كان عمر جلال هريدي، النائب السابق بالحزب الوطني، أحد المقربين من دوائر القرار في السلطة التشريعية والحزب آنذاك، وتحديدًا قبل ثورة 25 يناير، كما أنه كان أحد المقربين أيضًا من أحمد عز، أمين الحزب الوطني سابقًا. قال هريدي، خلال حواره مع "ويكيليكس البرلمان" إن أحمد عز وأحمد شفيق، لن يخوضا الانتخابات البرلمانية المقبلة، بأي حال من الأحوال، موضحًا أن الوجوه القديمة والنواب السابقين في الوطني، لن يفوزوا بأكثر من 40% من المقاعد، سواء كمستقلين أو نواب سابقين في أحزاب وتحالفات حزبية على النظامين "الفردي والقائمة". أضاف هريدي، أن أمناء المحافظات في الحزب الوطني، حذّروا القيادات في 22 يناير 2011، من غضب الجماهير، وطالبوا بحل مجلس الشعب والحكومة، إلّا أن صفوت الشريف، أكد لهم أن كل شيء تحت السيطرة.. وإلى نص الحوار. ** سياسات مبارك وأعضاء الوطني المنحل سبب ثورة 25 يناير ** المال السياسي جزء من العملية الانتخابية.. و اللجنة العليا تتحمل المسؤولية ** أحمد عز اعتزل الحياة السياسية ولن يترشح للبرلمان ** نواب المنحل حذّروا من اشتعال الثورة.. وصفوت الشريف: الشارع تحت السيطرة ** لماذا أعلنت خوض السباق البرلماني المقبل؟ هناك الكثير من الدوائر التي طلب أهلها، ترشّحي للانتخابات البرلمانية المقبلة، وهي دوائر بها تكتلات من الصعايدة ، وعلى رأسهم "منيا البصل في الإسكندرية، ومصر القديمة، والمنيل، وحلوان، وعين شمس، إضافة إلى مطالب أهالي دائرة الأصلية البداري بالصعيد" كما أن أفراد عائلتي وأبناء عمومتي، عرضوا عليّ الأمر كثيرًا، وأقنعوني بخوض السباق إلى برلمان 2015، وبخصوص ترشحي عن دائرتي الأساسية بمحافظة سوهاج أو الترشح عن دائرة جديدة، فلم أحسم الأمر بعد، وإن كنت أفضّل الترشح عن دائرة جديدة، لخوض التحدّي من البداية، والأهم بين كل ذلك، القدرة على خدمة الأهالي، والعمل التشريعي والرقابي الجاد للوطن بصفة عامة. ** وما تعليقك حول عودة فلول الحزب الوطني والنواب السابقين للترشح على مقاعد برلمان 2015 ؟ هذا أمر غير صحيح على الإطلاق؛ فمصر منذ عام 1952 وحتى 2010، كان الحزب الحاكم يسيطر على الحياة السياسية بصفة عامة، فيما استمدت جميع الأحزاب الموجودة منذ ذلك الحين وإلى الآن، شرعيتها من هذا الحزب، ونحن في الصعيد كنا نسعى بقدر الإمكان للتواصل مع الأحزاب الحاكمة، لخدمة أبناء الدائرة فحسب، وفي العموم فإن الحزب الوطني لم يكن يمثل عبئًا على المنتمين إليه؛ بل إن بعضهم كان يمثل كل العبء عليه، وهم السبب في سقوطه وانحداره بهذا الشكل المهين. ** لكن فساد الحزب الوطني كان السبب الرئيسي في ثورة الخامس والعشرين من يناير ؟ مقدمات ثورة 25 يناير، بدأت مع انهيار النظام السياسي لثورة 23 يوليو 1952، حيث سيطرت فكرة الحزب الأوحد الذي يحكم ويحتكر السلطة، وهو نظام ثبت فشله في كل العالم، ولم يبق إلّا في الصين وكوريا الشمالية ولهما ظروف خاصة، فكان من الطبيعي أن تفشل في مصر؛ فخرج الشعب على الحزب الحاكم وأسقطه من خلال ثورة 25 يناير، وكان أمر طبيعي أن يفشل الحزب الوطني، في ظل تدهور الحياة السياسية والاقتصادية وغيرهما. ** وهل كانت هناك مؤشرات وإرهاصات للثورة ؟ كانت هناك تحذيرات من غضب الجماهير والثورة، وفي يوم 22 يناير2011 ، دعت أمانة التنظيم، برئاسة أحمد عز، أمناء المحافظين، إلى اجتماع عام، حضره أعضاء من الأمانة العامة وأمناء المحافظات، وتم تكليف اللواء عبدالرحمن شديد، أمين الحزب بمحافظة القليوبية آنذاك، بالتحدث نيابة عن أمناء المحافظات، وخلال الاجتماع قال شديد، إن هناك حالة غضب كبير بالشارع المصري في المحافظات كافة، وطالب بضرورة حل مجلس الشعب في أسرع وقت، حتى يهدأ الشارع المصري، وامتصاصًا لغضب الثائرين، لكن خلال الاجتماع حضر صفوت الشريف، واستمع لوجهة النظر والتحذيرات من تحويل ما يحدث في الشارع إلى ثورة عارمة تقضي على الأخضر واليابس، لكنه في النهاية أكد أن كل الأمور تحت السيطرة، ولا مخاوف من غضب الجماهير، إلّا أن معظم أمناء المحافظات، لم يقتنعوا بكلام صفوت الشريف، وبالتالي كان الأمر متوقعًا بالفعل. ** يتحمل الحزب الوطني ونظام مبارك مسؤولية الفساد وتدهور الأوضاع التي أدت إلى اندلاع الثورة ؟ لا شك في ذلك، فرغم وجود إنجازات عديدة للرئيس السابق، حسني مبارك، إلّا أن هناك تدهور كبير حدث في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد والزراعة وغيرهم، ما تسبب في انهيار الحياة السياسية بصفة عامة، ومن ثم حدوث إرهاصات ثورة الخامس والعشرين من يناير. ** وانتشار الفقر ؟ المعدلات الاقتصادية كانت تنمو بشكل طبيعي وجيد، وكان هناك نمو اقتصادي ومخزون احتياطي نقدي، لكنه كان اقتصاد فئة "الواحد في المائة" الذي لم يستفيد منه الشعب؛ بل عدد قليل كان هو المستفيد، ما أدى لاتساع الفجوة بين الفقراء من معظم الشعب ورجال الأعمال؛ فزاد الأغنياء غنى والفقراء فقرًا، لذا خرج الشعب في مسيرات ووقفات احتجاجية باحثًا عن لقمة العيش والعدالة في توزيع الثروة والموارد الاقتصادية. ** أيضًا تزاوج المال بالسلطة من أهم أسباب قيام الثورة وزيادة الفساد ؟ فكرة تزاوج رأس المال بالسطلة، تصلح في الدول العريقة لتطبيق الديمقراطية، لأنها تضمن وجود ضوابط وقوانين تمنع سيطرة المال على السلطة، لكن ما حدث عكس ذلك عل الإطلاق؛ فقد طغى رأس المال على السلطة، ما أدى إلى تفشي الفساد وغياب الرقابة، كما أن زيادة عدد رجال الأعمال داخل الحزب الوطني والحكومة، ساهم بشكل كبير في فساد الحياة السياسية بصفة عامة. ** برلمان 2010 وأحمد عز.. سببان أيضًا لاشتعال الثورة ؟ تعددت أسباب ثورة 25 يناير، وتداعت على نظام الحكم، بداية من عام 2007، بعد التعديلات الدستورية وتعديل 34 مادة وإلغاء الإشراف القضائي على العملية الانتخابية، وهو ما مهد للنتائج التي حدثت في انتخابات 2010، لكن كان هناك تمهيدًا للثورة؛ لم يتنبه له النظام الحاكم، تمثل في قضاء مجلس الدولة بالأحكام التي زلزلت أركان نظام الحكم في مصر وأصدرت أحكامًا بإلغاء عقود بيع القطاع العام، وكذلك إلغاء ما يسمى بالخصخصة، وزيادة التجمعات العمالية، ولو أدرك نظام الحكم، في ذلك الوقت، أن تلك الأحكام مقدمات لثورة لتغير الحال، لما حدثت الثورة من الأساس، لكن النظام في سنواته الأخيرة، فقد احساسه بالشارع تمامًا، وانفصل عن الناس؛ فكان من الطبيعي والمتوقع أن تنفجر حالة الغضب وتقوم الثورة. ** وما يتعلق بأمين تنظيم الحزب الوطني وقتذاك، أحمد عز ؟ نتيجة انتخابات 2010، واستحواذ أعضاء الحزب الوطني عليها، في شتى محافظات مصر، مسؤولية يتحملها الحزب الوطني المنحل، وليس أحمد عز بمفرده، بالإضافة إلى بعض الممارسات غير المقبولة من أعضاء الحزب الوطني، فعلى سبيل المثال، قام نائب دشنا، محمد مندور، بصفع فرد شرطة على وجهه، بعد مشادة عنيفة بينهما، وأصرّت وزارة الداخلية وقتها على رفع الحصانة عنه، وتقديمه للمحاكمة، ورفضت الاعتذار بأي شكل من الأشكال، كل هذه أمور وضعها المواطنون في أذهانهم لسنوات طويلة، حتى انفجرت في وجه الحزب الحاكم وأربابه. ** ولماذا يحرص أعضاء الحزب الوطني على دخول برلمان 2015 مرة أخرى وإثارة الشبهات على الساحة السياسية من جديد ؟ هذا من عيوب النظام الفردي، لأن النظام الفردي له آليات لا يجيدها إلّا بعض الأشخاص، وليس شرطًا أن يتمتعوا بالكفاءة في العمل التشريعي والرقابي، لذا يحجم عدد كبير من الشخصيات العامة عن خوض العملية الانتخابية، نتيجة التركيبة المجتمعية وسيطرة القبلية والعائلية والعصبيات، خاصة في الريف والصعيد. بالإضافة إلى أنه كان أمرًا طبيعيًا نتيجة ثورة 25 يناير، أن يحدث تغير جذري، لكن الثورة قامت على نظام حكم، ولم تقم على نظام طبقي أو اجتماعي؛ فظلت العائلات كما هي، وهذا هو الفرق بين ثورة 25 يناير و 23 يوليو، لذلك لا يجب أن نستعجب من تزاحم نواب الحزب الوطني على الترشّح للبرلمان المقبل. ** لكن ذلك يتيح للمال السياسي السيطرة على العملية الانتخابية برمتها ؟ المال السياسي جزء من العملية الانتخابية والسياسية، لكني أحمل اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية مسؤوليتها، فيجب أن تقوم بدورها لمراقبة عملية الإنفاق والتمويل، خاصة أن القانون توجد فيه كل الوسائل لمراقبة الإنفاق وتحجيمه ومنع سيطرة المال السياسي، وتحجيم دوره؛ بتنفيذ الضوابط الموجودة، وبالتالي يمكن السيطرة عليه نهائيًا، كل ذلك إلى جانب وعي الناخبين، خاصة في دوائر الصعيد والوجه البحري. ** كيف ترى دور الأحزاب السياسية وقدرتها على خوض انتخابات البرلمان ؟ أعتقد أن الأحزاب القديمة أو التي نشأت بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ستلعب دورًا مهمًا في المرحلة المقبلة، وسيكون له أدورًا كبيرة في الانتخابات النيابية، ومن الطبيعي أن الأحزاب لم تستطع أن تملأ الفراغ الذي تركه الحزب الوطني؛ بسقوطه، لأنها أحزاب معارضة، تأخذ وقت كبير للوصول للشارع، عكس الأحزاب الحاكمة التي تولد كبيرة. الأهم من ذلك أيضًا أن الحزب الوطني، عطّل عمل الأحزاب السياسية بأكملها ووضعها في خانة محددة، لم تستطع الخروج منها بمرور الوقت؛ فخسرت رهانها على الشارع، وغابت عنها الإيديولوجيات السياسية، بخلاف حزب الوفد الممثل لليبرالية، وحزب التجمع ممثل اليسار، أمّا بخصوص الشارع فقد ساهم ما حدث للأحزاب من عزوف المواطنين أصحاب العقول المفكرة، عن المشاركة السياسية الفعالة، ومن هنا نشأت أجيال تشبعت باليأس والإحباط والملل، ويتحمل نظام مبارك مسؤولية كل ذلك، بسبب ممارساته السياسية السلبية والطريقة الأحادية التي حكم بها مصر، طيلة العقود الماضية. ** كيف ترى الحكم ببراءة الرئيس السابق حسني مبارك من تهمة قتل المتظاهرين ؟ الرئيس مبارك، شأنه شأن أي رئيس أخر، له إيجابيات وسلبيات، أمّا بالنسبة لحكم البراءة، فأعتقد أن القضاء المصري مستقيم ونزيه، ومن هنا لا يسعني التعليق على أحكامه بصفة عامة، لأنه العمود الأساسي في بناء أي مجتمع متماسك، ولا بد من احترام أحكامه في مجملها. ** ما رؤيتك للتحالفات الانتخابية التي تشكّلت مؤخرًا لخوض انتخابات البرلمان ؟ كنت أفضل أن يكون هناك قوائم متعددة للأحزاب، وأن يكون لكل حزب قائمة بمفرده، حتى يحدث تنوعًا وإثراءً للعملية الانتخابية، لكن الفكر القديم والمورث لا يزال يسيطر على العقول والمشهد السياسي والانتخابي. اعترض على تشكيل تحالف انتخابي على سبيل المثال تحت اسم "القائمة الوطنية" وكأن ما دون ذللك ليس وطنيًا مخلصًا لبلده، خاصة أن ذلك يتوافق مع سياسة الحزب الوطني المنحل، والتي كانت سببًا رئيسيًا في كره الشارع له، وبالنسبة لمقاعد البرلمان المقبل؛ فستكون قاسمًا مشتركًا بين القوائم المختلفة، ولن يكون هناك أغلبية كبيرة داخل البرلمان. ** وماذا عن المرشحين المستقلين ؟ الأغلبية المقبلة، إذا كنّا سنطلق عليها أغلبية، ستكون شتاتًا من كل الإيديولوجيات والأحزاب السياسية، ولن يسيطر تيار بعينه على برلمان 2015، وغير وارد على الإطلاق حصول أي حزب على الأكثرية، وسيكون هناك تمثيل لائق لعدد من المستقلين، لكن الذين يتمتعون فقط أو ما يرتبطون بعلاقات قوية داخل دوائرهم، ولديهم دعم عائلي وقبلي لا يستهان به. ** أمّا نواب الحزب الوطني المستقلين ؟ النواب السابقين بالحزب الوطني موجودين في كثير من الأحزاب والتحالفات الموجود حاليًا، لكن مجموعة النواب القدامى الذين قرروا خوض الانتخابات، لن يتجاوز عددهم 30% من المرشحين، كما أنه لن يتجاوز عددهم داخل الأحزاب كمستقلين نسبة ال 40 % من الفائزين بالمقاعد البرلمانية عامة. ** باعتقادك.. هل قائمة الجنزوري هي الأقوى بين القوائم كافة ؟ التحالفات والأحزاب تسعى للترشح على قائمة الدكتور كمال الجنزوري، لأنها ليس لها فرص حقيقية على أرض الواقع، ولا تستطيع حصد المقاعد الفردية بأي حال من الأحوال، وما فعله حزب الوفد؛ باستقلال قوائمه ومرشحيه، دون الانضمام لأي تحالف سياسي، أمر منطقي للغاية، ويرسخ لتواجد قوي خلال الفترة المقبلة. ** أخيرًا.. هل سيخوض أحمد عز أو الفريق أحمد شفيق الانتخابات النيابية المقبلة ؟ أحمد عز لم يخوض الانتخابات المقبلة، ولن يعود للعمل السياسي مرة أخرى، وكل ما يروج في هذا الإطار من قبيل الشائعات فحسب، وهو نفس الأمر بالنسبة للفريق أحمد شفيق، لأنه يعيش خارج مصر، وأعلن من قبل عن عدم خوضه السباق البرلماني المقبل.