كتب: إسلام أبو خطوة - تصوير - مها البدينى: أصبحت منازل أزلية متهالكة، يعود تاريخ إنشائها لمئات السنين، طغى على جدرانها اللون الأصفر الكاتم بفعل عامل الزمن، البعض منها سقطت في أوائل التسعينيات جراء الزلزال الذي ضرب مصر آنذاك، أتلال قمامة متراكمة على أزقة الحوارى ، هذا هو حال شارع قصر الشوق بمنطقة الجمالية بالقاهرة . في البداية ومن مدخل الشارع يصادفك مسجد " سيدي مرزوق الأحمدي" صاحب المقام الشهير بطنطا، ومؤسس الطريقة الأحمدية، ويرجع تاريخ وجود مرزوق الأحمدي بالجمالية إلى عام 630 هجرية، قبل أن يتوفى بها، ويضم المسجد ثلاثة مقامات الأول لسيدى مرزوق الأحمدي، والثاني للسيد محمد شمس الدين، آخر قائد لركب كسوة الكعبة، والأخير لابنة أحمد محمد شمس الدين . أمتار قليلة تبتعدها فتجد أمامك مدرسة عمر مكرم الإبتدائية، والتي أخرجت مئات من نجوم المجتمع بحسب الأهالي، ومن جانب المبنى تجد منازل أزلية قديمة ومن أسفلها المقاهي والتي أصبحت تضم مزيج بين أهالى شارع قصر الشوق القدامى والأناس الذين جائوا مجددين . منازل مبنية على الطراز القديم يرجع تاريخها لمئات الأعوام تقابلها كلما إزدادت الخطوات للشوارع الداخلية، ومن جوارها أيضًا منازل حديثة تم بنيانها على أحدث طراز . " مابقاش فاضل غير 30 % بس من أهالي الشارع الأصليين " .. هكذا إستهل أسامة نبوى الرجل الأربعيني، من سكان قصر الشوق القدامى، وبدأ يروى قصة قصر الشوق، وقال أن الشارع كان بمثابة ملتقى الفكر الثقافي حيث خرج منها الأديب نجيب محفوظ والكاتب الصحفى جمال الغيطانى، كما كان السكان يتمتعون بثقافة عالية . وتابع نبوى قائلاً: " زمان كان سكان الشارع كله أسرة واحدة بنتجمع فى كل المناسبات، بس دلوقتى أغلب السكان بقوا ناس أغراب ومن هنا إنقرضت الإنسانية" . لن يتوقف الأمر على التغير البشرى فقط، بل وصل للتغير الأخلاقى، فقال الرجل الأربعينى أن شارع قصر الشوق من قبل ثورة 25 يناير وحتى قبل ثورة 30 يونيو كان ملاذ للشقق المحرمة شرعياً، وإنتشرت الدعارة وتجارة المخدرات، ولكن قلت بعض الشىء بعدما قامت الحكومة بتشديد الرقابة. واستمرت " التحرير" في جولتها داخل الشارع لتجد منازل مهدمة سقطت بفعل الزلزال الذي ضرب مصر في فترة التسعينيات، ومن جانبها منازل أزلية أخرى مازال يقطنها الأهالي . " تعالوا أتفضلوا ده بيتكم " .. كلمات ترحيب شديدة وجهها ممدوح إبراهيم عبد العزيز ل"التحرير"، ليؤكد على أن أهالى قصر الشوق الأصليين كانوا يتمتعون بالكرم والبزخ . 110 سنه، عمر منزل عم ممدوح، والذى حرص على عدم تركة برغم تملكه عدد من الشقق الفارهة وقال : " كل ركن فى البيت ده ليا فيه قصص ورايات صعب إنى أسيبة ببساطة ". " كل لما بحس بالضيق أجى هنا وبرتاح نفسياً " .. قالها صاحب الوجة البشوش وهو يشعر بحنين الماضي حينما كان يلهوا هو وأصداقة في بهو المنزل، وتقوم والدته بإحضار وجبة الغداء له ولأصدقائة . وتابع قائلاً : " البيوت زمان كانت أسرة واحدة مافيش فرق في مين يروح عند مين، وكنا نعرف الغريب أول مايخطوا عتبة الشارع بس دلوقتى لما تبدل الحال والزمن إتغير وناس جديدة سكنت مابقناش عارفين ده مين وده مين خاصتا بعد ماطلع سمعة على قصر الشوق إنه بقى ملاذ للحرام " . ورصدت عدسة " التحرير" داخل منزل عم "ممدوح" الأثاث الذى يعود تاريخة لأكثر من 100 عام، فكلما تأملت فى جدران المنزل تشعر بشغف للماضى، و تتذكر فيلم قصر الشوق و هو الجزء الثاني من ثلاثية نجيب محفوظ التي كانت سببًا في حصوله علي جائزة نوبل في الأدب عام 1988م ، نشرت عام 1957م .