كتب: شريف عبد الغنى "هنا جمهورية زفتى المستقلة"، لم يكن الشعار خيالًا بلا ظل على الأرض، وإنما حقيقة واقعة فى قرية زفتى بمحافظة الغربية، التي أعلنت فى ال 23 من مارس 1919 الجمهورية، والاستقلا عن النظام الملكي وقت إذ. وتعود أحداث إعلان "الجمهورية"، إلى اعتقال الزعيم الوطني، سعد زغلول، ومرافقيه ونفيهم إلى جزيرة سيشل، وما أعقبها من اندلاع ثورة 1919 في عموم البلاد ضد "القصر" والمحتل البريطاني. فخرجت في زفتى مجموعه من الشباب الجامعي والفلاحين والتجار، تفكر في المشاركة في الحراك الوطني، ومن ضمنهم يوسف الجندى وأبن عمه عوض الجندي، المحاميان، والشيخ عمايم والكفراوي والفخراني، ومحمد عجينة، صاحب مكتبة للأدوات المدرسية، ومطبعة وسويلم. وعقدت المجموعة لقاءات في مقهى مستوكلى بميدان بورصه القطن، واتفقوا على إعلان الاستقلال وانشاء جمهورية زفتى، للفت أنظار العالم لمدى التأييد الشعبي لسعد زغلول ورفاقة. وبعد أن تبلورت الفكرة، بدأوا في التحضير لإعلان الاستقلال، صباح يوم 18 مارس 1919، وتجاوب معهم الأهالي من فلاحين وأعيان، وذهب يوسف الجندى ومعه بعض أهالى البلدة إلى ضابط النقطة حمدي أفندى، الذي بادر إلى الانضمام لهم، وفتح السلاحليك (مخزن السلاح) لتسليح الحركة. وفي صباح يوم 18 مارس، كون المجلس البلدي الحاكم برئاسة الجندي، وكلف أبن عمه بنشر الخبر في الصحف، وتشكلت عدة لجان منها لجنه التموين والإمداد، وكانت مهمتها حصر المواد التموينية وتوزيعها على أهالي البلدة، ولجنة النظافه، ولجنه الإعلام، تولاها محمد أفندى عجينة، وكانت تطبع المنشورات السريعة لتوضيع الوضع العام في البلدة. وأصدرت اللجنة جريدة يومية، كان اسمها جريدة جمهورية زفتى. وتولى ضابط النقطة الإشراف على لجنة الأمن والحماية، وأشرف على تسليح القادرين على حمل السلاح، وقسمهم إلى مجموعات تتولى لحماية مداخل البلدة. وفي مساء يوم 18 مارس، قرر الإنجليز إرسال قوة للاستيلاء على البلدة عن طريق كوبرى ميت غمر، ولكن تصدى الأهالى للقوات، فرجعت وتمركزت في بلدة ميت غمر. وفى الصباح علموا بأن هناك قطار قادم إلى البلدة محمل بمئات الجنود والعتاد العسكري، فقطعوا قضبان السكة الحديد على مسافة حوالي 15 كيلو متر. ولخطورة الموقف، عين الجنرال اللنبى معتمدًا لبريطانيا في مصر، ولم تزل حالة عدم الاستقرار، فلجأ المصريون في مختلف محافظات مصر إلى تخريب الطرق، وقطع خطوط الاتصالات وأسلاك التلغراف وأعمدتها. فتريث الإنجليز حتى تهدأ الأمور في أنحاء مصر، وفى فجر يوم 29 مارس 1919، فوجئ أهالى زفتى بعشرات المراكب التي تحمل جنود الإرسالية الاسترالية تنزل الجنود على شاطئ النيل بالبلدة، وتطلق النار في الهواء أو على كل من يحاول عرقلة استلايئهم على البلدة، وقاموا بالتفتيش عن يوسف الجندي، وأعلنوا عن مكافئه ماليه لمن يرشد عنه. ولكن عندما تأكد للجميع أن الأمر أنتهى، قاموا بتهريب الجندي ورفاقه إلى عزبة سعد باشا، الواقعه في قرية مسجد وصيف، واستقبلتهم أم المصريين السيدة صفية زغلول وقامت باخفاءهم في أماكن مختلفه حتى أفرج عن سعد زغلول ورفاقه يوم 17 ابريل من عام 1919. وطبعت اللجنة الثورة منشورات بالإنجليزية، ووزعتها على الجنود الاستراليين. وجاء فيه: "أيها الجنود، أنتم مثلنا، وإننا نثور على الإنجليز لا عليكم أنتم، إننا نثور من أجل الخبز والحرية والاستقلال، والإنجليز الذين يستخدمونكم في استعبادنا يجب أن يكونوا خصومكم أيضاً"، وفي الأثر أحجم الجنود عن اقتحام المدينة، واكتفوا بالانتشار في محيطها. وعند ذلك الحد، أرسلت السلطات المحتلة تعليمات لتسوية الأمور بشروط، منها تسليم الأهالي 20 رجلًا كي يتم جلدهم، حفاظاً على "هيبة الدولة"، وبعد نقاش طويل قررت اللجنة تسليم الوشاة والعملاء، "فجلد الإنجليز عملاءهم".