ارتفاع الأسهم الباكستانية إلى مستوى قياسي جديد بعد إقرار الميزانية الجديدة    انتقادات من إدارة ترامب لحاكم كاليفورنيا بعد تحذيره من تهديد الديمقراطية    مقتل شخصين وإصابة العشرات في غارة روسية على مدينة خاركيف الأوكرانية    الموعد المتوقع لإعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي بمحافظة البحيرة    لهذا السبب.. هنا الزاهد تتصدر تريند "جوجل"    بعد إجرائه عملية جراحية وتدهور حالته الصحية.. محمد ثروت يطالب بالدعاء لابن تامر حسني    مصرع طالب ثانوي في حادث سير بكفر الشيخ    أرقام منتخب البرازيل أمام باراجواي في الفوز الأول ل أنشيلوتي    عروس الشرقية عن زوجها: «الواعي ميعملش كدة ومحدش يتدخل في خصوصيتي» (فيديو)    الهضبة يعود بقوة إلى الساحل الشمالي.. عمرو دياب يحيي حفلًا جماهيريًا صيفيًّا وتذاكر تصل ل16 ألف جنيه!    حالة الطقس في قنا اليوم الأربعاء 11 يونيو 2025    سعر سبيكة الذهب اليوم الأربعاء 11-6-2025 جميع الأوزان.. «بكام سبائك ال5 جرام؟»    حملات صحية في بني سويف تحرر 6 محاضر وتُعدم أغذية فاسدة    تامر حسني يتحدث عن مرض نجله "آدم" ويوجه رسالة اعتذار ل محمد شاهين    موعد مباراة بايرن ميونخ وأوكلاند سيتي في كأس العالم للأندية 2025    إصابة 3 بطلقات نارية في مشاجرة بسبب النزاع على قطعة أرض بسوهاج    حملة دمياط الشاملة ترفع الإشغالات وتحمي المستهلك من تلاعب التجار    غرق طالب أثناء استحمامه فى ترعة بسوهاج    "ثلاثي في الصدارة".. أعلى 10 لاعبين قيمة تسويقية ببطولة كأس العالم للأندية    الدولار ب49.52 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 11-6-2025    فلسطين: استشهاد شقيقين برصاص الاحتلال في نابلس    تراجع جديد يلامس 500 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 11-6-2025    يحيى الفخراني عن نبيل الحلفاوي: "أصدق الأصدقاء"    عنان: متحور «نيمبوس» أقل خطورة.. ولكن أكثر تماسكاً مع خلايا الجسم    نظرة إلى العين السخنة    هل شريكك من بينهم؟ 3 أبراج الأكثر خيانة    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    لكسر الحصار.. التفاصيل الكاملة حول قافلة صمود    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    إنفانتينو: الجميع يعرف تاريخ الأهلي.. وأعلم أنه بمثابة حياة لجماهيره    ظاهرة تتفاقم في الأعياد والمناسبات .. المخدرات تغزو شوارع مصر برعاية شرطة السيسي    محمود وفا حكما لمباراة نهائى كأس عاصمة مصر بين سيراميكا والبنك الأهلى    بعد زيزو.. تفاصيل إنهاء الأهلي لصفقته قبل السفر لكأس العالم للأندية    «صفقات فاشلة».. تفاصيل تقرير ميدو في الزمالك (خاص)    ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وأمريكا ترفع قرارًا ضد إيران إلى الوكالة الذرية الدولية    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطينى    محافظ الدقهلية يتفقد شوارع المنصورة ليلا.. ويؤكد: لا تهاون فى مواجهة الإشغالات    مرض ابنى آدم وعملياته السبب.. تامر حسنى يعتذر عن حضور فرح محمد شاهين    محاقظ المنوفية يحيل موظف وحدة محلية في أشمون إلى النيابة بتهمة الرشوة    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    المذاكرة وحدها لا تكفي.. أهم الفيتامينات لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحانات ومصادرها    بطريقة آمنة وطبيعية.. خطوات فعالة للتخلص من الناموس    هل لاحظت رائحة كريهة من تكييف العربية؟ إليك الأسباب المحتملة    فريق «هندسة القاهرة» الثالث عالميًا في «ماراثون شل البيئي» لعام 2025    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    "يمثل نفسه".. الخارجية الأمريكية تتبرأ من تصريحات سفيرها في تل أبيب    السعودية تعلن انطلاق موسم عمرة 1447ه وفتح باب التأشيرات والتصاريح    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    فن إدارة الوقت بأنامل مصرية.. ندوة ومعرض فني بمكتبة القاهرة الكبرى تحت رعاية وزير الثقافة    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجربة الفيتنامية
نشر في التحرير يوم 20 - 01 - 2015

عندما اشتد البلاء على المصريين فى عصور تاريخية مختلفة، استعانوا على المصائب بالنكات والفهلوة والهجص والكيف والاستهتار بالحياة الظالمة.
ولكثرة اشتداد البلاء على مر العصور صارت وسائل الاستعانة عليه تلك من صفات المصريين. وإذا أراد المصريون تغيير أنفسهم فلا بد لهم من مواجهة الحياة بشجاعة ومواجهة البلاء بالعمل وليس بالفهلوة والاستهتار. وقد بلغ الاستهتار بالحياة حد أننا أصبحنا نميل إلى طلب المساعدة من الآخرين، ليقوموا بعمل ما يجب أن نعمله نحن لأنفسنا، فصرنا شعبا فقيرا وجاهلا وضعيفا (أكثر من نصف المصريين يعيشون على أقل من دولارين يوميا وما يقرب من نصفهم أميون ومعظمهم يعانى من أمراض الكبد والكلى والسكر والضغط) على الرغم من أن ثروات هذه الأمة البشرية والطبيعية تؤهلها، لأن تكون فى مصاف الأمم المتقدمة.
ولأننا اليوم نبحث عن طريق صحيح لبناء دولة ديمقراطية حديثة، فقد يكون من المفيد أن نتعلم من تجارب الآخرين، ليس على غرار ما تعلمناه من التجربة الدنماركية لعادل إمام، ولكن على غرار ما يجب أن نتعلمه من تجربة كوريا الجنوبية التى كانت واحدة من أفقر الدول فى العالم فى الخمسينيات، وبدأت تجربتها التنموية معنا فى الستينيات. انظروا الآن أين تقف كوريا الجنوبية وقارنوا بين تجربتنا وبين تجربتهم. ولقد شد انتباهى فى السنوات الأخيرة التقدم السريع لجمهورية فيتنام الاشتراكية، التى حاربت الفرنسيين وانتصرت عليهم، وحاربت الأمريكان وهزمتهم وأذاقتهم طعم الذل، وهى الآن بعد أن توحدت وأنهت انقسامها بين شمال وجنوب، تجرى بسرعة بالغة على مسار دقيق للتنمية، بطريقة حازت احترام العالم كله بما فيه أعداءها السابقين.
لم تستورد فيتنام أصول تجربتها التنموية من البنك الدولى ولا من صندوق النقد، ولم تحصل على معونات خليجية بالمليارات، ولم تطرد شبابها إلى عرض البحر طلبا للرزق. ونجحت فى أن ترفع متوسط الدخل الفردى من 100 (مئة) دولار سنويا فى السبعينيات إلى أكثر من ألفى دولار هذا العام (2014). وحققت خلال الفترة منذ 1990 حتى الآن معدل نمو متوسط يزيد على 7% سنويا. وزاد إنتاجها من السلع المصنعة بنسبة 22% سنويا فى العقد الأول من القرن الحالى. وبلغت قيمة تجارتها الخارجية أكثر من 250 مليار دولار، منها 125 مليار دولار صادرات. وتعتبر الصناعة هى محرك النمو والتصدير فى فيتنام، فمعدل نمو الإنتاج الصناعى يزيد على ضعف معدل النمو الاقتصادى، كما تزيد صادراتها بنسبة 20% سنويا.
ولم تتحقق هذه النتائج بالاستدانة أو على حساب التوازن الاقتصادى الكلى أو العدالة الاجتماعية. فمعدل البطالة فى فيتنام يبلغ حاليا نحو 4%، وعجز الميزانية فى حدود 1.2% من الناتج المحلى الإجمالى، والدين العام الخارجى لا يزيد على 53% من الناتج، وتستهدف الحكومة الحالية تخفيضه إلى 48% هذا العام. وحققت فيتنام نتائج مبهرة فى مجالات التعليم والرعاية الصحية ومكافحة الفقر. ونجحت من خلال سياسات إنتاجية وتوزيعية فى تخفيض نسبة السكان تحت خط الفقر المدقع (أقل من دولار واحد يوميا للفرد) من نحو 60% (1993) إلى 21% (2006) ثم إلى 14.5% (2010). وانتقلت من جدول الدول المتخلفة الفقيرة إلى جدول الدول النامية، وأعلنت فى عام 2009 أنها تستهدف الانتقال إلى جدول الدول متوسطة الدخل، تمهيدا للدخول إلى نادى الدول الصناعية!
وتعتبر صناعة الملابس الجاهزة من أهم قطاعات الإنتاج فى فيتنام فى الوقت الحاضر. وهى لا تزرع القطن وإنما تستورده من الولايات المتحدة والهند وجنوب إفريقيا، ثم تقوم بتصنيعه وتصدير الملابس الجاهزة. وأصبحت فيتنام فى غضون سنوات قليلة خامس أكبر مصدرى الملابس الجاهزة فى العالم! وتستهدف الآن زيادة قيمة صادراتها من الملابس الجاهزة فقط إلى 18 مليار دولار ثم إلى 25 مليارا فى عام 2020!
لكن فيتنام تتحول حاليا إلى صناعات القيمة المضافة الأكثر تقدما من الناحية التكنولوجية. وقد بدأت بتطوير صناعات الكمبيوتر والإلكترونيات، والدخول فى سلاسل عالمية Global Value Chains لإنتاج السلع ذات القيمة العالية، وتوسعت فى عقد اتفاقيات لتحرير التجارة مع جيرانها ومع التجمعات الاقتصادية الكبرى فى العالم. وبذلك نجحت فى جذب استثمارات أجنبية مباشرة فى قطاعات الصناعات التحويلية بمعدل يبلغ 10 مليارات دولار سنويا.
وبسبب كل ذلك تغيرت فيتنام التى خاضت حروبا قاسية، وعانت من آثار الحروب فى الدول المجاورة لها (لاوس وكمبوديا وتايلاند)، وتحولت من دولة زراعية فقيرة تعتمد على تصدير الأرز والأسماك إلى دولة تشق طريقها بسرعة إلى نادى الدول الصناعية. إن فيتنام التى بهرت العالم فى حربها ضد الولايات المتحدة الأمريكية، تبهر العالم الآن مرة أخرى بإصرارها على البناء وعلى التقدم، وبناء نموذج جديد من التنمية بالاعتماد على الذات والانفتاح على العالم والسعى للاندماج فيه بقوة على غرار النموذج الصينى. وحرى بنا بدلا من أن نتهكم على أنفسنا ب التجربة الدنماركية أن نتعلم من التجربة الفيتنامية التى ستثبت السنوات المقبلة أنها واحدة من أعظم تجارب التنمية فى العالم فى القرن الواحد والعشرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.