وهج وبريق خاطف صاحب اسم تامر محسن منذ أول أعماله في رمضان 2013 مع المؤلف الكبير وحيد حامد في "بدون ذكر أسماء"، واستمر في تجربته السينمائية الطويلة الأولى مع نفس المؤلف في "قط وفار".. تجربتان فقط تجعلك تتأكد أنك أمام مخرج واعٍ ومبدع ومختلف كل الاختلاف عن من يتواجدون حاليا بالساحة.. وتحاول "التحرير" في حوارها مع تامر محسن، الوقوف على محطاته السينمائية وتجاربه السابقة وما ينتويه من مشاريع مستقبلية. .البدايات والسينما.. كيف بدأ هذا الشغف؟ لا أعرف تحديدا كيف بدأ هذا الشغف بالسينما، ولكنني كطفل كنت مهتما بفن العرائس "الماريونت والمابت وغيرها"، وكنت أقوم بعمل مسرحيات بهذه العرائس، وفي سن 9 سنوات شاهدت فيلم "modern times"، وكان فيلما مؤثرا بالنسبة لي بشكل كبير، أحببت الفيلم وأحببت فن السينما، وقبلها كان أهلى يتركونني في المنزل للذهاب إلى السينما، وحينما أردت في أحد المرات الذهاب معهم فقالوا لي أنه فيلم لفاتن حمامة وكان الفيلم على ما أذكر "أفواه وأرانب"، وقتها اقترنت السينما باسم فاتن حمامة، وهذا الاقتران اختفى بعدها بفترة فاقتنعت أن السينما بها فاتن حمامة وآخرون، وتحت ضغط مني مرة أخرى اصطحبتنى أسرتي لمشاهدة فيلم ظنوا أنه كوميدي لأن به عبدالمنعم مدبولي وعادل إمام وكان الفيلم "احنا بتوع الأتوبيس". وابتدأ اهتمامي بفن السينما والمسرح حتى وقت دراستى، فأنا في الأصل درست في كلية الفنون الجميلة قسم عمارة، وكان كل همي أن أختار كلية فيها فريق مسرح قوي، وكان وقتها فريق مسرح فنون جميلة فريق قوي وكان يمسى بأتلية المسرح، ابتديت كممثل في الفرقة وفي العام التالي كتبت وأخرجت مسرحية اسمها الماريونت، ونجحت نجاحا كبيرا، وفازت بالمركز الأول بمهرجان المسرح الحر وقتها، كما عرضت على مسرح الهناجر فترة طويلة وقتها. بعد ذلك شعرت بأن ميولي سينمائية أكتر، إذ أن المسرح لا يساعدني عن ترجمة خيالي، وأحيانا كنت أشعر بأنني أريد أن أقترب من الممثل أو أبعد عنه، أحيانا أشعر أنني أريد أن أتجاوز الزمن، فقررت بعد تخرجي أن أدرس بالمعهد العالي للسينما. . أول تجربة مع كاتب بقامة وحيد حامد وفي موسم مكتظ بالأعمال الدرامية الجيدة لنتحدث قليلا عن بدون ذكر أسماء، والعلاقة بينك وبين وحيد حامد؟ بدأت العلاقة بيني وبين وحيد حامد من خلال معهد السينما، حينما طلبته إدارة المعهد للمشاركة في تحكيم مشاريع التخرج، وشاهد أول فيلم سينما "35 مللي" أقدمه وكان اسمه "الحفلة"، ونال إعجابه بشكل كبير، وأحسست وقتها أننى سأعمل معه في يوم الأيام، صحيح أنه كان إحساس غريب بعض الشيء ولكن هذا ما حدث، وظللنا نتواصل كعلاقة تلميذ بأستاذ، وبعدها بفترة طلب مني هو والأستاذ محمد ياسين أن أشارك في إخراج جزء صغير من مسلسل الجماعة، وبعد انتهائنا مباشرة قدم لي فيلمين كي أختار أحدهما والفيلمان هما "بدون ذكر أسماء" و"الغاوي" والذي تحول بعد ذلك إلى "قط وفار"، ولكننا لم نقدم الفيلمين. وبعدها ب6 شهور قدم لي وحيد حامد "بدون ذكر أسماء" كمسلسل وليس كفيلم، ولم أكن أتخيل أن تكون بدايتى تلفزيونية، ولكن لأن هناك طفرة كبيرة حدثت في صناعة التليفزيون، جعلت الفروق بين الصناعتين قليلة للغاية، حيث إن صناع الدراما بدأوا في صنع المسلسلات بطريقة سينمائية بعض الشيء، وطبعا انتابنى قلق شديد وتوتر، لأن العمل مع كاتب بقامة وحيد حامد يصيب أي مخرج بالتوتر، بمعنى أنه سينمائي جريء لأنه من الممكن أن يغامر بمخرج جديد وأنا لم أكن أول من قدمهم وحيد حامد، والتجربة مع وحيد حامد تعني أنه في حال الفشل فالمتحمل لهذه النتيجة هو العنصر الجديد الذي دخل معه في التركيبة. كل هذه العوامل كانت إيجابية بشكل كبير لأننى "رميت نفسي في المسلسل" وعملت بكل طاقتي دون النظر للنتائج وفرحت كثيرا بردود الأفعال على المسلسل. . أن يكون بطل أول أفلامك هو محمود حميدة هل كان في الأمر صعوبة أن تتعامل مع محمود حميدة خاصة بعد اختفائه لفترة طويلة عن الساحة؟ وكيف وافق حميدة على سيناريو قط وفار؟ أول تواصل بيني وبين الفنان محمود حميدة كان منذ خمس سنوات، حينما كنا نبحث المشروع قبل تنفيذه وقبل تنفيذ "بدون ذكر أسماء"، ربما لم نختلف أنا ووحيد حامد على حميدة فكل ما حدث أنني أخبرته أنني أريد محمود حميدة في هذا الدور فجاوبني بالموافقة وبدأ في الاتصال به. بعدها عرفت أنه حينما تكلم مع محمود حميدة توجس في البداية لأن المخرج جديد وليس له أعمال سابقة، ووافق موافقة مترددة أو مبدئية، ولكن بعد عرض "بدون ذكر أسماء"، وهو كان أحد المعجبين بالمسلسل، ولد داخله حماس لفيلم "قط وفار". واختيار محمود حميدة ربما يكون مقلق بعض الشيء، لأنه من المعروف عنه أنه متجهم بعض الشيء وغليظ، وأنا كنت أعلم أن هذا في رحلة العمل متعب بعض الشيء، لكنني اتخذت القرار ووافقت على تبعاته. والحقيقة يمكن القول إنه في البدايات لم تكن الأمور مثالية، ولكن سرعان ما تجاوزنا الأمر لأننا فهمنا بعضنا، وهو وثق أنه مع مخرج جيد، واستطعت أن أقدم له الاحترافية التي ينشدها، كما أنه أدرك أنني أمتلك وجهة نظر أريد طرحها، واستمتعت بالعمل معه لدرجة أنني كنت أنتظر المشهد الذي يعمل فيه، لأنه ممثل محترف، حينما يثق في المخرج فهو على استعداد لفعل أي شيء من أجل توصيل وجهة نظر المخرج، كما كان ممثلا مرنا معي وطلبه الوحيد أن يفهم فقط ما يقدمه. . تجربتك الدرامية الجديدة مع سيناريست مميز ومهم وهي الكاتبة مريم نعوم.. لنتحدث قليلًا عن هذة التجربة في حدود المسموح به؟ هذه تجربة بدأت مع الأستاذ جمال العدل، حيث هو من فكر في "تيمة" المسلسل، وكان هذا من 5 أو 6 سنوات، وتحمست لهذا جدا، وطلبت أن أدرس الموضوع وعملت أنا والأستاذة مريم على الموضوع فترة بلغت 6 شهور كاملة، حتى قيام الثورة فتم تأجيل الأمر برمته. وعدنا هذا العام لفتحه مرة أخرى، وهو تجربة لعمل دراما اجتماعية نفسية أو سايكو دراما، تحاول كشف ما بداخل أفكار البشر، ونفسيتهم وهو نوع لم يتم تقديمه كثيرا وأتمنى أن يلقى إعجاب الجمهور. . فيكتور كريدي مدير تصوير تكرر اسمه في التجربتين السابقتين والتي جاءتا تنبئان بتميز وتفرد على مستوى الصورة.. لنتحدث عن العلاقة بينك وبين فيكتور كريدي وكيف بدأت؟ فيكتور واحد من مديرين التصوير المتميزين جدا، شاهدت له مجموعة أعمال قبل العمل معه، وخاصة ما قدمه في مسلسل "الخواجة عبدالقادر" والذي نبهني لوجود مدير تصوير متميز جدا، كما أن فيكتور مدير تصوير متنوع وليس لديه طريقة ثابته للتعامل مع الموضوع، وهذا يهمني جدا في مدير التصوير أن يكون متغيرا ليواكب ما يريد أن يقدمه المخرج، لذلك عملنا معا في "بدون ذكر أسماء" و"قط وفار". وإضافة لتميزه وتمكنه الشديد من أدواته فهو "يفتح النفس على الشغل"، وهذا أمر يشغل بالى دائما، فيهمنى أكثر ما يمكن أن أقدمه مع مدير التصوير الذي يعمل معي. . بعيدا عن الفن.. هل شاهدت أي من فيديوهات داعش.. إذا كانت الإجابة نعم.. فكيف تفسر هذا المستوى التقني العالي والاحترافي لتلك الفيديوهات؟ لا.. لم أشاهدها كلها ولكنني شاهدت ما تعرضه القنوات الفضائية، والتي تكون قبل الأعمال الهمجية والدموية، ولاحظت أن هناك نوعا عاليا من الاحترافية، وهذا يشير إلى أن المتطرفين ابتدأوا يؤمنون بأهمية السينما ويدركون أنها أحد وسائل التعبير، ولكن بالطبع هم يعبرون عن أعمال همجية ودموية، ولكن لاحظت أنهم اهتموا بالسينما. . عودة لأزمة السينما المصرية التي بدأت في الانفراج.. هل ترى أن نزول 9 أفلام في موسم قصير كموسم منتصف العام مؤشر جيد أم أنه ظلم أفلام لحساب أفلام؟ في البداية لم أشاهد الأفلام لانشغالي بالتحضير لمسلسل "تحت السيطرة"، ولكنني أظن أن الأفلام في مجملها جيد وليست تجارية بالمعنى المفهوم، كان يوجد طموح جدا عند المنتجين بغرض إنجاح الموسم، وإذا نجح الموسم ده فإنه سيفتح أفاق جديدة. المشكلة أن الطموح في الموسم ده كان أكبر من الواقع، فإيرادات الموسم ده في العشر سنوات الأخيرة لا تتجاوز 20 مليون جنيه، وإذا حسبت تكلفة الأفلام التي نزلت هذا الموسم فتجد أنها تصل إلى 80 مليون جنيه، وهذا يشير إلى نوع من المغامرة غير المحسوبة، ربما كنت أتحدث أمس مع مدير شركة "نيو سنشري" على أن هناك زيادة واضحة في رواد السينما في مصر هذا الموسم ولكنها ليست الزيادة المرغوبة أو المنشودة، إضافة لوجود عدد كبير من الأفلام الأجنبي في دور العرض. ولكن على الرغم من عدم وجود إيرادات بشكل يرضي المنتجين إلا أنني لم أجد ما يمكن تسميته بالارتداد للخلف، وعندي يقين أن الحالة ستستمر حتى يعود الجمهور إلى السينما لأنه يؤلمنى أن أقابل أحدا فيخبرني أنه لم يدخل سينما منذ 3 سنوات على سبيل المثال. . على الرغم من إشادة النقاد بفيلم "قط وفار" ولكن إيرادات الفيلم جاءت ضعيفة.. ما أسباب ذلك في رأيك؟ في تقديري أن سينما النجم في كل مكان في العالم لها تأثير في كل ما يكون النجم أكثر جماهيرية، وفي أثناء اختيار المتلقي للفيلم الذي يرغب في مشاهدته يختار الفيلم المضمون أكثر من غيره، بحيث إنه إذا كان يبحث عن الضحك فسيختار فيلم يضمن أنه سيشبع رغبته. وفي نفس الوقت فإنه يخطط لمشاهدة أفلام أخرى خلال الأسابيع التالية، ولكن قاعات العرض لا تصبر على الأفلام فحينما ترى في الأسبوع الأول أن هناك فيلمين يحققان إيرادات فإنها تركز معهما دون غيرهما، في حين أن هناك من يبحث عن فيلم جاء في المركز الثالث مثلا في الإيرادات فينزل ليشاهده ليكتشف أن دار العرض رفعته من السينما، أو أصبحت تقدمه في حفلة واحدة. ومن المفترض أن هناك أفلاما تنجح بالصدى، حيث يسمع رد فعل من شاهدوها الإيجابي فيقرر دخولها، وهناك أفلام تنجح من الأفيش، ويدخل يكتشف أنه مقلب، وحتى يحدث الصدى المطلوب يحتاج الفيلم لثلاثة أسابيع من العرض، وأيضا قد يعتقد البعض أن الفيلم دسم جدا، وهو في حاجة لفيلم بسيط، ولكن الفيلم ليس بهذه الدسامة أو دسامته موضوعة في إطار خفيف جدا، ولكن في النهاية هناك أفلام تعيش وأفلام لا، وأغلب الأفلام التي عاشت لم تحقق إيرادات وقت عرضها. . ماذا بعد "تحت السيطرة"؟ أعتقد أن بعد تحت السيطرة سيكون هناك وقفة، لتحقيق أحلامي السينمائية بشكل كبير، لأنني ظللت 10 سنوات أقدم أفلاما وثائقية وبعدها إعلانات تجارية، ثم "بدون ذكر أسماء" و"قط وفار" و"تحت السيطرة"، وهم جميعا اتسموا بالاحترافية أكثر من أن يكون فيهم "تامر محسن" نفسه، فسأتوقف بعد "تحت السيطرة" وأبدأ في كتابة فيلمي الجديد، وإذا وجده جيدا سأبحث له عن إنتاج، وليس من المهم أن يكون الفيلم بدرجة احترافية عالية على أن يكون صادقا كل الصدق.