أطلقوا عليها لقب "دلوعة الشاشة"، صاحبة صوت عذب وممبز، وأداء تمثيلي لا يشق له غبار، قدمت كل ألوان الغناء تقريبًا، وكذلك برعت كممثلة من العيار الثقيل، اكتشفها حلمي رفلة عن طريقة مسابقة للوجوه الجديدة عام 1947، لتقدم أول أعمالها الفنية في نفس العام، هي فاطمة أحمد شاكر التي أطلق المخرج الراحل حلمي رفلة اسم "شادية" لتصبح شادية السينما المصرية ودلوعة الشاشة التي نحتفل بعيد ميلادها اليوم. سطع نجم شادية وهي طفلة حيث كانت تشارك في الحفلات الغنائية التي تقيمها مدرستها، إلى أن وقعت عين والدها المهندس الزراعي على إعلان لمسابقة تقيمها شركة اتحاد الفنان فأخذها من يدها لتشارك في السابقة وتبناها المخرج الراحل حلمي رفلة. قدمت شادية في بداية حياتها أدوار الفتاة الدلوعة الشقية خفيفة الظل وظلت لفترة طويلة تقدم تلك الأدوار ولم تخرج منها إلا في أعمال قليلة مثل " بائعة الخبز عام 1953إخراج حسن الإمام"، لكنها لم تكتف بتلك الأدوار النمطية التي حاول المخرجون حصرها فيها، فقدمت عددًا من الأدوار المضيئة خارج تلك العباءة الضيقة التي أظهرت بحق طاقتها التمثيلية الكبيرة. المرأة المجهولة في ديسمبر عام 1959 قدم المخرج الكبير محمود ذو الفقار فيلمه "المرأة المجهولة" بطولة شادية وعماد حمدي وشكري سرحان وكمال الشناوي ونجمة إبراهيم وزهرة العلا، وكانت مغامرة من ذو الفقار أن يختار دلوعة السينما لتقديم دور "فاطمة" أو على الأقل كان من الممكن أن تقدم شاية دور فاطمة وهي صغيرة وأن يستعين بأخرى لتقديم الدور وهي عجوز كبيرة، خاصة أن شادية كانت معروفة وقتها بأدوارها الخفيفة الرشيقة، ولكن ذو الفقار خاض المغامرة إيمانًا بموهبة شادية فقدمت معه أول أدوارها خارج ملابس البنت الشقية ليتفاجأ الجمهور بشادية عجوز خلف القضبان، في دور يعد هو البوابة الأولى لشادية في عالم جديد عليها. حميدة في عام 1963 قدم المخرج حسن الإمام رائعته الجديدة "زقاق المدق" عن قصة لنجيب محفوظ، سيناريو وحوار سعد الدين وهبة، وبطولة صلاح قابيل و يوسف شعبان وحسن يوسف وعبدالمنعم إبراهيم وعقيلة راتب وحسين رياض، لتقدم شادية في هذا الفيلم دور حميدة الفتاة الطموحة الراغبة في الثراء بأي وسيلة وترفض حارتها بكل ما فيها ومن فيها حتى خطيبها عباس الحلو. حميدة التي انجرفت وراء فرج في رحلة البحث عن المال، قدمتها شادية بإتقان تحسدها عليه نجمات التمثيل في عصرها، حميدة التي تدرك كيف تدير أعناق رجال حارتها، والتي تظن أنها هربت من جحيمها بالهروب إلى فرج تجد نفيها في جحيم أشد قسوة معه، حتي يأتي عباس ليحقق انتقامه منها، ومرة أخرى تبرهن شادية أن ثوب الفتاة الخفية الشقية أصبح ضيقًا على موهبتها التي تحتاج إلى أدوار أكثر براحًا. كريمة في 1964 يقدم المخرج حسام الدين مصطفي فيلمه الرابع في هذا العام " الطريق" عن قصة لنجيب محفوظ وسيناريو وحوار حسين حلمي المهندس وبطولة رشدي أباظة وسعاد حسني وحسن البارودي وتحية كاريوكا، حينما تجد في قصة محفوظ شخصية مثل شخصية إلهام الفتاة النقية الطيبة المخلصة والتي تشع بهجة و حياة وبريق فسيكون الإختيار المنطقي و الطبيعي هو سعاد حسني، ولكن حينما تجد شخصية كريمة وهي النقيض تمامًا من شخصية إلهام الرغبة المتفجرة والحقد والكراهية والأنوثة غير المحدودة، ويتم اختيار شادية للدور، فهو تحد جديد أمام فنانة أثبتت قدرتها مرة وأخرى، واستطاعت شادية أن تقدم دور كريمة هذا البحر من الغواية والإغراء بطريقة مبهرة، فلا تستطيع أن تكرهها أو تلعنها و لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن تحبها أو تتعاطف معها، فأنت إذا أحببت أو كرهت كريمة تكون شادية قد فشلت في تأدية الدور، ولكن أن تخرج من الفيلم مرتبكًا في صف من تقف كريمة أو إلهام أو تقف في صف صابر الذي قتل وخان، والذي كان هو الآخر أحد ضحايا حلقة من الظروف والأحداث التي أودت به إلى حبل المشنقة، فهو أحد إنجازات هؤلاء الفنانين الكبار. فؤادة مرت 5 أعوام طويلة قدمت خلالها شادية عدد من الأفلام الخفيفة مع زوجها الفنان صلاح ذو الفقار، إلى أن جاء عام 1969، ليختارها المخرج حسين كمال في دور فؤادة في فيلمه الأيقونة "شيء من الخوف" الذي كتبه صبري عزت وعبدالرحمن الأبنودي، وأمام العملاق محمود مرسي ويحيى شاهين وصلاح نظمي وأحمد توفيق ومحمد توفيق وآمال زايد. لتقدم شادية دورها الأكثر تميزًا و براعة في فيلم توافرت فيه جميعالعناصر ليدخل ضمن قائمة أهم أفلام السينما المصرية على الإطلاق، شادية التي فتحت "هويس" موهبتها لتطلق لمشاعرها وتعبيرات وجهها العنان كي تخرج فؤادة لتنقذ قريتها، وتعيد شادية إلى مكانتها كممثلة قديرة.