كتبت - أميرة إبراهيم يبدو أن الرئيس عبد الفتاح السيسى مصرا على أن لا يترك أى باب دون أن يطرقه ليخاطب المصريين بأسهل الطرق الممكنة، وعليه لم يكن مستغربًا أن يأتى الرئيس بسابقة هى الأولى من نوعها بالنسبة لجميع رؤساء مصر، عندما تحدث للمصريين من خلال إذاعة القرآن الكريم. لماذا يتحدث الرئيس لإذاعة القرآن الكريم؟ الإجابة ببساطة لأنه فعلها العام الماضى، عندما كان وزيرا للدفاع، إذ وجه رسالة إلى المحطة فى نفس المناسبة ليهنئها بمرور 50 عامًا على إنشائها، ولم يكتف وهو رئيس بخطاب أو رسالة تهنئة بروتوكولية، إنما اختار أن يخرج للمصريين بحديث أعلنت عنه مؤسسة الرئاسة، وتكتمت عليه إذاعة القرآن الكريم لحين إذاعته الأربعاء المقبل فى ذكرى إنشائها. وخلال اللقاء أشاد الرئيس بتاريخ وعراقة إذاعة القرآن الكريم المصرية باعتبارها أقدم إذاعة للقرآن الكريم، وأقدم إذاعة دينية على الإطلاق فى منطقة الشرق الأوسط، وأشاد بالدور الذى تقوم به منذ أكثر من نصف قرن لبث آيات الذكر الحكيم بمختلف القراءات القرآنية ولمشاهير وشيوخ القراء المصريين، مستعرضا السبب الذى أدى إلى إنشاء إذاعة القرآن الكريم، بهدف التصدى لنسخة محرفة من القرآن الكريم تم نشرها آنذاك. كما شدد السيسى على أهمية التصدى لدعوات الغلو والتطرف وجميع الدعوات المغلوطة والأفكار الهدامة التى يحاول الإرهابيون والمتطرفون فكريا إلصاقها بالدين الإسلامى، خلافا لكل مبادئ الدين الإسلامى. وأكد أن العالم الإسلامى يحتاج إلى وقفة مع النفس وثورة من أجل الدين وليس على الدين لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وإظهار وتطبيق القيم السمحة والتعاليم الغراء للدين الحنيف. وفى سياق متصل، أوضح الرئيس أن هناك مسؤولية تقع على عاتق المسلمين إزاء الدين، ويتعين أن يتحملوها بصدق وأن يؤدوا الأمانة إزاء هذا الدين العظيم، عبر التصدى بكل الوسائل الممكنة للمحاولات الآثمة التى تستهدف تشويهه واستغلاله لخدمة أهداف مغايرة لصحيح الدين، ودعا إذاعة القرآن الكريم إلى إعادة بث ما تذخر به مكتبتها من كنوز إذاعية تراثية، والاستعانة ببرامجها المتخصصة لصالح نشر قيم الإسلام السمحة والتعريف بصحيح الدين، بما يسهم فى إيضاح وتصويب المفاهيم، لا سيما لدى الشباب الذى نعول عليه وعلى دوره الوطنى المحورى فى دفع عملية التنمية الشاملة فى مصر. الدكتور عبد الله الخولى، نائب رئيس إذاعة القرآن الكريم، أكد أن الرئيس السيسى خصّ الإذاعة فى ذكرى تأسيسها العام الماضى برسالة تهنئة مكتوبة، أشار فيها إلى أن إذاعة القرآن الكريم استطاعت كسب ثقة ملايين المسلمين بسبب احترامها التخصص، ولأنها تأتى بأهل العلم للتحدث فى فروع الدين المختلفة. وتابع نائب رئيس إذاعة القرآن الكريم لإحدى الفضائيات أن مذيعى القرآن الكريم يتعرضون للعديد من الحملات على صفحات الجرائد وشاشات الفضائيات، وجميعهم أبرياء منها ، قائلًا: الناس يحسدوننا على ما نحن فيه لما نقوم به من عمل نجمع فيه بين الدنيا والآخرة ، وأشار إلى أن إذاعة القرآن الكريم ظلت تنقل صورة للدين الوسطى على عكس الإذاعات الأخرى، رغم تعرض بعض مذيعيها إلى انتقادات من قبل بعض الإعلاميين . اللافت أن رئيس الوزراء إبراهيم محلب سبق وأجرى حوارا مع الإذاعة العام الماضى لتهنئتها باليوبيل الذهبى، أكد فيه أن إذاعة القرآن الكريم تمثل جامعة إسلامية مفتوحة لكل المسلمين تعلمهم الوسطية والاعتدال، وأذيع الحوار وقتها كاملا عبر موجات إذاعة القرآن الكريم. ومن اللافت أيضا أن الرئيس السيسى وجه رسالة قوية قبل يومين عبر حوار نشرته صحيفة وول ستريت جورنال أكد فيها أن الدين الإسلامى تحرسه روح الإسلام وجوهره، والإسلام الحقيقى يمنح الحرية المطلقة للشعب كله فى الإيمان أو عدمه، ولا يحض على قتل من لا يؤمن به، ولا يمنح المسلمين الحق فى فرض معتقداتهم على العالم، ولا يقول إن المسلمين سيذهبون إلى الجنة والآخرين إلى جهنم ، معلقا لسنا آلهة، وليس لدينا الحق فى التصرف باسم الله . وقالت الصحيفة تعليقا على الحوار إن السيسى لقّن العالم درسا فى الفرق بين التديُّن والتطرُّف، وإن أحدا لم يتصور أن يصبح أبرز مدافع فى العالم عن الإسلام المعتدل، رغم أن البعض شبّهه ب(مبارك) ، معلقة تلك التشبيهات بأنها مضللة . إذاعة القرآن الكريم أنشأها الرئيس جمال عبد الناصر لتختص بإذاعة القران الكريم، والبرامج الإسلامية فى 25 مارس 1964، وتعد الأقدم على مستوى العالم بين إذاعات القرآن الكريم أو الإذاعات الدينية بشكل عام. وكان لقرار نشأتها ظروف وملابسات، ففى أوائل الستينيات من القرن الماضى عندما ظهرت طبعة مذهبة من المصحف ذات ورق فاخر و إخراج أنيق، بها تحريفات خبيثة ومقصودة لبعض آياته، منها قوله تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين ، وتم طباعتها مع حذف كلمة غير فأصبحت الآية تعطى عكس معناها تماما، وكانت هذه الطبعة رغم فخامتها رخيصة الثمن وكان تحريفها خفيا.