملايين. كان انبعاث المواد المشعة التي عادل تأثيرها ما لا يقل عن 200 قنبلة، كتلك التي ألقيت على مدينة هيروشيما سببا في تلوث أجواء جزء كبير من أوروبا بالإشعاعات، لا سيما أوكرانيا وبيلاروسيا وروسيا وألمانيا وحتى السويد. المواد المنصهرة تتسرب إلى التربة ونهر دنيبر بعد نجاح عملية التحكم في الحرائق تنبه الخبراء إلى أن هناك خطر وشيك آخر وهو تسرب المادة المنصهرة المشعة إلى التربة ونهر دنيبر، ما كان سيحدث كارثة حقيقة لأن النهر كان يمول ملايين السكان بالمياه الصالحة للشرب إضافة إلى إمكانية وصول الإشعاع إلى المياه الجوفية ما يعني كارثة أخرى تستمر لمئات السنين، لذلك تم اللجوء إلى بناء غرفة من الخرسانة المسلحة تحت المفاعل لمحاصرة صهارة المواد المتفاعلة المشعة بدرجة خطيرة ومنعها من التسرب إلى باطن التربة وتشييد غلاف خرساني من 700 ألف طن من الحديد الصلب والأسمنت حول المفاعل بغرض إحكام الإغلاق على حوالي 200 طن من خليط الوقود المشع والأسمنت والرمال التي انصهرت. حشد حوالي 600 ألف شخص من كل الأنحاء اغلبهم كان من أفراد الجيش بالإضافة إلى قوات الإطفاء و الدفاع المدني وعمال المناجم شاركوا في عمليات إطفاء الحرائق وإزالة مخلفات الانفجار التي كانت مشبعة بالإشعاع اضافة إلى إخلاء المدن المجاورة وقتل كل الحيوانات بعد إصابتها بالإشعاع. تضارب الأرقام حول عدد الضحايا أدى الحادث و ما نجم عن الإشعاعات إلى وفاة حوالي 2000 شخص حسب أرقام الاتحاد السوفياتي و8000 آلاف حسبما صرحت به أوكرانيا بعد انفصالها وذلك في الأشهر والأعوام التي تلت الحادثة، إضافة إلى إصابة مئات الآلاف بالإشعاعات بدرجات متفاوتة ما سبب للكثير منهم الأمراض خصوصا السرطان والإعاقات والتشوهات وبلغت الخسائر المادية أكثر من ثلاثه مليارات دولار، إضافة إلى تهجير أكثر من 200 ألف ساكن وتحول مدينتي تشرنوبيل وبرايبت إلى مدن أشباح.