كتب- محمد عبد الجليل: إذا كان القضاة هم سدنة العدالة، وحراس الحق، فإنه لا يمكن مساواة خطئهم بخطأ الفرد العادى، إلا أن ما حدث بالفعل، ورصدته «التحرير»، كشف عن قيام نادى قضاة مجلس الدولة، بالاستيلاء عنوة على أرض مشتل (طرح نهر)، الذى تعود ملكيته للدولة، ويقع بجوار كوبرى الجامعة. الواقعة للأسف لم تقف عند مجرد وضع اليد على المشتل، وإنما شابها أيضا التواطؤ من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، باعتبارها جهة تحصيل الرسوم مقابل الانتفاع بالمشتل، التى سهلت ضمه فى غفلة من القانون إلى مساحة النادى الكلية، بينما لم يكتف القائمون على النادى بذلك، بل منعوا لجنة من المحافظة وهيئة الأملاك والمشروعات الزراعية من دخول المكان ومعاينته، وذلك تحت شعار نظرية «يبقى الوضع على ما هو عليه»، فى الوقت الذى أحضر فيه نادى قضاة مجلس الدولة (وهو جمعية أهلية)، مواد البناء لإقامة التوسعات دون عمل حساب لأى حقوق أو جهات، كما حاول نادى مستشارى النيابة الإدارية المجاور بدوره أيضا، قنص تلك المساحة، لكن الطرف الأول سبقه إلى ذلك، وفى التفاصيل يقبع الشيطان، وها هى مزيد من المفاجآت فى قضية الاستيلاء على أرض الدولة. زمن حسام أبو الفتوح قطعة الأرض الوارد ذكرها تبلغ مساحتها 816.64 مترا مربعا، بالإضافة لأرض المرسى، التى تبلغ مساحتها 101 متر مربع، كانت فى الأصل مستأجرة من قبل رجل أعمال يسمى مراد أمير الجندى، وحسام الدين حسن أبو الفتوح، وشهرته حسام أبو الفتوح، رجل الأعمال ذائع الصيت، صاحب توكيلات السيارات المعروف، قبل أن يزج به فى السجن، اللذين قاما بسداد ثمنها منذ عام 86، حتى عام 2006، إلا أن توفى الأول عام 2005، ولم يخطر شريكه أبو الفتوح لجنة «حماية النيل» المشرفة على الأرض بوفاة شريكه بالمخالفة للقانون، واستمر أبو الفتوح فى توريد الرسوم. جمعية قضاة مجلس الدولة تستولى على المشتل حاولت الجمعية الحصول على أرض المشتل لتوسعة المكان، وسبق لها طلب ضم الأرض بخطاب لإدارة الأملاك بتاريخ 6-6-2007، وقررت اللجنة آنذاك عدم الموافقة على ضم المشتل المشار إليه، حيث يقوم مستغل المشتل بسداد مقابل الانتفاع عنه بصفة منتظمة، كما ورد بذات المحضر المذكور موافقة اللجنة على قيام أبو الفتوح بسدادا مقابل الانتفاع بدلا من مراد أمير الجندى، حيث إن تراخيص استغلال المشتل كانت باسم الطرفين، واشترطت اللجنة للموافقة على سداد أبو الفتوح رسوم الاستغلال، أن تتم فى حضور شريكه دون توكيلات، إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن، وتبين من الفحص أن الجندى توفى فى عام 2005، أى قبل تاريخ آخر جلسة فى 6-6-2007 بعامين كاملين، دون أن يخطر اللجنة بالمخالفة للقانون، وبتاريخ 20-11-2014. نادى النيابة الإدارية يصارع لأكل «التورتة» ليس نادى قضاة مجلس الدولة هو فقط الذى حاول أخذ الأراضى بنظام وضع اليد، بل حاول نادى مستشارى النيابة الإدارية الدخول فى السباق على حيازة أراضى الدولة، حيث أحال نائب المحافظ للمنطقة الجنوبية ملفا جديدا يتعلق بشكوى من نادى مستشارى النيابة الإدارية، الملاصق لأرض المشتل وجمعية قضاة مجلس الدولة، بتعدى الجمعية الأخيرة على مساحة من الأرض المخصصة لنادى مستشارى النيابة الإدارية والمخصصة له من المحافظة عام 1990، والتى جرى الاعتداء عليها فى يوم 12-11-2014، وتم تحرير محضر شرطة بقسم مصر القديمة، وعندها طلب نائب المحافظ اتخاذ الإجراءات السريعة لحفظ حق نادى النيابة الإدارية وقتها، وبعدها بأيام تقدم نادى مستشارى النيابة الإدارية، بطلب إلى نائب المحافظ يطلب فيه ضم مساحة أرض المشتل إلى أرض النادى، وأرفق بالطلب تعهدا بسداد كل المبالغ المقررة. نادى القضاة «طرمخ» على دفع قيمة الانتفاع بالأرض أرسلت الإدارة العامة للأملاك خطابا أفادت فيه أن موضوع ملف أرض المشتل فى عهدة نائب المحافظ للمنطقة الجنوبية منذ عام 2007، ولم تتم إعادته إلى الإدارة حتى وقتنا هذا، وكشفت هيئة الأملاك عن تفاصيل أخرى مثيرة بإفادتها أن نادى قضاة مجلس الدولة، لم يقم بتسديد قيمة الرسوم المستحقة عليه نظير حق الانتفاع بالأراضى، المقام عليها النادى نفسه، التى تتبع إدارة الأملاك منذ 22 عاما وبالتحديد منذ عام 1993، وحتى الآن، وعلى الرغم من ذلك عمدت إلى الاستيلاء على أراضى المشتل والمرسى وحبسهما عن الطريق العام، وانتزاعهما من ملكية الدولة والجهات المشرفة عليهما. منع موظفى الدولة من أداء عملهم لم يتوقف خرق جمعية قضاة مجلس الدولة للقانون عند ذلك الحد، بل تمادت فى ذلك، ومنعت موظفين عموميين متمثلين فى أعضاء لجنة، ضمت كلا من رئيس حى طرة، وأمين عام لجنة حماية النيل، ومسؤولى حى مصر القديمة، بتاريخ 14-22-2014، من دخول المشتل وإجراء المعاينة القانونية، ولم تتمكن اللجنة من ممارسة أعمالها فى معاينة أراض ملك للدولة، تم اغتصابها، وأرجع مسؤولو أمن نادى قضاة مجلس الدولة منعهم الموظفين من الدخول، بدعوى عدم موافقة رئيس النادى، بينما لاحظ أعضاء اللجنة وقت انتظارهم الدخول وجود تشوينات لمواد البناء من الرمل والزلط والأسمنت والطوب على أرض المشتل، واتضح أن نادى القضاة قام بالفعل بالاستيلاء على المشتل والمرسى وطرد العمال من الموقع. مخالفات المسؤولين أضاعت حق الدولة مما سبق يتضح أن أطرافا عديدة استغلت أرض المشتل، فى تحقيق مصالح خاصة، سواء مستغل الأرض منذ البداية، أو نادى قضاة مجلس الدولة، أو تقاعس المسؤولين عن الأرض فى الحفاظ عليهما، وتمثل ذلك فى عدم الحرص على تحصيل قيمة الرسوم المتوقفة فى منذ عام 2005، من مستغل الأرض حسام أبو الفتوح، الذى استغلها بالتحايل على القانون بعد وفاة شريكه أمير الجندى، وما تردد عن الأفعال التى كانت تحدث وقتها داخل المشتل. وأوضحت الأوراق أيضا أن مساحة الأرض المجاورة لنادى القضاة والمبين مساحتها من قبل، ما زالت فى حيازة أبو الفتوح دون سند قانونى، حيث إن مستأجر أرض المرسى والمشتل توفى فى عام 2005، وأن نادى قضاة مجلس الدولة وضع يده على الأرض، وهو ما يؤيده منع العاملين بإدارة الأملاك بالمحافظة من الدخول، حيث إن الأرض أصبحت محبوسة عن الطريق العام بفعل نادى القضاة، وأن قضاة مجلس الدولة منوط بهم حماية المال العام، ومن ثم لا يعقل أن يتخذ ناديهم، وهو جمعية أهلية، إجراءات قسرية للاستيلاء على المال العام. الرد القانونى بالعرض على الدكتور السيد عيد نايل، المستشار القانونى لمحافظة القاهرة، أوصى عقب فحص جميع الأوراق والممتلكات الخاصة بأرض وحيازة المشتل والمرسى، بضرروة تشكيل لجنة من التفتيش الإدارى والفنى بالمحافظة، وأعضاء من لجنة حماية النيل للدخول على أرض المرسى والمشتل ومعاينتهما وتقدير اعتداءات نادى قضاة مجلس الدولة، وعليها اتخاذ إجرءات إعادة الأرض إلى ما كانت عليها على نفقة النادى، وإعادة فتح ممر إلى الطريق العام من الأرض المخصصة للنادى. كما أوصى المستشار القانونى برفض طلب النادى ضم أرض المرسى والمشتل إلى أرض النادى، كما طالب المستشار القانونى باتخاذ الإجراءات القانونية لتحصيل مستحقات المحافظة لدى نادى القضاة، مع إلزام النادى بقيمة تلفيات تسبب فيها لأرض المشتل والمرسى، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية لتحصيل مستحقات المحافظة لدى نادى مستشارى النيابة الإدارية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتحصيل قيمة الانتفاع بأرض المرسى والمشتل من محمد حسام أبو الفتوح، بصفته واضع اليد على المرسى والمشتل منذ عام 2006 حتى الآن، كما أوصى المستشار القانونى لمحافظة القاهرة بقيام حى مصر القديمة بوضع يده على أرض المرسى والمشتل بما عليهما من مبان ومنقولات، والمحافظة عليها حتى يتم التصرف فيها بالتأجير بالمزاد العلنى. كما اقترح المستشار القانونى للمحافظة خيارا آخر لحل المشكلة يتلخص فى إحالة موضوع أرض المشتل والمرسى لنادى قضاة مجلس الدولة ونادى مستشارى النيابة الإدارية بمعرفة اللواء السكرتير العام للمحافظة، إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، لإعمال شؤونها بصددها، وبيان مدى إمكانية بيع الأرض المملوكة لها إلى الناديين من عدمه، واتخاذ القرار المناسب بهذا الصدد، حيث إن الإدارة العامة للأملاك ليس لها حق البيع وفقا للاتفاق المبرم بينها وبين الهيئة، وفى الحالتين يرى المستشار القانونى لمحافظة القاهرة وجوب إحالة المسؤولين بالمحافظة وموظفى الأملاك، المقصرين فى تحصيل مقابل الانتفاع، وهى: نادى قضاة مجلس الدولة، ونادى مستشارى النيابة الإدارية، ووواضع اليد (حسام أبو الفتوح)، للتحقيق بمعرفة الإدارة العامة للشؤون القانونية، والبحث بكل الوسائل الممكنة عن أوراق ملف أرض المشتل والمرسى. المحافظ يحقق ويدقق على ضوء توصيات المستشار القانونى للمحافظة، وجه الدكتور جلال السعيد، محافظ القاهرة فى يوم 20 ديسمبر من العام الماضى، بفتح تحقيق فى الأمر برمته وإحالة موظفى الأملاك إلى التحقيقات، مع الاستمرار فى المطالبة بالمستحقات المتأخرة، وإحالة الموضوع إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية للاختصاص، دون الرجوع إلى المحافظة.