حياة كريمة فى الغربية.. المبادرة الرئاسية تغير الواقع بقرية دمنهور الوحش    أنا الوحيد الذي تخليت عنه مبكرا، ترامب يكشف أسرارا عن إبستين في رسالة "عيد الميلاد"    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادثي تصادم بالدقهلية    شعبة الأدوية: موجة الإنفلونزا أدت لاختفاء أسماء تجارية معينة.. والبدائل متوفرة بأكثر من 30 صنفا    مسئول بمحافظة الجيزة: عقار إمبابة المنهار عمره يتجاوز 80 عاما.. والسكان لم يبلغوا الحي بالشروخ    عمرو صابح يكتب: فيلم لم يفهمها!    100 مليون في يوم واحد، إيرادات فيلم AVATAR: FIRE AND ASH تقفز إلى 500 مليون دولار    الزكاة ركن الإسلام.. متى تجب على مال المسلم وكيفية حسابها؟    فلسطين.. جيش الاحتلال يداهم منازل في قرية تل جنوب غرب نابلس    وداعا ل"تكميم المعدة"، اكتشاف جديد يحدث ثورة في الوقاية من السمنة وارتفاع الكوليسترول    أول تعليق نيجيري رسمي على "الضربة الأمريكية"    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    انفجار قنبلة يدوية يهز مدينة الشيخ مسكين جنوب غربي سوريا    موسكو تتوسط سرّاً بين دمشق وتل أبيب للتوصّل إلى اتفاق أمني    الشهابي ورئيس جهاز تنمية المشروعات يفتتحان معرض «صنع في دمياط» بالقاهرة    وزير العمل: الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ستوفر ملايين فرص العمل بشكل سهل وبسيط    سكرتير محافظة القاهرة: تطبيق مبادرة مركبات «كيوت» مطلع الأسبوع المقبل    أمن الجزائر يحبط تهريب شحنات مخدرات كبيرة عبر ميناء بجاية    ارتفاع حجم تداول الكهرباء الخضراء في الصين خلال العام الحالي    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    استمتعوا ده آخر عيد ميلاد لكم، ترامب يهدد الديمقراطيين المرتبطين بقضية إبستين بنشر أسمائهم    زيلينسكي يبحث هاتفياً مع المبعوثَيْن الأميركيين خطة السلام مع روسيا    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    18 إنذارا للمصريين فى 10 مباريات رصيد حكم مباراة الفراعنة وجنوب أفريقيا    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    هشام يكن: مواجهة جنوب أفريقيا صعبة.. وصلاح قادر على صنع الفارق    محمد فؤاد ومصطفى حجاج يتألقان في حفل جماهيري كبير لمجموعة طلعت مصطفى في «سيليا» بالعاصمة الإدارية    أردوغان للبرهان: تركيا ترغب في تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة أراضي السودان    أمم إفريقيا - تعيين عاشور وعزب ضمن حكام الجولة الثانية من المجموعات    «اللي من القلب بيروح للقلب».. مريم الباجوري تكشف كواليس مسلسل «ميدتيرم»    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    كشف لغز جثة صحراوي الجيزة.. جرعة مخدرات زائدة وراء الوفاة ولا شبهة جنائية    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    متابعة مشروع تطوير شارع الإخلاص بحي الطالبية    ناقد رياضي: تمرد بين لاعبي الزمالك ورفض خوض مباراة بلدية المحلة    نجم الأهلي السابق: تشكيل الفراعنة أمام جنوب إفريقيا لا يحتاج لتغييرات    محافظة الإسماعيلية تحتفل بالذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق بحفل "كلثوميات".. صور    تطور جديد في قضية عمرو دياب وصفعه شاب    جلا هشام: شخصية ناعومي في مسلسل ميد تيرم من أقرب الأدوار إلى قلبي    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    أخبار مصر اليوم: سحب منخفضة على السواحل الشمالية والوجه البحري.. وزير العمل يصدر قرارًا لتنظيم تشغيل ذوي الهمم بالمنشآت.. إغلاق موقع إلكتروني مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    الزمالك يستعد لمباراة غزل المحلة دون راحة    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    واعظات الأوقاف يقدمن دعما نفسيا ودعويا ضمن فعاليات شهر التطوع    فاروق جويدة: هناك عملية تشويه لكل رموز مصر وآخر ضحاياها أم كلثوم    دهس طفل تحت عجلات ميكروباص فوق كوبري الفيوم.. والسائق في قبضة الأمن    أخبار كفر الشيخ اليوم.. إعلان نتائج انتخابات مجلس النواب رسميًا    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    حزب المؤتمر: نجاح جولة الإعادة يعكس تطور إدارة الاستحقاقات الدستورية    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيتنام.. عندما يكون اقتصاد السوق تحت رايات الشيوعية
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 10 - 2010

على الرغم من التباعد بين جيلين فى فيتنام ولد كل منهما فى زمن لا يمت للآخر بصلة فإن الحقيقة الساطعة أنهما لا يزالان قادرين على التعايش معا. الزمن الأول كان فيه الأمريكان هم العدو الأول للفيتناميين لا يأكلون أكلهم، ولا يلبسون ملابسهم، ولا يتزوجون منهم. عصر ما زال المتحف الحربى فى هانوى العاصمة، ومتحف ضحايا الحرب الأمريكية فى مدينة سايجون يذكرهما بما فعلته الأيدى الأمريكية بهم وبأولادهم وبأرضهم.
منذ ذلك الزمن وهو ليس ببعيد، إلى هذا الزمن الذى يتباهى به الفيتنامى بأنه يأكل فى المطاعم الأمريكية، ويرتدى التى شيرت الذى يحمل العلم الأمريكى، ويتعلم فى إحدى المدارس أو الجامعات الأمريكية، ويتمنى لو استطاع يوما أن يقتنى سيارة أمريكية الصنع. ويستثمر على أرضه بعض من رجال الأعمال الجدد من هم كانوا ضمن النظام العميل فى فيتنام الجنوبية. ذلك النظام الذى كان يطارد الثوار الفيتناميين كتفا بكتف مع الأمريكيين، ومنهم وزير الدفاع السابق فى آخر حكومة عميلة. وربما زيارة للقصر الجمهورى الذى كان مقرا للنظام العميل فى مدينة سايجون فى جنوب البلاد، والتى تحولت إلى اسم الزعيم الفيتنامى (هوشى منه)، ورؤية خريطة كانت الحكومة العميلة تعلقها على الحائط وتشير فيها بألوان بارزة إلى مواقع الثوار الفيتناميين تبقى شاهدا على ما ارتكبه هذا النظام. والذى هرب معظم قادته إلى الولايات المتحدة بعد أن نجح الثوار الفيتناميون فى اقتحام هذا القصر وتوحيد شطرى فيتنام تحت راية الحكومة الشيوعية.
من ذاك الزمن وحتى الآن حيث يحيا فيه 86 مليون فيتنامى يبقى الاتفاق ساريا وهو طى صفحة الماضى، والنظر إلى المستقبل لتحقيق التنمية مهما كانت المهمة صعبة، على أمل أن يأتى جيل جديد يطالب بحق مليونى فيتنامى استشهدوا فى الحرب الأمريكية، و3 ملايين من الجرحى الذين ما زال من بقى منهم يعانى حتى الآن. وعلى أمل أن يعيد هذا الجيل فتح ملف التعويضات للضحايا. وهو الملف الذى يبدو أن الحكومة الحالية، المنشغلة الآن بتحقيق التنمية، غير معنية به. ولكن يبدو أن أبرز ما اتفق فيه الجيلان هو أن الأرض الفيتنامية ليست للبيع لا لأهل البلد ولا للأجانب، ولكن الأرض سواء بغرض السكن أو الاستثمار بحق الانتفاع فقط لعدد من السنوات، وهو ما تسجلة قوانين هذا البلد حتى لا يخرج أحد عنها.
هى الأكبر
ما قطعته فيتنام على طريق التنمية ليس بقليل فقد حققت معدلات للتنمية تبقى هى الأكبر من بين جيرانها الآسيويين. حيث تراوح معدل النمو فى الناتج المحلى بنحو 7.2% سنويا. وهو ما يعنى أنه تضاعف 5 مرات خلال الفترة من 2001 وحتى عام 2008. وهو ما أوجد 12 مليون فرصة عمل خلال نفس السنوات السبع. وقد بدأت الحكومة فى اعتماد نظام صرف إعانات البطالة ابتداء من العام الماضى. حيث تبلغ نسبة البطالة 10% طبقا لدراسة أعدتها السفارة الفيتنامية فى القاهرة.
وقد استطاعت الحكومة أيضا أن تمحو أمية 94% من السكان، وأن تزيد نسبة الالتحاق بالمدارس الابتدائية من 87% إلى 97% خلال الفترة من 1990 إلى 2009. اعتمادا على زيادة الانفاق على بند التعليم حيث ارتفعت مخصصات التعليم من 15.5% فى عام 2001 إلى نحو 20% من الميزانية الفيتنامية فى 2007، وأبقت على تلك النسبة فى السنوات التالية.
الأغلبية للدولة
وفى زيارة كان محمود محيى الدين وزير الاستثمار السابق قد نظمها قبل تركه الوزارة إلى منصب المدير التنفيذى للبنك الدولى، لعدد من الصحفيين للتعرف عن قرب للتجربة الفيتنامية بدا أن هناك اختلافا واضحا بين ما تفعله الحكومة الفيتنامية وبين ما نفعله فى مصر لجذب الاستثمار الأجنبى. فبينما ترى الحكومة فى مصر أنه ليس من المعقول حجب أى نشاط على المستثمر الأجنبى، وجعله مقصورًا على الحكومة نجد أن الأمر مختلف على الإطلاق هناك. فطبقا لما ذكره فوهاى هونج نائب رئيس شركة انتاج الفحم والمعادن الفيتنامية فإن المناجم لا تملكها إلا الدولة. لأن هذه الصناعة تعد أمرا متعلقا بتوفير الأمن للطاقة فى البلاد. وتسمح الدولة للقطاع الخاص باستئجار هذه المناجم ولكن تشترط أن تظل أغلبية الأسهم للشركات فى هذا المجال فى يد المال العام بنسبة لا تقل عن 51%. طبقا للمسئول الفيتنامى. وقال إنه فى كل الحالات تسيطر الدولة على الثروات الطبيعية، وفى حالات كثيرة نخفض حجم صادراتنا إذا زاد الاستهلاك المحلى. وهو ما حدث مع الجانب الصينى حيث تراجعت صادراتنا إليه من الفحم بعدما زاد الطلب المحلى عليه. بل فى بعض الأحيان نفرض رسما على الصادرات للحد منها.
وهناك رئيس اللجنة النقابية فى أكبر مصنع فيتنامى لصناعة السيراميك والذى يساهم فيه القطاع الخاص المحلى بنسبة 49% والذى رد على تساؤل لأحد الصحفيين حول إمكانية طرح هذا المصنع للأجانب فى إطار برنامج الخصخصة رد على الفور «ولماذا نطرحه للأجانب مادام يحقق أرباحا وهو فى ظل الإدارة الفيتنامية، وتزيد فيه نسبة النمو فى الإنتاج إلى 38%؟»، على حد قوله.
وعلى جانب آخر، لا تقدم الحكومة الفيتنامية أى مزايا فى أسعار إيجار الأراضى فى المناطق الصناعية. بل على العكس فكما تقول المسئولة الفيتنامية «تران تى ثناه» التى التقاها الوفد المصرى فى المنطقة الصناعية المشتركة بين الجانبين الفيتنامى والسنغافورى فى مدينة (هوشى منه) أن سعر الأراضى فى هذه المنطقة هو أعلى من غيره من المناطق. وأرجعت السبب فى ذلك إلى أن المستثمرين فى هذه المنطقة يحصلون على ترخيص الشركة فى وقت أسرع كثيرا من غيرها فى المناطق الأخرى. وأشارت إلى أنه ليس هناك مزايا ضريبية فى منطقة أكثر من غيرها. فالكل يدفع 25% ضرائب. وتبعا لذات المسئولة الفيتنامية فإن المستثمر لا يحصل على أسعار طاقة مدعمة «لأن الطاقة فى فيتنام لا تكفى الاستهلاك» على حد قولها. ومع ذلك الصناعة فى فيتنام أصبحت تسهم بنحو 42% من الناتج المحلى الإجمالى بينما نصيب الزراعة 14%.
ليس من حق الأمريكان
يبدو واضحا أن نسبة كبيرة من الاستثمار الأجنبى من نصيب الجيران الآسيويين بدرجة تزيد كثيرا على الطرفين الأوروبى والأمريكى. ففى هذه المنطقة الصناعية بلغ الاستثمار المقبل من الطرف الآسيوى ما يزيد على 58% بينما لم تزد مساهمة الأوروبى والأمريكى معا على 10%. وفى تفسير قدمه أحد المسئولين الحكوميين لهذه النسبة المرتفعة من الاستثمار الآسيوى أوضح أن الآسيويين لا يعنيهم كثيرا ملف الديمقراطية والحريات السياسية ولا يلتفتون إلى حجم الاستقلال الذى يحظى به الإعلام الفيتنامى. فإن أهم ما يعنيهم حجم الأرباح الذى يحققونه فى هذا البلد أو ذاك. والذى يعنيهم أكثر ما يعنيهم هو إنتاجية العامل الفيتنامى ومتوسط الأجور فى المجتمع.
وليس وحدهم المستثمرون الآسيويون الذين يفكرون بتلك الطريقة ولكن أيضا المستثمر العربى. فشركة الزامل السعودية والتى تعمل فى الإنشاءات الهندسية اتجهت إلى السوق الفيتنامية. ويؤكد خالد الجبرتى مدير الشركة أن أحد أهم الأسباب التى جعلت الشركة تدخل هذه السوق هو رخص أجور العمالة الفيتنامية بالمقارنة بكل دول المنطقة، خاصة أنها عمالة على قدر كبير من المهارة. وهو ما يجعل الشركة تحقق أرباحا كبيرة بالرغم من حدة المنافسة التى تتعرض لها الشركة من المناظرين لها من الصينيين، ومن الشركات الفيتنامية المحلية وحتى من الشركات العربية الأخرى مثل الشركات الكويتية «وإن كانت الأرباح التى تحققها نفس الشركة فى مصر أكثر» على حد قول الجبرتى.
وما قاله سامى كاريكوس نائب رئيس شركة بتروفاك واللبنانى الجنسية والتى جاءت الشركة التى يعمل بها لكى تنشىء مصفاة بترول فى فيتنام ما قاله من «إننا لا نهتم كثيرا بشعارات الحزب الشيوعى المعلقة فى بعض الشوارع، ولا بالأعلام الحمراء التى ترفرف على بعض المصالح الحكومية. ولكن كل ما يعنينا كمستثمرين هو أن الحكومة تشجع بالفعل رأس المال الخاص وليس لديها رجعة عن ذلك. كما أنه يكفينا أن الفيتناميين عندما يرون أجانب يسارعون للتصوير معهم»، على حد قول كاريكوس.
والحقيقة أن هذا يبدو متسقا إلى حد كبير مع ما قالته المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية «نجوين فونج نجا» من أنه «ليس من حق الأمريكان التحدث معنا عن أى شىء يتعلق بملف حقوق الإنسان أو الحريات بالنظر إلى ملفهم مع فيتنام فى هذا المجال» تبعا للمسئولة الفيتنامية.
أى أن أغلبية المستثمرين من الآسيويين والعرب لا يعنيهم كثيرا قضايا الحريات العامة ولا يشغلهم الأوضاع السياسية ولكن كل ما يعنيهم هو استقرار الأوضاع.
الصحف لمحبى أشجار الزينة فقط
بجانب ذلك هناك عدد لا بأس به من الفيتناميين يدافع عن غياب أو حظر أى اعلام غير الإعلام الرسمى سواء الإذاعة والتليفزيون أو الصحف المعبرة عن الحكومة والحزب الشيوعى تحت دعوى أنه قبل 20 عاما لم يكن أحد قادراً على إبداء رأيه أما الآن فإن المواطن يستطيع أن يرسل شكواه إلى الجرائد وتنشرها له. ولعل أبرز المدافعين عن هذا التوجه هو نائب وزير الإعلام دو كاى دوان الذى يقول إن لدينا 700 صحيفة حكومية وليس مسموحا باصدار صحف مستقلة ولا معارضة طبقا لقانون الإعلام الذى صدق عليه البرلمان. إلى جانب هيئة الإذاعة والتليفزيون المركزية والتى تصل إلى 63 محافظة. وأن هناك 17 ألف فيتنامى يعملون فى حقل الإعلام الحكومى. ويقول إننا نبحث كيف يمكن السيطرة على بعض الممارسات التى يقوم بها الشباب على النت مثل بعض الألعاب التى يشكو منها أولياء الأمور ويطالبون وزير الإعلام بوضع حد لها، وممارسة رقابة عليها.
ويؤكد نائب وزير الاعلام أن هناك مديرا فى كل صحيفة هو المسئول أمام الحكومة عن كل ما ينشر فى الصحف. ويؤكد نائب وزير الإعلام أنه على الرغم من حظر الصحف المعارضة» فإن لدينا صحفا لمنظمات كبار السن والمزارعين والأطفال ورابطة أشجار الزينة. وهناك أسئلة كثيرة توجهها لنا وسائل الإعلام الغربية حول الرقابة على الصحف وردا على ذلك اقول لهم «إننا نتحول من اقتصاد مركزى إلى اقتصاد السوق ولكن فى ظل الدولة وهو ما يختلف كثيرا عن الدول التى تتبع السوق الحرة بكامل أدواتها»، على حد قول مسئول الإعلام الفيتنامى.
وإذا كان هذا الحديث يجد من يستمع له الآن فإنه حتما بعد وقت قريب لن تجد الحكومة من ينصت إليها، خاصة أن هذا البلد من أكثر 10 دول فى العالم ينمو فيها عدد مستخدمى الإنترنت. ونظرة إلى الشباب فى شوارع فيتنام قد تدل على ذلك بدون أدنى شك.
فيتنام.. بين جيلين
فيتنام البلد الذى يحتل الشباب فيه نسبة 60% من عدد سكانه قد لا يمر عليه زمن طويل قبل أن يلحق به تغير فى نمط حياة شعبه، بحيث يصبح الفرق بين جيلين من هذا الشعب متباعدا بدرجة لافتة. فبينما ما زال جيل من كبار السن من هؤلاء الذين عايشوا حياة المناضلين ضد الاحتلال الفرنسى حتى عام 1954، وبعدها شهدوا حركة المقاومة الفيتنامية ضد الأمريكان وأعوانهم من النظام العميل فى سايجون فى الجنوب فى السبعينيات، ما زال هذا الجيل لا يدخل المطاعم الأمريكية، ويتمسك لحد العناد بارتداء الملابس الفيتنامية. ولعله لا يكف عن الحديث بفخر عن الزعيم الفيتنامى الشيوعى (هوشى منه) الذى رفض وهو رئيس للبلاد أن يعيش فى القصر الرئاسى، وفضل أن يقيم فى كوخ خشبى مثل شعبه حتى يشعر بهم، ولم يمتلك سوى طاقمين من الملابس فقط يبدل فيهما. ويتحدث هذا الجيل عن أن الرئيس كان يتخفى وينزل فى الأسواق ويقف فى طوابير البقالات التى توزع سلع البطاقات التموينية، حتى يتأكد من أن أحدا لا يسرق شعبه قبل أن يغيبه الموت فى عام 1969. لذلك فليس غريبا أن عددا لا بأس به منهم مازال يعلق صوره على حوائط المنازل بجوار آبائهم. جيل لم ير أو يسمع سوى التليفزيون الحكومى، ولم يتح له أن يقرأ سوى جرائد الحزب الشيوعى، ولم تكن تطارد الإعلانات الاستهلاكية غربية النمط عينيه وهو جالس فى بيته أو وهو يستقل الأتوبيس العام، أو وهو يركب دراجته البخارية مثل أغلبية الفيتناميين.
بينما الجيل الجديد من الشباب خاصة من أبناء طبقة الأغنياء الجدد سواء رجال الأعمال أو مديرى البنوك الأجنبية أو شركات البترول العملاقة، أو كبار القيادات فى الدولة أو فى الحزب الشيوعى الحاكم الذين فى معظمهم يتعلمون فى المدارس الدولية، أو المدرسة السنغافورية (وهى الدولة الوحيدة الأجنبية التى فتحت مدرسة هناك) وأصبحوا يجيدون اللغة الإنجليزية التى لا يستطيع أغلبية أهل فيتنام التحدث بها. هذا الجيل يتغنى بالسوق الحرة ويسعد بوجود عدد كبير من المراكز التجارية الفخمة (المولات) التى تضم بين جنباتها أزياء ومنتجات من كبرى الماركات العالمية. ويقبل على تناول البيتزا الإيطالية. ويميل إلى أن يأكل فى المطاعم الأمريكية التى بدأت تظهر رموزها على إستحياء فى العاصمة هانوى وفى مدينة (هوشى منه) وهى بمثابة العاصمة التجارية والصناعية للبلاد. حيث ظهر عدد قليل من أفرع مطاعم كنتاكى فى محاولة لاستكشاف السوق، وما إذا كان هذا الشعب على استعداد للتخلى عن أنماطه الغذائية التى اعتاد عليها لسنوات طويلة من تناول الأطعمة المسلوقة، والمأكولات البحرية، والأرز والذى لم يعتد إطلاقا على الوجبات الجاهزة فى غذائه. ولكن قد لا يمر زمن قبل أن تمتلىء الشوارع بمطاعم أمريكية أخرى عديدة خاصة بعد أن بدأ يظهر أطفال صغار يمتازون بالبدانة فى بلد كل أهله من ذوى الأحجام الصغيرة لحد النحافة.
وبالطبع هذا الجيل ربما لم يكترث كثيرا بالبطاقات التموينية التى تم الغاؤها، والتى كانت تعطى الحق للمواطن فى 450 جراما من اللحم فى الشهر و5 أمتار من القماش. وهذا الجيل هو أيضا من يتركز فيه 25% من السكان الذين يستخدمون الإنترنت وعدد لا بأس به أصبح يتابع العالم من خلال مواقع الفيس بوك.
ولكن إلى متى يستطيع هذان الجيلان أن يتعايشا معا فهذا يتوقف على مدى ما يمكن أن تحققه الحكومة من إنجازات تجعل الجيل القديم ينسى زمنه.
فيتنام من قائمة الدول الأكثر فقرًا إلى دولة متوسطة الدخل
القفزة التى حققتها فيتنام فى تحسين الأحوال المعيشية لمواطنيها مكنتها من تحقيق كثير من الأهداف التنموية التى توافقت الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة على تحقيقها حتى عام 2015، وعلى رأسها الحد من الفقر وتعميم التعليم الأساسى وتحقيق المساواة بين الجنسين والرعاية الصحية للأطفال والأمهات والحماية من الأمراض الخطيرة.
ويرصد التقرير الذى أعدته الحكومة الفيتنامية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، بعنوان «فيتنام قطعت ثلثى الطريق لتحقيق أهداف الألفية».
إن فيتنام نجحت فى خفض معدلات الفقر لديها من 58% فى عام 1992، إلى 19.5% بعد ست سنوات، ثم إلى 14.5% فى عام 2008، وارتبط هذا الانخفاض بارتفاع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومى إلى 1200 دولار سنويا، بزيادة ثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2000، وبذلك انتقلت فيتنام من وضعية الدول الأكثر فقرا إلى المستوى الأدنى من الدول متوسطة الدخل، بحسب تقرير أهداف الألفية.
وتعتمد هذه التقديرات على المعايير الدولية لحساب خط الفقر، والتى تقيس ما يوفره دخل الفرد من احتياجاته الضرورية من الغذاء بالإضافة لنفقات المعيشة الأساسية، مثل السكن والملبس. وجدير بالذكر أن المسئولين الحكوميين الذين التقتهم «الشروق» فى هانوى يقدرون نسبة الفقراء فى فيتنام فى العام الحالى بنحو 10% من السكان.
أما من يعيشون فى فقر مدقع، والذى يتم قياسه بمدى توافر الحد الأدنى من الغذاء اللازم لبقاء الإنسان على قيد الحياة، فقد تراجعت نسبتهم من نحو ربع سكان فيتنام فى عام 1993 إلى ما يقرب من 7% فى 2008، فى حين تصل هذه النسبة إلى 4.1% فقط مقابل 39.9%، خلال نفس الفترة، إذا تم الاعتماد على خط الفقر المحسوب عند دولار واحد، بنظام تعادل القوى الشرائية الذى يراعى ما يمكن للدولار أن يشتريه من سلع مقابل ما يمكن للعملة المحلية أن تشتريه.
وتشير النسبة الأخيرة إلى تجاوز فيتنام لأهداف الألفية التى كانت تقتضى تقليص عدد من يعانون من الفقر المدقع إلى النصف فقط ما بين عامى 1990 و2015.
إلا أن التقرير يشير إلى أنه رغم تحسن الأوضاع فى مختلف المناطق فإن تراجع الفقر لم يتم بنسب متساوية، حيث تعانى المناطق الزراعية وبعض المناطق النائية أو ذات الطبيعة الوعرة، خاصة الجبلية، من انخفاض فى مستويات معيشتها أكثر من غيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.