أقر رئيس الحكومة اليونانية الذى يقود الحكومة اليمينية بخسارته فى الانتخابات التشريعية أمس، وأعلنت وزارة الداخلية اليونانية أن فرز ربع الأصوات المدلى بها أظهر أن حزب سيريزا اليسارى يتقدم بأكثر من 6 نقاط على اليمين الحاكم. الباحث أحمد إسماعيل يناقش في السطور التالية الأسباب التي أدت لصعود الحزب الاشتراكي في اليونان، ويلقي الضوء على طبيعة الحزب، ويرصد طريقة عمل النظام الانتخابي والبرلمان في اليونان. البرلمان اليونانى هو من ينتخب رئيس الدولة، حتى وإن كان المنصب شرفياً أى بدون أى صلاحيات، طبقا لنصوص الدستور اليوناني. في ديسمبر الماضى، فشل مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد بعد ثلاث جولات من التصويت، وفى الجولة الأخيرة كان يجب على مرشح الحكومة الحصول على 180 صوتًا من 300 صوت، إلا أنه لم يحصل إلا على 168 صوتًا، ولمنع هذا الفراغ المؤسسى، فإن الدستور اليوناني ينص على حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، كما أن الرئيس الحالي تنتهي فترته الرئاسية في مارس القادم. النظام الانتخابى اليونانى يتكون البرلمان من غرفة واحدة، يطلق عليها اسم فولي (مجلس الإغريق) ويضم 300 عضو ينتخبون لمدة أربع سنوات، من بينهم 238 نائبًا يتم انتخابهم على أساس التمثيل النسبي، في 60 دائرة انتخابية، وحتى يكون للأحزب اليونانية عضو بالبرلمان، يجب عليه جمع نسبة من الأصوات تتجاوز 3٪ ، كما يتم انتخاب 12 عضوًا آخرين من بين أعضاء قائمة الدولة، وعلى أساس التمثيل النسبي أيضاً، والحزب الذي يأتي أولًا في الانتخابات، يحصل على 50 مقعدًا مكافأة إضافية، لذا فلابد من الحصول على 151 مقعدًا للفوز في الانتخابات، وهذه النتيجة كان من السهل الوصول إليها عندما كان يسيطر حزبان رئيسان على الساحة السياسة اليونانية، لكن الأمر الآن أصبح أكثر صعوبة لتحقيق تلك النتيجة؛ للزيادة الرهبية فى عدد الأحزاب مما أحدث انقساما للأصوات وجعل من المستحيل التنبؤ بمن سيفوز في الانتخابات، على الرغم من التقدم المتواصل لحزب سيريزا اليسارى . آمال الشعب اليوناني يتقدم حزب سيريزا على بقية الأحزاب المتنافسة في الانتخابات التشريعية في آخر نتائج لاستطلاعات الرأي مستغلاً حالة السخط والضجر التى تنتاب الشعب اليوناني من سياسة التقشف التى تدعمها وتنتهجها الأحزاب السياسية التقليدية. حزب سيريزا، فرض نفسه مؤخرًا على الساحة السياسية اليونانية، بعد غياب دام أكثر من 10 سنوات على وجود ممثلين له داخل البرلمان اليوناني. وحزب سيريزا ( تحالف اليسار الراديكالي ) يعتبر حزبًا جديدًا وأن كان له جذورًا في التاريخ اليوناني باعتباره يحمل نفس أيديولوجية الحزب الشيوعي اليوناني الداخلي المؤيد لأوروبا والمناهض للبلاشفة وكان على طرف النقيض من الحزب الشيوعي اليوناني الخارجي المنحاز لروسيا القيصرية وهو مادفع العديد من الحركات والتجمعات اليسارية الصغيرة أن تتوحد في ائتلاف يحمل اسم ( سيريزا ) وبدأ يخطو سلم البداية نحو البرلمان، ففى انتخابات 2004 حصل على 3.3٪ من الأصوات مما جعله يحصل على 6 مقاعد في البرلمان، وفى انتخابات 2009 حصل على 4.6٪ من الأصوات، مما أهله للحصول على عدد 7 مقاعد إضافية في البرلمان. أليكسيس تسيبراس..المخلص رئيس حزب سيريزا الفائز في انتخابات اليونان هو أليكسيس تسيبراس، ابن اثينا البرجوازى، خريج كلية الهندسة والبالغ من العمر 40 سنة، والذي انخرط في العمل السياسي في الأحزاب اليسارية وهو يدرس في المدرسة الثانوية، ويشهد له بالهدوء والتوازن فى مناقشة المشكلات والفاعليات مع قدرة على التأثير ومخاطبة الحشود، وهو ما أهله ليصبح أصغر رئيس حزب في البرلمان اليوناني، ليكون نموذجاً للتغيير وأمل جديد لليساريين داخل البلد التى علمت العالم معنى الديمقراطية . صعود الأحزاب المناهضة للتقشف قبل الإعلان عن نتائج استطلاعات الرأي الأولى للانتخابات التشريعية اليونانية، أشاد زعيم حزب بوديموس الإسباني المناهض لليبرالية بفوز حزب سيريزا، وهو ما أعطى تحفيزًا وأملاً كبيرًا للأحزاب اليسارية الراديكالية الأخرى في أوروبا، لاسيما وان الاحزاب اليسارية فى اوربا تمكنت من جذب الناخبين، حيث حصلت هذه الأحزاب خلال الانتخابات الأوروبية لسنة 2014 على 20٪ في إيرلندا و17٪ في البرتغال، و11٪ في السويد، 10٪ في هولندا، و9٪ في ألمانيا وفنلندا، و8٪ في الدنمرك، وهو ما يفسر هذا الاهتمام الذي يحظى به حزب سيريزا اليوناني من قبل الأحزاب اليسارية الراديكالية الأوروبية، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال حضور ممثلي هذه الأحزاب فعاليات هذه الانتخابات في اليونان.